كانت الأغنية الشعبية ولا تزال المعبر الرئيسي عن وجدان العامة والبسطاء، والمطرب الشعبي "أحمد تلاوي" (أبو حسين) خير من أتقن هذا اللون.

"تلاوي" الذي عُرف طوال حياته باسم "التلاوي أبو حسين" واحدٌ من ألمع فرسان الأغنية الشعبية في "إدلب"، له ما يزيد على خمسة آلاف حفلة غنائية مسجلة وموثقة.

ما تزال العتابا والميجنا تملأن مرابعنا وليالينا ومازال الصبية والشبان في أريافنا يحفظون العتابا ويرددون الميجنا، وإني على يقين بأن بيتاً واحداً من العتابا الراقية يمكن أن يجمع بين رجلٍ من أهل "سراقب" وآخر من "حلب" وثالث من "اللاذقية" ورابع من "الحسكة" في جلسة سمر سيطول ليلها على أثر هذا البيت، وإن بيتاً آخر يمكن أن يتسبب في ذرف دموع مجموعة من النسوة اجتمعن في مأتمٍ لا يمتّنّ لميته بأية صلة، إنها صورة الحقيقة لمشاعر وقيم الإنسان في بلدنا، شعرٌ في مجمله ارتجاليٌّ تدفق صادقاً بما يخالج النفس من مشاعر إنسانية، إنها الأصالة

وُلدَ المطرب الشعبي "أحمد تلاوي" (أبو حسين) عام (1946) في مدينة "سراقب" التي تقع على شبكة طرق دولية منها طريق "دمشق- حلب" و"دمشق– باب الهوى" وطريق "حلب– اللاذقية"، "أبو حسين" منذ (35) عاماً يصدح ويشدو في عالم الأغنية الشعبية، ومن أشهر ما غنى: "مندل ياكريم الغربي مندل".

يرتدي مطربنا لباسه الشعبي المعروف بالثوب العربي (الجلابية) التي تتلاءم مع لون الغناء العربي الأصيل وغنى في الحفلات إلى جانب "فؤاد غازي" و"جورج وسوف" و"صالح رمضان" و"أبو حسن الحريتاني" و"عقيل قدور" و"أحمد علي الحسن" و"أبو عبد القضيماتي" و"أسعد جابر" و"حبيب منصور" ومن المطربات الشعبيات "سورية حسن" و"سورية سعود" و"خديجة محمد" و"هنادي محمد".

يخبرنا "أبوحسين" (التلاوي) بعد هذا المشوار الطويل أن الاغنية الشعبية ترافق الإنسان من الصرخة إلى الصرخة.. أي من الصرخة الأولى التي يطلقها معلناً الحياة.. إلى الصرخة الاخيرة التي يطلقها عليه قريب أو صديق، معلناً فراقه، هي أي الأغنية الشعبية تصعد من أعماق الجماهير وتنتشر في مواقع العمل الصعب، في الأزقة والحواكير والجبال والسهول والمعارك والسجون والعشق والموت والولادة، تتناقلها أفواه الكادحين والمشردين، جيلاً بعد جيل بلهجات بسيطة تخترق الوجدان الجماعي دون أن تنتسب لقائل معين أو زمن محدد مع أنها قد تنتسب لعبقرية شعبية فذة.

ويضيف "أبو حسين": «ما تزال العتابا والميجنا تملأن مرابعنا وليالينا ومازال الصبية والشبان في أريافنا يحفظون العتابا ويرددون الميجنا، وإني على يقين بأن بيتاً واحداً من العتابا الراقية يمكن أن يجمع بين رجلٍ من أهل "سراقب" وآخر من "حلب" وثالث من "اللاذقية" ورابع من "الحسكة" في جلسة سمر سيطول ليلها على أثر هذا البيت، وإن بيتاً آخر يمكن أن يتسبب في ذرف دموع مجموعة من النسوة اجتمعن في مأتمٍ لا يمتّنّ لميته بأية صلة، إنها صورة الحقيقة لمشاعر وقيم الإنسان في بلدنا، شعرٌ في مجمله ارتجاليٌّ تدفق صادقاً بما يخالج النفس من مشاعر إنسانية، إنها الأصالة».

الجدير ذكره أن "أحمد تلاوي أبو حسين" قدم وما يزال منذ (35) عاماً باقة مختارة من الأغاني الشعبية والعتابا والميجنا، التي شملت من حيث الواقع أكثر من (20) موضوعاً منها: التأمل والغزل، عتاب الأحبة، الوفاء، المرأة، الليل والخمرة، في العود والوتر والربابة (آلة موسيقية ريفية،لها وتر واحد ويعزف عليها بوساطة قوس مصنوع من شعر ذيل الحصان) في نجوى الفؤاد والديار والضيعة، في العيد، في الهجر في الغياب، في المداوي، وفي الرسائل مع الطير والنسمة والقمر، في فراق الأحبة، في النجوى مع القمر المسافر والعيون الدامعة، في عتاب الزمن والدنيا والسماء، في خريف العمر والوحدة، وفي نجوى القبر ومحاكاة الموت.