آلية استطاعت مزج خبرة المزارعين وأصحاب الحقول مع المعلومات والبيانات الأكاديمية التي يملكها الفنيون الزراعيون؛ لينعكس هذا بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي ونوعية المحاصيل للمزارعين المشتركين.

هذه الآلية تسمى مدارس المزارعين، تجربة مرغوبة في المحافظات السورية تتسع دائرتها عاماً بعد آخر وحولت الحقول إلى مدارس تعليمية، المزارع "عبد العزيز العمر" من مدرسة الزيتون، قال: «الشيء الأهم بالنسبة لنا كمزارعين أننا لمسنا النتائج الإيجابية على صعيد كمية الإنتاج ونوعيته وأيضاً خفض التكاليف، وأصبح لدينا خبرة أكبر أضيفت إلى خبرتنا الزراعية السابقة حول بعض النقاط المتعلقة بكيفية التعامل مع الشجرة وكميات الأسمدة ونوعها التي يحتاجها حقل الزيتون، وكذلك المبيدات وكميتها وأوقات رشها المناسبة».

الشيء الأهم بالنسبة لنا كمزارعين أننا لمسنا النتائج الإيجابية على صعيد كمية الإنتاج ونوعيته وأيضاً خفض التكاليف، وأصبح لدينا خبرة أكبر أضيفت إلى خبرتنا الزراعية السابقة حول بعض النقاط المتعلقة بكيفية التعامل مع الشجرة وكميات الأسمدة ونوعها التي يحتاجها حقل الزيتون، وكذلك المبيدات وكميتها وأوقات رشها المناسبة

المزارع "جابر اليوسف" من مدرسة الفستق الحلبي تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 شباط 2014: «لقد أثبت هذا الأسلوب فائدته في نشر المعلومات الإرشادية بين المزارعين المنتسبين إلى المدرسة وتبادل الخبرة الزراعية، وكذلك بالنسبة إلى المزارعين الآخرين غير المنتسبين إلى المدرسة، وتشجيعهم على تطبيق الإرشادات والتعليمات التي تم التوافق عليها والاستفادة من التعليمات التي يطبقها المزارع المنتسب، وخاصة بعد أن لمسوا جدواها من خلال المقارنة بين الحقول المختلفة وما تم تطبيقه في كل منها».

درس لطلاب المدرسة تحت ظل شجرة

المزارع "توفيق عثمان" من مدرسة الشوندر السكري: «مدارس المزارعين فرصة حقيقية للفلاح لتعلم الطرائق السليمة في الزراعة وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي كانت سائدة تجاه بعض العادات الزراعية، وتعلم الطريقة الصحيحة للفلاحة من حيث العمق وعدد الفلاحات وأوقاتها، كذلك غيرت قناعاتي الخاطئة فيما يخص كمية البذار المستخدمة للدونم الواحد؛ حيث أصبحت أزرع 18كغ في الدونم بدلاً من 35كغ، والقيام بتحليل التربة قبل زراعتها لتحديد حاجتها من الأسمدة بدقة».

ويقول المهندس "محمد نور طكو" معاون مدير زراعة "إدلب": «بدأ تطبيق أسلوب المدارس في محافظة إدلب موسم 2007 - 2008 بمدرستين متخصصتين في أسلوب الإدارة المتكاملة للآفات، هما الإدارة المتكاملة لدودة ثمار التفاح في قرية "الناجية"، و"الهالوك" بالنسبة للعدس في قرية "معصران".

درس عن تقليم شجرة الزيتون

وفي العام 2008 تحولت مدارس المزارعين من أسلوب الإدارة المتكاملة للآفات إلى أسلوب الإدارة المتكاملة للمحصول؛ التي تتضمن جميع عمليات الخدمة من الإدارة المتكاملة للآفات والتسميد وتحليل تربة والحراثة وجني المحصول والتعبئة والتوضيب وتسويق المنتج وتخزينه؛ حيث تم تنفيذ خمس مدارس وهي: قمح مروي في "سنقرة"، وبقوليات في "آفس"، وفستق حلبي في "سكيك"، ومدرستان للزيتون في كل من "زرزور"، و"معرشمشة".

وفي عام 2009 تم تنفيذ ست مدارس، وفي العام 2010 عشر مدارس، وفي عام 2011 ست عشرة مدرسة، وقد توزعت المدارس المنفذة خلال العام 2013 على 7 مدارس متخصصة في محصول القمح، و5 للزيتون، ومدرسة واحدة لكل من الكرز واللوز والفستق الحلبي والشوندر السكري، إضافة إلى مدرسة متخصصة في تربية الأبقار.

الكتابة على السبورة في مدارس المزارعين

ومن خلال تطبيق هذا النهج تم تعريف المزارعين بالأمراض والآفات والاعتماد على الجمع اليدوي للحشرات والامتناع عن الرش العشوائي للمبيدات والاعتماد على المصائد الفرمونية، والبدء باستخدام المكافحة الحيوية كأسلوب من أساليب الإدارة المتكاملة، وتعبئة وتوضيب وتسويق المنتج وتخفيض معدل البذار، ما أدى إلى توفير في مستلزمات الإنتاج على المزارعين وزيادة هامش الربح».

تجربة أصبح عمرها ست سنوات وعن ذلك تحدث المهندس "عمر بدوي" رئيس دائرة الإرشاد بمديرية زراعة "إدلب" بالقول: «مدرسة المزارعين الحقلية برنامج تدريبي حقلي ونظام إرشادي جديد تبنته وزارة الزراعة على عدد من المحاصيل الزراعية الهامة كالقمح والزيتون والفستق الحلبي والتفاح، يستمر لموسم كامل حول المحصول والخدمات الزراعية المقدمة له وعملية مكافحة الآفات حسب تخصص المدرسة، ويكون أعضاء المدرسة شركاء في التدريب والإدارة واتخاذ القرارات الفنية.

ويتضمن برنامج المدرسة عقد لقاءات دورية من بداية الموسم وحتى ما بعد الحصاد وجني المحصول وإجراء التحاليل للتربة مع التأكيد على جلب عينات حية من كافة الظواهر المشاهدة في الحقل من قبل المشاركين ومناقشته، وتوزيع نشرات تحوي كافة المعلومات التفصيلية حول الموضوع الرئيسي مع صور توضيحية وعينات حية، ثم إجراء تقييم عام للحقل وما تم تنفيذه من أعمال».

وأضاف: «المدرسة مكانها الحقل وتضم من 15-20 مزارعاً من منطقة واحدة ممن يزرعون محصولاً معيناً ويديرها مشرف فني من الوحدات الإرشادية، ويتم تأمين مستلزماتها من مقاييس للحرارة والرطوبة والسطوع الشمسي ومقصات التقليم والعدسات المكبرة وبعض المستلزمات الأخرى من لوح وورق وأقلام، ويقدم للمزارع صاحب حقل التجربة السماد حسب نتائج تحليل التربة ومواد المكافحة الآمنة والمصائد الفرمونية والأعداء الحيوية حسب توافرها وعند الحاجة والبذار اللازم للحقل.

ويتناول أعضاء المدرسة في البداية المشكلات التي تواجه كلاً منهم والطريقة التي يتعاملون بها لزراعة أرضهم، وعلى هذا الأساس يتم تحديد منهج العمل الذي سيتم اتباعه واختيار حقل التجربة الذي سيكون موضع مقارنة مع نتائج حقول المزارعين الأخرى.

ويتم تقسيم الأعضاء إلى مجموعات تتألف كل منها من خمسة أو ستة أعضاء مع مشرف، يعمل كل منها على جمع عينات وتسجيل الملاحظات عن الحقل والعمليات الزراعية المقدمة بدءاً من الفلاحة وأنوع البذار والسماد المناسبة والكميات الواجب استخدامها وموعدها وصولاً إلى عملية الري وكمية المياه اللازمة ومواعيدها، ومراقبة تطور النبات والتغيرات التي طرأت عليه والآفات التي أصابته وطرق الوقاية والمكافحة والمبيدات الواجب استخدامها؛ حيث تعرض على أعضاء المدرسة وتتم مناقشتها وكيفية التعامل معها».