بهدف التعريف بالمواقع الأثرية والسياحية في بلدة "سرمين" القريبة من مدينة "إدلب" واحتفاء بيوم المرأة العالمي والذي يصادف مرور 1400 عام هجري على وفاة الصحابية الجليلة "خولة بنت الأزور"، أقامت مديرية السياحة في "إدلب" بالتعاون مع الاتحاد النسائي في محافظة "إدلب" يوم الأربعاء 9/3/2011 ندوة بعنوان "خولة بنت الأزور مثال المرأة العربية"، وذلك في بلدة "سرمين" على مقربة من ضريح الصحابية "خولة بنت الأزور".

وخلال الندوة تحدث العميد المتقاعد "عبد الرحمن زكور" رئيس رابطة المحاربين القدماء في "إدلب" عن التاريخ النضالي للمرأة العربية بالقول: «كانت المرأة شريك للرجل في كافة جوانب الحياة، وإن الدور النضالي الذي لعبته هو أحد تلك المجالات، فكانت المرأة تخلف الرجل في خيمته وأولاده ومتاعه وظعنه وتحمي الديار بغياب الرجل الذي كان يسعى وراء رزقه أو في غزواته، وفي قراءة الدور النضالي للمرأة العربية يمكننا ملاحظة محورين: الأول هو الدور القيادي لها في المعارك مثل الإمبراطورة "جوليا دومينا والزباء وشجرة الدر"، والمحور الثاني مشاركة المرأة للرجل في المعارك، وتتجلى تلك المشاركة بعدة أشكال، فمن تأمين الإمداد اللازم من السلاح والطعام للمقاتلين وحراسة الخيام، وهو الدور الرئيسي والذي نسميه اليوم حماية مؤخرة الجيوش، وفي هذا الدور نذكر دور السيدة "صفية بنت عبد المطلب" عمة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما تصدت لليهودي الذي تسلل إلى المدينة بعد خروج الجيش الإسلامي في إحدى الغزوات حيث هاجمته بعمود المنزل وقضت عليه، شكل آخر لمشاركة المرأة في القتال تمثل في تضميد الجرحى وهذا ما كانت "ميمونة بنت الحارث الهلالية" تفعله في غزوة "تبوك"، فهي أول امرأة ألفت فرقة نسائية لإسعاف الجرحى، وكذلك "أم خلال" زوجة "عمر بن الجموح" عندما حملت يوم "أحد" زوجها وأخيها شهداء على ظهر البعير، ومن أشكال مشاركتها في القتال حث الجنود على القتال وعدم الاستسلام، وها هي السيدة "فاطمة الزهراء" بنت الرسول الكريم رافقت والدها في "أحد والخندق وخيبر والفتح"، وكذلك فعلت "هند بنت عتبة" عندما صاحت بقومها بعد فرار المشتركين يوم "أحد"، و"أسماء بنت يزيد الأنصارية" بنت عمة "معاذ بن جبل" التي قتلت ستة من جنود الروم حيث راحت تضرب من ينهزم من جنود المسلمين وتقول لهم أين تهربون وتتركونا "للعلوج"، ومن أشكال تلك المشاركة دورها في مرافقة المقاتلين في المعارك، وهذا ما جسدته نساء محافظتنا في مرافقتهنّ ثوار الشمال بقيادة "إبراهيم هنانو"، وكان لها مشاركة فعلية في القتال مثل "أم عمارة نسيبة المازينية" ونذكر دورها في "أحد" وهي تذود عن رسول الله، وزوجة "أبان بن سعيد بن العاص" التي حملت قوساً وانضمت لنبالة المسلمين وقتلت عددا من جنود الرومان،إلى جانب العديد من الشهيدات اللواتي روين بدمائهنّ تراب الوطن».

يمكننا أن نلخص وضع المرأة في الإسلام بخمسة ثوابت، أولها أن المرأة والرجل من أصل واحد لا خلاف في ذلك البتة، قال تعالى: "لقد خلقناكم من نفس واحدة"، وثاني تلك الثوابت أن المرأة شخصية مستقلة فلا اندماج ولا اندراج قال تعالى: "إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى"، المبدأ الثالث أن النساء شقائق الرجال في الحياة الاجتماعية وفي ذلك يقول الرسول الكريم: "إنما النساء شقائق الرجال"، فهي شقيقة الرجل في الحياة، والثابت الرابع أن النساء شقائق الرجال في الحياة السياسية فهي تبايع وتهاجر وتترشح وتتداول الأحاديث المتعلقة بالأمة، وخامساً المرأة ذات أهلية كاملة من غير حرمان ولا نقصان وليست الأنوثة من عوارض الأهلية أو التي تضعفها

ويضيف "عبد الرحمن زكور": «بالحديث عن المجاهدة "خولة بنت الأزور الأسدية" التي عاشت وتربت في الصحراء العربية فاكتسبت منها الذكاء والفراسة وقوة البدن والصفاء، كان لـ"خولة" وقائع كثيرة وأبلت بلاء كبيراً في الفتوحات الإسلامية وعمرت طويلاً وتوفيت سنة 35 للهجرة، وكانت مشهورة بالشجاعة والفروسية ومن مواقفها الباسلة عندما أسر أخاها "ضرار" في معركة "أجنادين" سنة 13 للهجرة، ركبت حصانها ووضعت اللثام على وجهها وانطلقت نحو منطقة القتال تشق صفوف "الرومان"، فرآها المقاتلون المسلمون وسألوا عن هذا الفارس الملثم الذي يزعزع كتائب "الرومان" فلما رآه "خالد بن الوليد" أعجب لبسالة هذا الفارس فسأله "ويحك لقد شغلت قلوب الناس وقلبي فمن أنت" فقالت له أنا "خولة بنت الأزور أخت ضرار الذي أسره الرومان"، فشكل فرقة لإنقاذ الأسرى فتوسلت "خولة" إليه أن يسمح لها بمرافقة الحملة، فذهبت معهم وكمنوا للروم وانقضت مع الفرسان على الجنود وحررت أخاها، وكذلك فعلت عندما أسر أخوها مرة ثانية وثالثة، ويوم أسر النساء في موقعة قرب "حمص" استطاع "الرومان" أسر بعض النساء ومن بينهن "خولة"، فوقفت تخطب بالنساء الأسيرات تثير فيهنّ الحماسة وطلبت منهنّ اقتلاع أعمدة الخيام وتشكيل حلقة دائرية وضرب الجنود الذين يقتربون منهنّ وقتلن في تلك الواقعة ثلاثين جندياً».

العميد المتقاعد عبد الرحمن زكور

الدكتور "محمود عكّام" مستشار وزير الأوقاف ومفتي محافظة "حلب" تحدث عن المرأة في الإسلام بالقول: «يمكننا أن نلخص وضع المرأة في الإسلام بخمسة ثوابت، أولها أن المرأة والرجل من أصل واحد لا خلاف في ذلك البتة، قال تعالى: "لقد خلقناكم من نفس واحدة"، وثاني تلك الثوابت أن المرأة شخصية مستقلة فلا اندماج ولا اندراج قال تعالى: "إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى"، المبدأ الثالث أن النساء شقائق الرجال في الحياة الاجتماعية وفي ذلك يقول الرسول الكريم: "إنما النساء شقائق الرجال"، فهي شقيقة الرجل في الحياة، والثابت الرابع أن النساء شقائق الرجال في الحياة السياسية فهي تبايع وتهاجر وتترشح وتتداول الأحاديث المتعلقة بالأمة، وخامساً المرأة ذات أهلية كاملة من غير حرمان ولا نقصان وليست الأنوثة من عوارض الأهلية أو التي تضعفها».

بدورها السيدة "نهيدة قصاص" عضو اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الإشتراكي تحدثت عن إسهامات المرأة في الحضارة العربية بالقول: «إن مجرد اختيار "خولة بنت الأزور" كموضوع لندوة الاحتفال بيوم المرأة العالمي هو بحد ذاته تكريم للمرأة، وإن التميز في شخصية المرأة لا يتعارض على الإطلاق مع طبيعتها الأنثوية، كما أن الوفاق بين شطري الحياة ه شرط للاستمرار، وفي قراءة متأنية لشخصية المرأة النموذج من خلال مواقفها العديدة في التاريخ العربي نجد "زنوبيا" التي توجت ملكة على "تدمر" أيام الحرب مع "الرومان"، كما تبرز ملامح العبقرية في شخصية "جوليا دومينا" التي أسرت قلب "سيبروس" فكانت متصرفة بالأمور الإدارية وهي التي تربت في بيت منشغل في العلم، وابنت "حمص" الحالية التي خرجت من هذه المحافظة لتتابع مسيرة "جوليا" وغيرها من البطلات، ولا يغيب عنا ما وصلت إليه المرأة في مستويات بلغت حد العبادة كآلهات اليونان والرومان والعرب أيام الجاهلية، وتطالعنا عبر الحقب أسماء كثيرة لنساء حظينّ بالاهتمام العالمي على المستوى الأدبي وهن كثيرات، وفي الوقت المعاصر ونتيجة توفر الظروف الجيدة نجد أنفسنا أمام "خولات" كثيرات والأسماء عديدات في مختلف المجالات والمساهمات الأدبية والفكرية والثقافية، وجاء تكريم السيد الرئيس للمرأة عندما أوكل للدكتورة "نجاح العطار" مهمة نائب السيد الرئيس».

الدكتور محمود عكام

مدير سياحة "إدلب" "محمد ميمون فجر" قال عن هذه الاحتفالية: «عملنا بالتعاون مع فرع الاتحاد النسائي على تنظيم هذه الاحتفالية في هذا المكان بهدف التعريف بالمواقع السياحية في بلدة "سرمين"، والتأكيد على دور الاحتفالية في تبادل الأفكار ووجهات النظر والتعريف بالدور البارز الذي لعبته المرأة على مر العصور، وإن بلدة "سرمين" حاضرة عريقة تحتضن العديد من الأضرحة وعلى رأسها ضريح الصحابية "خولة بنت الأزور" إضافة للعديد من المواقع الأثرية من حمامات وقبور رومانية وآثار إسلامية نفيسة، وإني متفائل جداً بمستقبل السياحة في بلدنا حيث شهدت "سورية" في العام الماضي أفضل موسم سياحي في تاريخها لتصبح ثالث دولة في العالم في تحقيق نمو سياحي شامل، وإن ما دار خلال الندوة من حوارات ونقاشات وتبادل الرؤى والأفكار التي تخدم قضية المرأة وتأخذ بيدها على معراج التقدم والرقي، وتسهم في تعزيز دورها الوطني الفاعل في بناء مجتمعنا محققة موقع الريادة وسمو الاقتداء بها في إطار إنساني وديمقراطي عادل بالحقوق والواجبات، مشتركة في عملية التنمية الشاملة المستدامة، لقد دخلت المرأة كل المجالات وتبوأت كل المناصب فلم يبقى أي موقع قيادي حكراً على الرجل فحسب فوضع المرأة يعكس قيما اجتماعية فاضلة ونظما سياسية سامية لهذا المجتمع العربي الحضاري، وحق للمرأة السورية أن تفخر وتفاخر بما تحقق لها من دعم ورعاية واهتمام في عهد السيد الرئيس "بشار الأسد"».

وقد تم خلال الندوة تكريم عدد من السيدات المتميزات في محافظة "إدلب" وهن: الدكتورة "هند دويدري" والمحامية "فاتنة فنري" والمربية "أمون حسون" والمربية "جانيت كباد" والموجه التربوي "ميساء رجب"، وترافقت الندوة بجولة سياحية وأثرية في البلدة، وقد حضر الاحتفال محافظ إدلب المهندس "خالد الأحمد" وقائد شرطة محافظة "إدلب" ورئيس اتحاد غرف السياحة السورية "محمد رامي مارتيني" ورئيس غرفة سياحة المنطقة الشمالية الدكتور "بطرس أسد" ومديرو الدوائر الرسمية ورؤساء المنظمات الشعبية وعدد كبير من أهالي بلدة "سرمين".

السيدة نهيدة قصاص