معضلة صحية سببها قضية رياضية نتجت عن اهتمام شريحة كبيرة من الشباب بنوع من رياضات الألعاب الفردية، وعادةً لا يكون لهذه المسألة أي صلة بالرياضة، لكن الاحتمال الأكبر يشير إلى ميول رياضية صنعتها الرغبة بالظهور وإبراز العضلات وقوة الجسم.

أصدقاء هذه الرياضة القلائل هم من مرتادي صالات بناء الأجسام المنتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة، ومن الشباب الراغبين بمنح أجسامهم اللياقة البدنية الكافية وإنقاص الوزن أو التخلص من الدهون والشحوم الزائدة، لكن الأمر يتعدى تلك النظرة أحياناً عند البعض لتصبح أكثر من ذلك، وتتحول رياضة كمال الأجسام من مستوى عادي إلى آخر عال وقاس جداً.

المنشط يمنح الجسم الحيوية والقوة خلال التدريب دون إلغاء كون ذلك الجسم أصبح مرهقاً، والمشكلة أن البعض من الرياضيين يستخدمون عقاقير معينة لإكساب قواهم الاستمرار مدة أطول مما يريدونه، وهذا يُعرض القلب لأزمة مفاجئة، ويستخدم لاعبو بناء الأجسام هرمونات لتضخيم عضلاتهم ما يعرضهم لأخطار جسيمة

موقع eSyria رصد مجموعة من الآراء التي تناولت موضوع رياضة كمال الأجسام وآثارها النفسية والجسدية على الشباب، وبدايةً التقى السيد "علاء البم" وهو صاحب إحدى صالات التدريب البدني في مدينة "المعرة"، والذي حدثنا عن علاقة الشباب بهذه الرياضة قائلاً: «نلاحظ إقبالاً شديداً واهتماماً كبيراً من قبل الشباب على تحسين مظهرهم الشخصي وإبراز عضلاتهم، ولم يكن ذلك الهاجس موجودا منذ بضعة سنوات، لكن تطور الأجهزة الرياضية وسهولة التواصل معها بعد انتهاء فترة المدرسة أو العمل جعل الأمر من السهولة بمكان، ولا يكتفي البعض من الشباب بذلك، بل يطمحون للحصول على عضلات كبيرة ليُشابهوا الأبطال العالميين أو المحليين، ويستخدمون الإبر الخاصة لنفخ هذه العضلات مثل "السيسرون" البشري أو ما شابه».

السيد علاء البم

وبالنسبة لما يُقال عن متاجرة بعض أصحاب الصالات الرياضية بالإبر الهرمونية المساعدة على تفتيح العضلات، رد "البم" على هذه المسألة بالقول: «لا أخفي أن البعض من الشباب تتوق أنفسهم بعد التدريب القاسي إلى الحصول على جسم بارز خلال أقصر فترة زمنية، فيتعاطون المنشطات والهرمونات التي تساعد على ذلك، وغالباً ما يؤمن لهم تلك الإبر القائمون على أمر صالات التدريب الرياضية، حيث يتعهد لهم مدربوهم بمواصلة تدريبهم حتى يحصلوا على جسم منتفخ وعضلات كبيرة، لكن بالنسبة إلي شخصياً فإنني لا أتدخل بهذا الموضوع بل أتركه للشخص نفسه ولا دخل لي بإعطائه الإبر أو بيعها للمتدرب أياً كان السبب».

بطل محافظة "إدلب" في لعبة كمال الأجسام وهو الشاب "علاء شيخ الحارة" الذي حصل العام الماضي على لقب بطل الجمهورية في هذه اللعبة، تحدث عن الخطر الداهم الذي يعرض له بعض الشباب أنفسهم نتيجة تعاطي أنواع الهرمونات والإبر، حيث قال: «أنا أعلم أن العديدين يطمحون للحصول على عضلات مفتولة وجسم متكامل ومتناسق ويُضحون بأموالهم وأنفسهم لبلوغ تلك الغاية، وبذلك لا يهمهم نوع المادة المستوردة التي يشترونها، وتكون المادة بالأساس مهربة، وإذ بنا نفاجأ بجسد كبير وعضلات قوية خلال فترة قصيرة، ووراء ذلك هم التجار الذين يتعاملون مع آمري صالات التدريب لاستغلال أموال الشاب وإغرائهم بمستقبل رياضي واعد وشهرة واسعة».

صورة أحد ابطال اللعبة في صالة تدريب

وفي الأحوال الطبيعية كيف يحصل لاعب كمال الأجسام على جسده دون استخدام الهرمونات؟

عن هذا السؤال أجاب اللاعب "شيخ الحارة" قائلاً: «الموضوع بحاجة إلى وقت وجهد شاقين، ومن خلال الإصرار وحده والتحدي يمكن للاعب تنمية عضلاته بالتدريبات المنتظمة في البداية، والغذاء المنتظم وهو ما يكون من لحوم الدواجن وبيوضها، وينتهي التدريب باتباع حمية عن السوائل والمياه حتى موعد المسابقة المحلية التي يقيمها اتحاد لعبة كمال الأجسام كل عام، وأنا أنصح الشباب الراغبين في تنمية عضلاتهم بالاعتماد على التدريبات الرياضية الصحيحة تحت إشراف مدرب مختص، وتناول البروتين عن طريق الأغذية المتنوعة، وفي حال استخدموا الإبر فليستشيروا أطباء مختصين في ذلك».

الدكتور فراس الجندي

يمتد تعاطي المنشطات الممنوعة والهرمونات إلى ألعاب رياضية أخرى فالشاب "أسامة حقي" مدرب لعبة "جودو" في نادي "النعمان" تحدث عن ذلك قائلاً: «المنشط يمنح الجسم الحيوية والقوة خلال التدريب دون إلغاء كون ذلك الجسم أصبح مرهقاً، والمشكلة أن البعض من الرياضيين يستخدمون عقاقير معينة لإكساب قواهم الاستمرار مدة أطول مما يريدونه، وهذا يُعرض القلب لأزمة مفاجئة، ويستخدم لاعبو بناء الأجسام هرمونات لتضخيم عضلاتهم ما يعرضهم لأخطار جسيمة».

الطبيب "فراس الجندي" شرح الأخطار التي تواجه الشباب نتيجة استخدامهم لأنواع ممنوعة من الإبر، حيث قال: «تأثيرات سلبية مختلفة تخلفها مواد بناء الأجسام كالمنشطات و"الإستيرويدات" وغيرها، وهذه الآثار تكون جانبية تظهر بعد فترة طويلة من استخدام العقاقير، وهي تمتد من الدماغ إلى سائر أنحاء الجسم، وتسبب في معظم الأحيان أمراض القلب بسبب ارتفاع مجموع الزيادات في مستويات الكوليسترول، ما يؤدي إلى تراكمها على جدران الأوعية الدموية الذي يمكن أن يؤدي إلى السكتات الدماغية، ويؤدي أيضاً إلى أمراض ضغط الدم وزيادة التجلط في الاوعية الدموية وتعطيل تدفق الدم ما يتسبب في حدوث تلف في عضلة القلب وبالتالي إلى أزمة قلبية، وفي أحسن الأحوال تؤدي تلك الهرمونات المأخوذة بشكل مباشر إلى تعطيل عمل الأعضاء التناسلية وحدوث العقم عند بعض الشباب».

تبقى رياضة كمال الأجسام من الرياضات الشهيرة والممتعة لكنها بحاجة إلى من يحتضنها ويُشرف على لاعبيها لحمايتهم وأخذ طمحوهم بعين الإشراف والرعاية.