"أحببتُ الحياة، والموسيقا، وفنون الرقص والسينما، إلى جانب العمل مع أصحاب الإعاقة السمعية والبصرية، ليظهر كلُّ ذلك الحبِّ نجاحاً وتميُّزاً بعملي معهم، الذي دام لأربعة وثلاثين عاماً"،

بهذه الكلمات بدأت "هند المبيض" حديثها لمدوّنة وطن "eSyria"، لتقدم موجزاً مختصراً لسنين حياتها التي قضت جلّها بالعمل مع أصحاب الإعاقة السمعية والبصرية.

البيئة التي ولدتُ وترعرعت فيها، أعطتني كثيراً من الفرح، عائلتي الكبيرة عدداً، وتعدد الأسفار لبلدان مختلفة، هو ما طبع شخصيتي بذلك.. في صغري كنت أرقص بشكلٍ عفويٍ مع أية أغنية تستلطفها مسامعي، كل تلك العوامل ساعدتني في عملي اللاحق مع تلك الفئة من الأشخاص الذين يتسمون بالحبِّ والطيبة، والذين يمنحون من يتعامل معهم عن قرب سعادةً لا يمكن وصفها

بيئة مساعدة

تقول "هند" :«البيئة التي ولدتُ وترعرعت فيها، أعطتني كثيراً من الفرح، عائلتي الكبيرة عدداً، وتعدد الأسفار لبلدان مختلفة، هو ما طبع شخصيتي بذلك.. في صغري كنت أرقص بشكلٍ عفويٍ مع أية أغنية تستلطفها مسامعي، كل تلك العوامل ساعدتني في عملي اللاحق مع تلك الفئة من الأشخاص الذين يتسمون بالحبِّ والطيبة، والذين يمنحون من يتعامل معهم عن قرب سعادةً لا يمكن وصفها».

غسان أبو صلاح رئيس نادي السلام للرياضات الخاصة

تتابع "هند المبيض" حديثها مع مدوّنة وطن "eSyria" بالقول: «بدأت بتعلم أصول الموسيقا بحكم شغفي بها، كان ذلك في مدينة "بيروت" مع بداية سبعينيات القرن الماضي، بسبب إقامة شقيقتي الكبرى فيها، ومن ثمَّ انتقلت للدراسة في معهد السكرتاريا هناك، لكن مع نشوب الحرب الأهلية اضطررت للعودة إلى مدينتي "حمص"، تعدد الأسفار كما ذكرت، جعلني أتابع الدراسة في "مصر" بحكم الإقامة فيها لفترة لا بأس بها، كما درست "الرقص الإيقاعي" هناك، لكن مع بداية عقد الثمانينيات، عدت لأبدأ مرحلة جديدة، رسمت مسار عملي لاحقاً، ألا وهي العمل في "معهد الصم والبكم" الذي تمَّ افتتاحه عام 1982، حيث كنت من الدفعة الأولى للعاملين فيه».

كانت البداية

عملت "هند" في البداية في قسم المكتبة بالمعهد، ولكن نشاطها وتفاعلها دفعاها -حسب قولها- لحضور الحصص الرياضية، كانت تسعى لتقديم شيء مختلف لأولئك الشبان والشابات اليافعين، وقد لاحظ ذلك الأمر المسؤول عن إدارة المعهد "عادل ابراهيم" فقام بتكليفها الإشراف عليهم في الحصة الرياضية، وكانت البدايات هنا.

المرحلة اللاحقة بمسيرتها تتحدث عنها "هند المبيض" قائلة: «ما ذكرته سابقاً، عن الشغف بالموسيقا والرقص وخاصةً الإيقاعي منه، جعلني مهتمة بتقديم ما يخدم طلبتي من فئات الشابات، وتحولت دروس "الأيروبيك" التي كنت مواظبة على إعطائها لهنَّ إلى تدريبات على ذلك الفن، هنا كانت مهاراتي في التواصل معهن تزداد شيئاً فشيئاً من خلال إطلاعي على لغة الإشارة الخاصة، واتباعي عدة دورات في مدينة "دمشق" وغيرها، رافق ذلك وجودي في جمعية "الصم والبكم" التي ساهمت بتأسيسها مع عدد من الشخصيات، وكان مقرها في حي "باب هود" آنذاك، حرصت في عملي على تقديم ما هو مختلف من ناحية الشكل والمضمون، لذا كانت مشاركات فرقي الراقصة في مهرجان "أسبوع الطفل الأصم" -الذي كان يقام في شهر "نيسان" من كلِّ عام- خاطفة للأضواء ومشاهدات الحاضرين فيها، أذكر أنَّ مشاركتي الأولى كانت في سنة 1986 خلال المهرجان السادس عشر، الذي أقيم حينها في محافظة "إدلب"، وفيه أحرزنا المركز الأول، وتمَّ تكريمي على النجاح الذي حققته فرقة معهدي، توالت المشاركات في العديد من المهرجانات لاحقاً الفنِّية منها، والرياضية، وأنشطة خاصة بالمكفوفين أقيمت في "لبنان" تحت عنوان "مهرجان تعديل الإشارة الوصفية للصمِّ" لعامين متتاليين، وفيهما نلنا المركز الأول في الدورتين».

الرعيل الأول

كانت "هند" من الرعيل الأول الذي شهد على ولادة الاتحاد الخاص برياضات المعوقين، وعضواً في اللجنة الفنِّية الأولى التابعة له في مدينة "حمص" عام 1987، وعن تلك المرحلة تقول: «عملي الطويل أهلَّني للوجود فيها، عملت ضمن لجنة الرياضات الخاصة بالصمِّ والبكم، مع أسماء كبيرة من خيرة الشخصيات الرياضية أمثال: "غزوان الجاجة" و"زين العابدين دالاتي"، البدايات لم تكن سهلة على الإطلاق، وخصوصاً أن تلك الرياضات لها قوانينها الخاصة وبحاجة لكادر مؤهل من المدربين والحكام واللاعبين، عملنا على استقطاب الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة وتأهيلهم رياضياً، وهنا كان تأسيس نادي "السلام" للرياضات الخاصة عام 1993، كل ذلك بالتزامن مع العمل المستمر مع المكفوفين في مجال العروض الفنية الراقصة، وقد شاركت في عدَّة دورات من مهرجان "المحبة والسلام" في مدينة "اللاذقية"، وفي افتتاح بعض البطولات الرياضية في "سورية"، ومنها بطولة "الأندية العربية الأفريقية للكرة الطائرة من الجلوس" سنة 2007، وفي مهرجان رياضي أقيم في "الأردن"، استمر عملي في اللجنة الفنِّية حتى عام 2017 وقد تسلَّمت رئاستها لمدة 3 أعوام قبل ذلك التاريخ».

سر النجاح

بدوره يقول "غسان أبو صلاح" الرئيس الحالي لنادي "السلام" للرياضات الخاصة إن "هند المبيض" كانت ولا تزال من الخبرات القليلة الموجودة حالياً على ساحة الرياضات الخاصة.. أذكر تماماً عند بداية ممارستي لرياضات المعوقين، حضورها ضمن اللجنة الفنيِّة المعنية بها، وقد تميَّزت برياضة "الرقص الإيقاعي" وبرعت فيها خلال وجودها في معهد "رعاية الصم والبكم"، وما يميزها برأيي وبشهادة من عرفها، هي المحبة التي تقدِّمها للرياضيين بلا حدود وبعطائها الكبير بعملها، وقد أثبتت حضورها في كل المسؤوليات التي تقلدتها بجدارة تحسب لها، ومنها وجودها كعضو في "اللجنة الفنيِّة الرئيسة لكرة القدم للصمِّ" لدى "الاتحاد العربي السوري للرياضات الخاصة"».

نذكر أخيراً بأنّ "هند المبيض" من مواليد مدينة "حمص" عام 1957 وهي عضو في مجلس إدارة نادي "السلام" وقد جرى اللقاء معها بتاريخ 5 تموز 2021.