رغم اندثار هذا المنصب (قاضي القضاة) والذي كان رئيساً ومرجعاً للقضاة في أغلب فترات الحضارة العربية الإسلامية، إلا أن روحه ما زالت باقية، هذا إذا تنازلنا عن حرفيتها لمصلحة روحها. فالسيد "خالد القاسم" بتاريخه الحافل الطويل في سلك القضاء، وميزته الاستثنائية على كل القضاة في سورية وهي أنه تسلم منصب (المحامي العام) لثلاث فترات غير متتالية، يشكل ظاهرة في عالم القضاء.

«أستاذنا "خالد القاسم" كان مهتماً جداً بتسيير أمور الناس، وكان نصيرهم والواقف إلى جانبهم بحزم، يتقبّلُ أيّ شكوى بحق العاملين في سلك القضاء، ويحرص على إبلاغ صاحب الحق حقه، هذا عندما كان محامياً عاماً، أما في مجال القضاء فقد عُرف بالنزاهة، قاضياً مهنياً متابعاً لمستجدات القوانين والاجتهادات القضائية».

أستاذنا "خالد القاسم" كان مهتماً جداً بتسيير أمور الناس، وكان نصيرهم والواقف إلى جانبهم بحزم، يتقبّلُ أيّ شكوى بحق العاملين في سلك القضاء، ويحرص على إبلاغ صاحب الحق حقه، هذا عندما كان محامياً عاماً، أما في مجال القضاء فقد عُرف بالنزاهة، قاضياً مهنياً متابعاً لمستجدات القوانين والاجتهادات القضائية

كان هذا ما ذكره المحامي الأستاذ "أسعد الفرج" عن تجربة القاضي "خالد القاسم" الذي التقاه موقع eIdleb في مزرعته بتاريخ 1/3/2009 ليحدثنا عن تجربته الطويلة في سلك القضاء وحنينه الواضح لها، فيبدأ بالقول: «لو عشتم الآن الظروف التي عشناها وبعضاً من معاناتنا لكان الكثير منكم تخلى عن دراسته وتحصيله العلمي، إلا الصابرون. على أيامنا كانت المدرسة الوحيدة في "سراقب" تدرّس حتى الصف الرابع الابتدائي فقط، فدرست هذه المرحلة في بلدتي، وأكملت الصف الخامس والسادس في مدينة "إدلب"، ثم أتممت تعليمي الإعدادي والثانوي في مدرسة "المأمون" بـ"حلب"، وبعدها كانت الرحلة الطويلة إلى جامعة "دمشق "حيث دخلت كلية الحقوق وتخرجت فيها عام 1966»

السيد سعد كنجو

شغل السيد "خالد القاسم" "أبو حسين" العديد من المناصب القضائية وتدرج فيها لأكثر من ثمانية وعشرين عاماً، حيث كان لا بد من أن يستحثّ ذاكرته التي أسعفته دائماً وبدقة متناهية ليحدثنا عنها قائلاً: «بعد تخرجي في كلية الحقوق وأنا الخريج الخامس في تاريخ بلدتي "سراقب"، مارست مهنة المحاماة من العام 1966 حتى العام 1977 وفي ذات العام عُينت رئيساً للنيابة العامة بـ"حلب" حتى نهاية العام 1978، ثم انتقلت إلى قضاء "إدلب" وتدرجت في العديد من المواقع القضائية أولها كان قاضياً في محكمة بداية جزاء "إدلب" العام ومن ثم مستشاراً في محكمة الجنايات وبعدها في محكمة الاستئناف المدنية وأخيراً في محكمة استئناف الجزاء».

هذه المراحل والتنقلات بين محاكم "إدلب" كانت في الفترة الواقعة ما بين العام 1979 الذي تسلم فيه منصب ( المحامي العام) حتى العام 1990 ليعود بعدها إلى رئاسة محكمة الاستئناف المدني بـ"إدلب" ومن ثم رئاسة محكمة الجنايات حتى العام 1994 الذي عين فيه محاميا عاماً للمرة الثانية حتى العام 1995- تبع تلك الفترة العودة إلى محكمة الاستئناف المدني لغاية العام 2001».

السيد خالد القاسم في منزله

وعن تعيينه لمنصب المحامي العامي للمرة الثالثة يقول: «الحمد لله كان الختام المشرف الذي أفخر به والاستثناء الذي لم يحظ به قاضٍ سوري، وهو عودتي ثالثة لتسلم مهام (المحامي العام) حتى نهاية خدمتي في العام 2005 حيث أحلت إلى التقاعد بتاريخ 23/2/2005 بعد بلوغي السن القانوني (65) عاماً الخاص بالقضاة. خلال هذه الفترة عاصرتُ تسعة وزراء للعدل أولهم كان الأستاذ "أديب النحوي " وآخر من عاصرت منهم الأستاذ "محمد الغفري"»

تقاعد "أبو حسين" من القضاء ولكن لم يتقاعد من الحياة كما ذكر لنا السيد "سعد كنجو" ابن شقيقة السيد "خالد" قائلاً: «خالي "أبو حسين" نجح في جوانب كثيرة من الحياة غير الجانب المهني، فأسرته أكبر دليل على نجاحه، أولاده "حسين" و"طلال" أطباء ،و"فارس" محامي ، و"حسن "رجل أعمال ومزارع ناجح، وأصغر أولاده "هشام" يسير على خطى والده ويتابع تحصيله العلمي في كلية الحقوق، وهو أيضاً من كبار المزارعين في المنطقة، يعشق الأرض ويتعامل وفق أحدث المناهج العلمية الزراعية، وقد حصل على أكثر من ثناء من "المؤسسة العامة لإكثار البذار" لاهتمامه العلمي ومراعاة معايير الزراعة الحديثة، ولالتزامه المطلق مع المؤسسة».

من الجدير بالذكر أن السيد "خالد القاسم" من مواليد مدينة "سراقب" عام 1940 للميلاد.