الشيخ المرحوم "أحمد الحصري"، شخصٌ يعرفه الكبير والصغير في "معرة النعمان"، ومازالت الألسن تتداول مواقفه وسيرته أينما اتجهت من "المعرة" إلى "حلب" و"حماه" و"دمشق"، وهو من مواليد "المعرة" سنة 1909، والده الشيخ "مصطفى صالح الحصري" .

توجه موقع eIdleb إلى إمام "الجامع الكبير" الشيخ "درويش زريق" وسأله عما يستذكره عن الشيخ "أحمد الحصري" فأجاب :«الشيخ "أحمد" كان مشهوراً بأنه قوي الإرادة ولا يسكت عن منكرٍ أبداً، عندما كنت طالباً درست العلوم الشرعية على يديه في "معهد الإمام النووي" الذي قام بتأسيسه.

كان الشيخ معروفاً بصلابته وعزة نفسه، وكان جريئاً في مواجهة الباطل ومحاربته، ولديه رأي صحيح في كل الأمور وقوة إقناع للآخرين، وعُرف بقوة خطبته وجرأته فلم يتأثر بأي ضغوط

كان محباً لأهل "المعرة" بشكل ٍ كبير ولديه إخلاص وصبر في الدعوة، وقد تحمّل أعباء ومشقة إنشاء "جمعية النهضة الخيرية"، فكثيراً ما كان يحمل المال على ظهره من القرى المجاورة ويوصله بيديه إلى الفقراء ويحرص على هذا المال كما يحرص على أولاده، وهو متصوف وفقيه ذو هيبة عظيمة، له مواقف مشهودة في تاريخ "المعرة"».

الشيخ درويش زريق إمام الجامع الكبير

للشيخ "الحصري" ستة ذكور وثلاث بنات من زوجته "عديلة بلاني" وكلهم على درجة عالية من الثقافة، ابنه "مصطفى" ترتيبه الثاني من الذكور وهو أستاذ متقاعد يحمل إجازة في العلوم الشرعية، التقيناه وسألناه عن نشأة والده فأجاب: «أتم الشيخ "أحمد" دراسته الإبتدائية في "المعرة"، ونشأ لدى الشيخة "حنيفة محلول " برغبة في العلم جامحة، ثم تابع دراسته في "المدرسة الخسروية" في "حلب"، ولشدة فقر والديه عمد أبواه لخياطة معاطف لطلبة العلم من "بطانيات" أو "أغطية" وبيعها، ومن أساتذته المشهورين "أحمد الزرقة" والشيخ "القلعجي"، تأهل لإكمال دراسته في مصر إلا أن فقره منعه من السفر، عُين بعد ذلك معلماً في قرية "كفر زيتا" في محافظة "حماة" وإماماً في جامعها ومكث فيها 17 عاماً».

وبعد عودته إلى "المعرة" تابع الشيخ "مصطفى" قائلاً: «بعد أن توفي الشيخ "أحمد الدبل" إمام "الجامع الكبير"، طلب أهل "المعرة" من الشيخ "أحمد الحصري" أن ينوب مكانه وعاد من القرية خاصةً بعد وفاة والده وضرورة وجوده إلى جانب أمه وإخواته، وتم نقله برغبته من ملاك التربية إلى ملاك الإفتاء، فعُين مدرساً دينياً في "الجامع الكبير" ويتصف علمه بصفة النظري والعملي، فكان المرجع الوحيد لكل من يسأل عن أمور الدين، وحارب الكثير من الأمور اللاشرعية».

الشيخ مصطفى الحصري وولده

وعن تأسيسه "جمعية النهضة" في لـ"معرة" قال الشيخ "مصطفى": «وجد الشيخ رحمه الله أن في "المعرة" طبقة من الفقراء والأرامل واليتامى ففكر في مساعدتهم وعرض هذه الفكرة على وجهاء "المعرة" مثل "محمود الجعفر" و"تاج القطيني" وغيرهم من أهل الدين والخير فوجد لديهم رغبة في ذلك وكوّن ما يسمى "جمعية النهضة الإسلامية" في خمسينيات القرن الماضي، وكان يخرج بنفسه إلى القرى ليجمع من أهل الخير زكاة أموالهم، وفي مواسم الحصاد يسافر من أول الأسبوع حتى آخره سعياً لكف حاجة الفقراء».

أسس الشيخ "أحمد" أيضاً معهداً شرعياً في "المعرة" أسماه "معهد الإمام النووي"، وعن دافعه في تأسيس المعهد قال الشيخ "مصطفى": «رأى الشيخ أن هناك جهلاً في أمور الدين بين الناس، فقرر إفتتاح المعهد بعد أخذ موافقة الجهات المعنية، ويسجل هذا الإنجاز له حتى وفاته حين قال: (المعهد الشرعي هو رأسمالي ومربحي من هذه الحياة). في آخر أيامه أُصيب بمرض احتشاء العضلة القلبية وتوفي في العام 1986».

معهد الإمام النووي بالمعرة

وعن طباع الشيخ "أحمد" تابع ابنه مصطفى قائلا: «كان الشيخ معروفاً بصلابته وعزة نفسه، وكان جريئاً في مواجهة الباطل ومحاربته، ولديه رأي صحيح في كل الأمور وقوة إقناع للآخرين، وعُرف بقوة خطبته وجرأته فلم يتأثر بأي ضغوط».