"الفسيفساء" هو فن إبداعي زخرفي وفرع من مناحي التصوير بل هو امتداد تاريخي لفن الزخرفة التي ابتكرها الفنان الشرقي منذ القدم، والغاية منه حركة العقل والروح وإضفاء الجمال والحسن على أرضيات وجدران المعابد والكنائس والأديرة والبيوت الفخمة وغيرها.

وقوام الفسيفساء كعوب حجرية أو رخامية أو زجاجية أو رقائق ذهبية وقد لا يتجاوز ضلع الكعب الواحد في بعض الأحيان ثلاثة مليمترات كي يستطيع الفنان إبراز الانفعالات وبأدق التفاصيل في العمل الفني.

يأخذ العامل بحدود /1500/ ل.س، للمتر الواحد ويرتفع الرقم إلى /4000/ في حال صعوبة اللوحة إن كانت من نوع الشخصيات لكونها تتطلب جهداً كبيراً ووقتاً أطول

موقع eIdleb بتاريخ 12/12/2010 زار الأستاذ "محمد الداني" أول من عمل في "الفسيفساء" وروّج لهذه المهنة وصاحب شركة إنتاج "الفسيفساء" وتصديرها، وعن فكرته لإعادة صناعتها بعد أن كنا نراها فقط في المتاحف، أجاب قائلاً: «أنا لكوني رساما ومدرسا للفنون فهذا ضمن هوايتي وكنت أرى الدقة في صناعتها وقد تم اكتشاف لوحة قديمة في المنطقة ومن هنا كانت الفكرة، وفيما يخص المواد الأولية فهي متوافرة في المنطقة وتحديداً الحجارة حيث يتم قصها في المناشر بشكل أقلام حجرية مضلعة، أما الحجر اللحمي من أجل أرضية اللوحة فهو متوافر أيضاً في الجبال المجاورة، والعمل يتم بشكل يدوي ويحتاج قطاعة صغيرة ومنشاراً وأقلام موزاييك من الحجر والأهم يبقى توافر حالة الإبداع وامتلاك الموهبة للتعامل مع الرسومات التي تجسدها على شكل لوحات فسيفساء، وقد صنعت لوحة ثم عرضتها على تاجر لبناني، و في العام 1992 صنعت لوحة في قلعة "جبيل" اللبنانية أمام السياح لنشر الفكرة وكانت البداية».

طاولة من فسيفساء

وعن بداية صناعتها أضاف: «كنت أصنع لوحة والجميع يستغرب العمل ويطرح سؤاله ماذا يفعل هذا، ومن ثم تعاملت مع التاجر اللبناني لتصدير اللوحات، وقد ساعدني أبي وإخوتي في بداية الأمر وافتتحنا مشغلاً وكانت الصعوبة في عدم انتشار الطابعات الكبيرة لصنع اللوحات، فكنت أقوم أنا برسمها على ورق كبير، ومن ثم وضع قطعة قماشية ووضع مادة اللاصق والحجارة الصغيرة توضع فوقها، وبعد رواجها كعمل وتعلم الناس صناعتها افتتح أربعة مشاغل، وأصبح الشخص يتعلم صناعتها في المشغل وهو بدوره يقوم بتعليم زوجته وأولاده في البيت إن كانوا يريدون العمل، حيث ساهمت هذه المهنة وبشكل كبير في القضاء على البطالة وتحديداً عند شرائح النساء والطلاب وساهم بتعزيز دخل بقية الشرائح ممن يعملون في هذه الورشات إضافة إلى أعمالهم الأساسية الأخرى».

وعن أسعار لوحات الفسيفساء قال: «يأخذ العامل بحدود /1500/ ل.س، للمتر الواحد ويرتفع الرقم إلى /4000/ في حال صعوبة اللوحة إن كانت من نوع الشخصيات لكونها تتطلب جهداً كبيراً ووقتاً أطول».

محمد الداني أثناء تركيب إحدى اللوحات

وهنا يقول الأستاذ "سعيد الحسن" عن طبيعة عمله: «أنا مدرس للغة الانكليزية وأعمل في الموزاييك منذ أكثر من خمس سنوات، ولن يثنيني هذا عن عملي فنحن نجتمع في المساء وفي بعض الأحيان نعمل أكثر من شخص في اللوحة الواحدة إذا كانت من النوع الكبير ويتطلب عملها مراحل للإنجاز».

ويتابع هنا السيد "محمود الأسود" أحد العاملين في هذه الصناعة: «أتمنى لو أن هذا العمل يعطى حقه الكافي من معارض خارجية والترويج له، ونشره وجعله مصدر رزق لشرائح مختلفة من المجتمع، وهذه الجهود محط احترام وتقدير وهي خطوة مهمة لكن يبقى أن تأخذ الجهات المعنية دورها في هذا المجال، ومؤخراً اكتشفوا أكبر لوحة في العالم في "طيبة الإمام" بمحافظة "حماه"، وأيضا هنا في كفرنبل صنعت أكبر لوحة بمساحة /150/ متر وهي الآن في إحدى الجامعات الإماراتية».

حمام مركب عليه ألواح من الفسيفساء

ويضيف هنا "عمار الداني" أحد العاملين بهذه المهنة: «الفسيفساء متعددة الاستخدامات فأنا قمت بتركيبها على رفوف المطبخ وبرسوم مختلفة وصنعت منها أحدى الآيات القرآنية الكريمة، ويتم منها صناعة إطارات للصور ووجه للطاولات وتلبيس الجرة الفخارية، ويتم منها رصف أرض البيوت كما كان قديما».

أما عن دور المحافظة في هذه المشاريع فيختم هنا الأستاذ "محمد الداني" بالقول: «قام مشروع التنمية الريفية بالمحافظة بتنظيم دورات تدريبية للقرى بهدف نشر هذه الثقافة، ومدة الدورة /15/ يوماً يتعلم فيها المتدرب كافة أنواع الموزاييك وطريقة قص الاحجار وتوزيع الألوان والأشكال الهندسية وهذه الدورات تقام منذ العام 2007 من عمر الخامسة عشرة وحتى الثلاثين».