مع إطلالة كل موسم من مواسم جني محصول الزيتون تتضارب الآراء حول أهمية أو خطورة المياه الناتجة عن معاصر زيت الزيتون.

وهاهي وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي متمثلة بالهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية قد عقدت العزم على استثمار تلك المياه مهما كانت النتائج، وقد ظهر ذلك جليا من خلال مشروع إعادة استعمال ماء الجفت والبيرين في الأراضي الزراعية في محافظة إدلب وكأنها تريد أن تقول للجميع: إن المياه الناتجة عن عملية عصر الزيتون صالحة لسقاية المزروعات والدليل على ذلك هذا المشروع الذي نحن بصدد الحديث عنه.

* مشروع حيوي:

يقول الدكتور أنور الابراهيم رئيس قسم بحوث الزيتون في إدلب: إن إقامة مشروع إعادة استعمال ماء الجفت والبيرين في الأراضي الزراعية بإدلب والذي جاء بهدف إيجاد حل مناسب لمشكلة ماء الجفت الناتجة عن معاصر الزيتون ومنع وصولها إلى مصادر المياه السطحية والجوفية وتلويثها، وزيادة النمو الخضري عن طريق التحكم بالكميات المضافة من ماء الجفت أو البيرين المخمر، وزيادة الإنتاجية عن طريق زيادة النمو الخضري عند استخدام كميات مناسبة من ماء الجفت والبيرين والتقليل أو الاستغناء عن استخدام الأسمدة الكيمائية والتي يمكن أن تعوض بشكل فعال في استخدام جرعات مناسبة من ماء الجفت أو البيرين المخمر الحاوي على كميات مناسبة من المواد العضوية. كما يهدف المشروع إلى تحسين بنية التربة وخواصها الكيمائية بزيادة محتوى المادة العضوية وتحقيق التوازن بين الكربون والآزوت.

كما يساهم المشروع في حفظ وزيادة مكروفلورا التربة وزيادة دخل الفئات العاملة في قطاع الزيتون وزيادة الوعي البيئي لدى الفئات العاملة والمعنية بقطاع الزيتون، والشيء بالشيء يذكر فالمشروع ينفذ في أربعة مواقع من حقول محافظة إدلب موزعة حسب الآتي:

1-سنجار: حقلان الأول مزروع بأشجار الزيتون والثاني يزرع بالذرة الصفراء.

2-كتيان: حقل مزروع بالكرمة.

3-تل صندل: حقل مزروع بأشجار الزيتون.

4- كفر يحمول: حقل يزرع بالذرة الصفراء.

ولنفيذ هذا المشروع الذي سيستغرق ثلاث سنوات تم اتخاذ العديد من الخطوات على أرض الواقع منها اختيار المواقع المستهدفة وتنفيذ الأعمال الإنشائية الخاصة بالمشروع وإجراء تحاليل التربة والمواد المضافة والقيام بالعمليات الزراعية وإضافة ماء الجفت والبيرين على التربة ومراقبة النمو النباتي وإجراء الاختبارات المطلوبة للتربة والمحصول الناتج وإقامة دورات تدريبية وندوات وورش عمل وعرض نتائج الدراسة ومقارنتها مع نتائج دراسات الدول الأخرى.

*نتائج المشروع:

وختم الدكتور أنور الابراهيم حديثه مستعرضا النتائج التي تم الحصول عليها خلال السنة الأولى من مشروع إعادة استخدام ماء عصر الزيتون في الأراضي الزراعية والتي تتلخص في:

1- تحسن خواص التربة الفيزيائية والكيميائية للأراضي المعاملة بماء الجفت بشكل عام وذلك من خلال ارتفاع نسبة المادة العضوية ونسب العناصر المعدنية.

2- زيادة النمو الخضري والإنتاج للمحاصيل المعاملة ولاسيما في المعاملة الأولى.

3- خفض نسبة استخدام الأسمدة بمقدار 50% وذلك من خلال مقارنة المعاملة الأولى ببقية المعاملات الأخرى.

4- زيادة نسبة النشاء والبروتين في الذرة.

5- عدم ملاحظة أعراض سمية على المحاصيل.

هذه النتائج تظهر بأن إضافة ماء عصر الزيتون إلى الأراضي الزراعية هي الطريقة الأكثر اقتصادية لحل هذه المشكلة وتسمح بخفض نسبة استخدام الأسمدة وبذلك يمكن اعتبار هذه المخلفات هي مصدر غذائي هام وليس مصدر تلوث بيئي.

فمن الناحية البيئية إن إضافة ماء عصر الزيتون إلى الأراضي الزراعية من مصدر نباتي بالطرق الفيزيائية دون حدوث أي تغيرات كيميائية يشكل ضمانة بيئية ويسمح بإغلاق حلقة طبيعية حيث تدخل الإنسان فيها محدود، إن حجم هذه المشكلة في سورية محدود جدا ولاسيما ان كمية ماء الجفت الناتجة عن عصر ثمار الزيتون لا تتعدى في أحسن الحالات 800 ألف متر مكعب وأن إضافتها بالجرعة الموصى بها لا تغطي سوى 2% من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون.