ترتكز المسيرة الفنية التشكيلية عند الفنان "سمير حميدي" إلى أبعاد جمالية ورؤية ذات طابع يخفي مكنونات شخصيته، ففي لوحات تجريدية وأخرى واقعية وتعبيرية تتلخص تجربة ذات ريادة، انطلقت من ثراء تراثي جمالي تشتهر به محافظة "إدلب".

"سمير حميدي" الفنان والخطاط ومؤسس "دار الفنون" لتعليم أصول الفن التشكيلي يبوح بمسيرة عمل تمتد لثلاثة عقود خلت لموقع eidleb فيقول: «عملي في ميدان الفن التشكيلي بالإضافة إلى الخط العربي أتى نتيجة موهبة مبكرة في السنوات الأولى من طفولتي، لكن التفرغ للبحث والعطاء والنتاج الفني بدأ منذ عام /1984/ حين أقمت معرضاً ضم تجربتي، فكانت البداية من الطبيعة والبيئة المحيطة، جسدت هذه المرحلة بعدة تقنيات، بالإضافة إلى صياغة الحرف العربي ضمن إيقاع تشكيلي صرف».

يتميز الإنتاج الغزير للفنان "سمير حميدي" بالدراسة العميقة للحالة قبل أن يخط بريشته معتمداً أساساً أكاديمياً، يميل إلى التعبيرية أكثر منها إلى الواقعية وهذه نقطة فارقة وإحدى سماته المميزة، وقد استطاع من خلال تفرغه وحبه للفن التشكيلي أن يتفرد في هذا المجال وضحى بالغلي والنفيس من أجل رسالته التي يقدمها

  • تتعدد مدارس الفن التشكيلي، ففي أيها وجدت شخصيتك؟.
  • لوحة بالحبر الصيني

    ** بعد نضوج تجربتي في مجال الفن التشكيلي تحولت انطلاقتي إلى المدرسة الواقعية، ثم إلى الانطباعية، فالرومانسية، وفي الفترة الأخيرة كانت محطتي المطولة في تزاوج التجريد بالواقع، أو ما يمكن أن ينطوي تحت عنوان "التجريدية الواقعية المشربة بالتعبيرية"، ولا تهم التسمية بقدر ما نركز على العمل الفني ذاته وما يعكس الحالة أو الرؤى الخاصة التي تنظر بها عين الفنان، ففي النتيجة أرى أن العمل الفني هو إعادة صياغة الواقع بمفرداته المختلفة في إطار اللوحة، ليخلق حالة من الحوار البصري، تعكس قيم جديدة تلامس أحاسيسي ومخزون المتلقي، فالعمل الفني هو تعبير يحاكي وجدان الناظر، ويوجد جسراً ما بين الفنان صاحب العمل والمتلقي، يستطيع من خلاله تقديم حلول ونتائج وإيحاءات، ومعالجة بصرية تكمن في توظيف الخطوط والألوان وتلامس بشكل مباشر أو غير مباشر المحيط المحسوس أو ما وراء ذلك، أما بالنسبة للتقنيات، اعتمدت الألوان المائية والزيتية بالسكين وغيرها وركزت في مراحلي الأولى على الطبيعة والبيئة مستخدماً الحبر الصيني بشكل واقعي بحت.

  • نالت المرأة قسطاً وافياً من تجربتك، فكيف ترى المرأة؟.
  • المرأة في أعمال الفنان

    ** تتمحور الموضوعات في أعماي حول الإنسان والتشخيص بشكل عام، وتدخل الإسقاطات بمختلف النواحي الحياتية والبيئية مستخدماً تقنيات عديدة، تناولت المرأة بشكل كبير لتعكس جل المواقف الإنسانية بقالب واقعي أحياناً ومجرداً أحياناً أخرى، فوجود المرأة في لوحاتي هو امتداد لدورها في حياة الإنسانية أجمع، فهي الأم والأخت ورمز الخصب والعطاء.

    *عملت على تأسيس "دار الفنون"، فما هدفك من إنشائها وهي أول مدرسة فنية خاصة في المحافظة؟.

    ** حالياً حاولت توسيع نطاق عملي الفني ليتجاوز نتاج اللوحة إلى الأخذ بيد المواهب الفتية والبراعم الصغيرة لإعطائها كل الاهتمام والعناية، لأنها بالنتيجة المستقبل الفني الإبداعي لبلدنا، افتتحت "دار الفنون الجميلة" التي أحاول فيها تقديم كل ما يلزم لأن يصل الموهوب أو الفنان الصغير إلى الإمساك بخيوط العمل الفني، حتى يتثنى له البدء بشكل صحيح وبدون الدخول في متاهات المسار التجاري المرفوض، فنحن هنا لإعطاء المعلومات السليمة والأدوات الصحيحة فيما يتعلق بفن الرسم بمختلف تقنياته، والخط العربي وأصوله، وعسى أن أكون قد قدمت شيئاً لمحافظتي بما يسعدني فعلاً، ويشعرني بالرضا، فالفنان برأيي يعطي ويعطي حتى آخر رمق، وواجبه أن يساهم بشكل مباشر في الارتقاء بالذوق العام، وإيجاد بصمة له في هذا المجتمع تحاكي هموم وأحلام وآلام الناس من حوله، فهو منهم ولهم.

  • كيف تقرأ الحركة الفنية في "إدلب" كونك متابع ومتفرغ في هذا المجال؟.
  • **أرى أن "إدلب" وما تحويه من جمال في طبيعتها، وغنى في مفرداتها، وثراء في بنيتها ولحمتها الثقافية ومخزونها التراثي، وامتداد تاريخها، تجعل منها بيئة خصبة لولادة العمل الفني الذي لا ينضب عطاؤه، لكن ثمة مشكلات تتعلق في إيجاد الجو المناسب لتنفيذ هذا العمل وسبل عرضه وتسويقه، فالمحافظة تشكو من عدم وجود أية صالة عرض دائمة تهتم بالمنتج الفني للفنانين التشكيليين، باستثناء صالة المركز الثقافي التي لاتصل لطموحات أي فنان من حيث وضعها، وتجهيزها، ونوعية مرتاديها وسويتهم الثقافية، ولعل العامل المادي هو الآخر يجعل من الرسام أداة عاجزة عن تنفيذ مزيد من الأعمال، نظراً لما يتطلبه العمل من مكان وراحة مادية وفكرية تجعله يقدم بلا توقف، وبالرغم من كل هذا فهناك أسماء هامة برزت وأثبتت حضورها في الساحة الفنية التشكيلية السورية، أذكر منهم الدكتور "علي خليل" والنحات "جميل قاشا".

    ولعل التجربة الغنية في مسيرة الفنان "سمير حميدي" جعلته محط إعجاب زملائه، فتحدث الفنان "سمير قريطبي" عن أعماله فقال: «يتميز الإنتاج الغزير للفنان "سمير حميدي" بالدراسة العميقة للحالة قبل أن يخط بريشته معتمداً أساساً أكاديمياً، يميل إلى التعبيرية أكثر منها إلى الواقعية وهذه نقطة فارقة وإحدى سماته المميزة، وقد استطاع من خلال تفرغه وحبه للفن التشكيلي أن يتفرد في هذا المجال وضحى بالغلي والنفيس من أجل رسالته التي يقدمها».

    يشار إلى أن "سمير حميدي" من مواليد "إدلب" /1966/، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، له العديد من المعارض في مختلف المدن السورية، ومشارك دائم في المعارض الجماعية، وتتوزع أعماله في داخل القطر وخارجه، عرف بدراسته للحرف وتوصيفه "المدرسة الحروفية".