«ولد المجاهد "خالد زيدان" عام /1898م/ وتوفي عام/1980م/ في قرية "حاس" وكان له شخصية متميزة جداً عن أقرانه»، هذا ما ذكره السيد "نجم زيدان" ولد السيد "خالد زيدان" حين التقاه موقع eIdleb يوم 11/3/2009م في قريته الواقعة غربيّ "معرّة النعمان" /بستة كيلومترات/ تقريباً، وأضاف عن والده المجاهد قائلاً:

«كان من القلائل الذين يجيدون القراءة والكتابة في القرية، وقد برع في الشعر الشعبي حتى ذاع صيته، وربما موهبة الشعر جعلت روحه متوثبة وميزته بصفاء السريرة وجعلت شخصيته نزقة لا تطيق على الظلم صبراً، وقد حدّثنا كثيراً عما لاقاه من أهوال حين كان جندياً ولمدّة /أربع سنوات/ في الجيش التركي التاسع، والذي كان بقيادة "كمال أتاتورك" مما أطلعه على الظلم والاضطهاد الذي عاشه بنفسه، وما إن سمع بقوات "الشريف حسين" تدخل شرقي نهر "الأردن" حتى التحق بها مع مجموعة من رفاقه نذكر منهم "عمر الأبرش، و"جميل عفيسة" من "معرة النعمان" و"سعيد الأحمد" من قرية "تلمنس"، وهناك التحق ورفاقه بالقوات العربية في مدينة "الرملة الفلسطينية"، ثمّ دخل "دمشق" مع القوات العربية بقيادة الأمير "فيصل".

أنتم بطيب العيش ما جادتكم أخبار/ وأهل القدس ذاقوا أهوال عظام وين الذي عالدين والعرض بيغار/ وين الذي بالحرب عنهم بيحامي

ولم تدم فرحة التحرير طويلاً فحين دخلت القوات الفرنسية إلى لبنان وأرادت التوجه إلى سورية سارع مع رفاقه للالتحاق بقوات "يوسف العظمة" وتمركز معهم في "ميسلون" وقد روى لي قصّته مع "يوسف العظمة" بقوله: «قبل دخولنا في المعركة بساعات كنت أتفقد مدفعي، فإذا بيد تربت على كتفي فنهرت صاحبها، ليتركني وشأني، وحين التفت إلى الخلف وجدت وزير الحربية "يوسف العظمة" شخصياً هو من فعل ذلك، وبعد أنّ قدّمت له التحية سألني: «كيف سترمي العدو حين تشاهده؟ فشرحت له ما تعلمته من أساليب القتال، وأكدت له -بمعنوياتي العالية- بأنّ إصابتي ستكون مباشرة، فقال الوزير "يوسف" لست قلقاً ولا خائفاً على البلد طالما أنّ أمثالك يقفون بالمرصاد للعدو».

ابن المجاهد الأستاذ "نجم زيدان"

«وكم حزّ بنفس الوالد ما حصل له (أضاف السيد "نجم زيدان") حيث وجد قذيفة من مخلّفات الحرب العالمية الأولى بجانب المدفع، وحين لمسها انفجرت بيده فنقل إلى المشفى للعلاج حين بدأت المعركة، وهذا ما أبكاه كثيراً، وفي المشفى قال له الطبيب سنقطع يدك فرجاه والدي ألا يفعل وأن يبقي له ما يساعده على مسك قبضة "المحراث" لزراعة أرضه فليده عائلة تنتف الذقن»، وهذا ما جعل الطبيب يبذل كلّ جهده ليبقي له إصبعين عاش بهما حتى وفاته رحمه الله، وحين قامت حرب /1948م/ التحق بقوات "فوزي قاوقجي" وقد قال في تلك المناسبة شعراً شعبياً منه:

«أنتم بطيب العيش ما جادتكم أخبار/ وأهل القدس ذاقوا أهوال عظام

وين الذي عالدين والعرض بيغار/ وين الذي بالحرب عنهم بيحامي».

  • سمعتك تقول إنه كان يساهم بحلّ الخلافات التي كانت تحدث في القرية أو في القرى المجاورة؟
  • «نعم وهناك العديد من القصص التي أعرفها عن عمله كمحكّم اجتماعي فمرةً طلب منه أن يتوسط لفضّ خلاف بين عائلتين وكانت العائلة صاحبة الحق تطالب بفدية مقدارها /خمسين ألف ليرة ذهبية/ والعائلة الثانية لم تكن تملك هذا المبلغ فعرضت أن تدفع خمس ليرات ذهبية فقط وهنا تظهر حنكة المحكّم»، يتابع "زيدان": «حيث قال للعائلة الأولى بأن خصومهم وافقوا على دفع /خمسين ليرة/ وأقنع العائلة الثانية بأن خصومهم رضوا /بخمس ليرات ذهبية/ ولأنه لا يملك القدرة على المساعدة دعا وجهاء من المنطقة وحين حضر الوجهاء سمعوا من الطرفين فاستغربوا الفارق بين ما يطلبه الطرف الأول وبين ما يعرضه الطرف الثاني فسألوا والدي مستغربين كيف أخبرتنا بأن الخلاف قد انتهى؟ فقال لهم انتهى بوجودكم، فدفعوا المبلغ من جيوبهم وتمّ فضّ الخلاف».

    أخيراً هذه السيرة التي عرضناها لمجاهد ومحكّم ومصلح لذات البين لم تنتهِ فصولها بوفاة الرجل بل تابعها ولده السيد "نجم زيدان" ليكون من وجهاء ومحكمي المنطقة وصدق المثل الشعبي حين يقول «من خلّف ما مات».