تنتهج العديد من دول العالم أساليب مختلفة للترويج لآثارها ومتاحفها وسخروا التكنولوجيا الحديثة لتحقيق هذه الغاية، فكانت المتاحف الافتراضية "النشر الالكتروني لمقتنيات المتاحف الواقعية" كأبرز خطوة على طريق تعريف السائحين بمكنونات متاحفها، حيث شهد هذا الاتجاه تطورات مهمة في العديد من دول العالم.

فمع ازدياد أعداد المتاحف حول العالم، وتباعد المسافات فيما بينها من جهة، ورغبة الكثيرين في مشاهدة المقتنيات المتحفية خاصة الطلاب والباحثين في المجالات المتخصصة كالتاريخ والفنون، كل ذلك أظهر أهمية استخدام الانترنت كوسيلة يقوم المتحف من خلالها بعرض مقتنياته المتحفية، ويقدم معلومات حولها ويستقبل الاستفسارات ويرد عليها، وأصبح من النادر وجود متحف لا يمتلك صفة على الشبكة تعرض بعض أنشطته ومقتنياته في الوقت الحاضر، ولعل المتحف البريطاني من أبرز الأمثلة على المتاحف الواقعية التي استفادت من الانترنت لنشر خدماتها المتحفية، كذلك متحف البريد القومي في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يسمح بالقيام بجولات داخل المتحف على الشبكة، الأمر الذي يتطلب من الجهات المختصة في بلدنا البدء في مشروع رقمنة متاحفنا السورية الغنية بمحتوياتها النادرة على مستوى العالم.

بدأنا هذا المشروع بخطوات فاعلة، حيث نعمل منذ العام الماضي على نظام قواعد بيانات نظام أرشفة القطع الأثرية وهذا النظام أصبح موجوداً الآن، وتم تحميله في خمسة أقسام في المتحف الوطني في "دمشق"، والآن هو قيد العمل ويحوي ما يقارب ثمانية آلاف قطعة أثرية مدخلة، وفي الفترة القصيرة القادمة سيتم تعميم هذا النظام إلى ستة متاحف أخرى في "إدلب" و"حلب" و"طرطوس" و"اللاذقية" و"حماه" و"تدمر"، وسيتم مستقبلاً إنشاء قاعدة بيانات مركزية تشمل كل متاحف "سورية" من خلال منظومة الربط في الشبكة التي نعمل عليها حالياً، ونحن عندما أجرينا دراسة المشروع وتحليل النظام حاولنا الاستفادة من كافة التجارب العالمية في هذا المجال حتى وصلنا إلى التحليل المطلوب

موقع eIdleb ناقش إنجاز هذا المشروع من خلال لقاء عدد من الشخصيات التي كان لها حضورها الفاعل في ندوة "المعلوماتية في خدمة الآثار" التي أقامها فرع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في "ادلب". المهندس "فراس الشيخ كريم" رئيس اللجنة الإدارية للجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في "إدلب"، تحدّث عن سمات المتحف الافتراضي، والدعم الذي يمكن للجمعية أن تقدمه في مشروع إنجاز متاحف افتراضية سورية بالقول: «إن بناء المتحف الافتراضي باستخدام التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد يسمح للمستخدم التجول داخل قاعات متحفية حقيقية، وبالتالي إمكانية مشاهدة القطعة الأثرية من مختلف وجوهها، كذلك المتاحف الافتراضية تستخدم أسلوب الإبحار عبر الخرائط الجغرافية والقوائم للتجول داخل المتحف، كما أنها تقدم نشاطات عبر شبكة الانترنت كإقامة منتديات حوار مع الزوار وتقديم المعلومات حول المقتنيات والبحوث الجديدة وتلقي الاقتراحات والإجابة عن الاستفسارات، ونحن في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية يمكن أن يكون لنا دور فعال في إنجاز هذا المشروع الهام، من خلال استضافة المواقع اللازمة لهذه المتاحف وتوفير المساحة التخزينية اللازمة لموضوع الاستضافة عن طريق مزود خدمة الانترنت الخاص بالجمعية، كذلك يمكن أن نوفر مبرمجين لبناء المتحف الافتراضي بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار والمتاحف».

المهندس فراس الشيخ كريم

بدوره المهندس "عبد السلام ميداني" مدير تقانة المعلومات في المديرية العامة للآثار والمتاحف، تحدّث عن مشروع التوثيق الرقمي للقطع الأثرية في المتاحف السورية بالقول: «بدأنا هذا المشروع بخطوات فاعلة، حيث نعمل منذ العام الماضي على نظام قواعد بيانات نظام أرشفة القطع الأثرية وهذا النظام أصبح موجوداً الآن، وتم تحميله في خمسة أقسام في المتحف الوطني في "دمشق"، والآن هو قيد العمل ويحوي ما يقارب ثمانية آلاف قطعة أثرية مدخلة، وفي الفترة القصيرة القادمة سيتم تعميم هذا النظام إلى ستة متاحف أخرى في "إدلب" و"حلب" و"طرطوس" و"اللاذقية" و"حماه" و"تدمر"، وسيتم مستقبلاً إنشاء قاعدة بيانات مركزية تشمل كل متاحف "سورية" من خلال منظومة الربط في الشبكة التي نعمل عليها حالياً، ونحن عندما أجرينا دراسة المشروع وتحليل النظام حاولنا الاستفادة من كافة التجارب العالمية في هذا المجال حتى وصلنا إلى التحليل المطلوب».

ولبعض الدول العربية ولا سيما "مصر" تجربة رائدة في هذا المجال، وعن ذلك يحدثنا المهندس "عمر الجندي" مدير مشروع توثيق المتاحف المصرية بالقول: «قمنا من خلال مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بتوثيق 2 مليون قطعة أثرية موجودة خارج "مصر" في حوالي 850 مجموعة خاصة أو متحفية، تم توثيقها وتصويرها ووضعها على الانترنت بكامل بياناتها الأثرية، حيث تم تنظيم استمارة بيانات أثرية كاملة عن كل قطعة أثرية مصورة وموضوعة لعموم الناس على الانترنت في موقع المتحف المصري العالمي www.globalegybtianmuseum.org وهذه تجربة أولى، وهناك تجربة أخرى تتمثل بموقع مصر الخالدة www.eternalegybt.org هذا الموقع حاز عام 2005 على جائزة أفضل محتوى الكتروني على مستوى العالم، موقع مصر الخالدة يضم قطعاً أثرية من داخل المتاحف المصرية نقدمها بأسلوب روائي مصور، فنحن نسير في مشروع توثيقي الكتروني موحد للمتاحف المصرية الإقليمية الموجودة داخل جمهورية "مصر" العربية، توثيق ورقمنة القطع المعروضة وليست الموجودة في المستودعات، وقاعدة بيانات مصورة بأكثر من لغة، مصورة بدقة عالية جداً وصور تعريفية ستكون موجودة على الانترنت قريباً، وبالتالي فإن مشروع رقمنة المتاحف المصرية هو الآن بانتظار العروض النهائية، واقتراحات الشركات لتنفيذه».

المهندس عبد السلام ميداني

ولكن ما دور المتاحف الافتراضية في عملية الترويح السياحي؟، الأستاذ "محمد ميمون فجر" مدير السياحة تحدّث عن هذا الجانب بالقول: «كما نعلم بأن المتاحف السورية تتمتع بغنى كبير من اللقى الأثرية الفريدة على مستوى العالم، وإن نشر هذه اللقى على الانترنت سوف يعطي دفعة قوية وجذباً كبيراً للسياح من أجل القدوم إلى متاحف "سورية"، فالمتاحف الافتراضية تكشف مكنونات كل المتاحف في العالم، وبالتالي السائح يختار من هذه المتاحف أغناها ويقرر زيارتها، والذي يحصل حالياً أن بعض المتاحف ذات المقتنيات المتواضعة تمتلك قدرة ترويجية كبيرة فتغري السائح بزيارتها، ولكنه يفاجأ بمحتوياتها المتواضعة فتكون بذلك مقصداً غير مرضٍ للسائح، أما متاحفنا السورية الغنية بمقتنياتها في حال تمتعت بترويج جيد- والمتاحف الافتراضية طبعاً جزء هام من هذا الترويج- فستكون بكل تأكيد مقصداً سياحياً مرضياً لكل السائحين، وبالتالي ستكون محطة دائمة ضمن الأجندة السياحية لهم، لذلك فنحن في سورية بأمسّ الحاجة لمثل هذه المواقع لكي تظهر للعالم مدى غنى وأهمية مقتنياتنا الأثرية مقارنة مع مقتنيات الكثير من متاحف العالم».

المهندس عمر الجندي