"أفقا" نبع ماء يتدفق من مغارات قديمة، كان مقدساً عند التدمريين، وبفضله وُجدت واحة "تدمر"، ويعدّ حالياً مقصداً للسياحة العلاجية، ومركزاً للتعرف على حضارة "تدمر" العظيمة...

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 كانون الأول 2013 الباحث الآثاري "عمار كمور" الذي تحدث عن موقع النبع وأهميته التاريخية وقال: «يقع إلى الغرب من واحة "تدمر" في الطرف الجنوبي الغربي من المدينة وفي أسفل سفح جبل "الكايد"، ويمتد في جوف جبل "المنطار" مسافة 350م، ومدخله عبارة عن معبد صغير لرب النبع كتب عليه: "الطيب المبارك الرحمن الرحيم"، وكان النبع سر وجود الحياة في مدينة "تدمر" عروس البادية السورية، ويرجع تاريخه إلى أكثر من ستة آلاف عام، يقال عنه محلياً "الحمام" كما يطلق عليه اسم "أفقا"؛ ومعناه في اللغة الآرامية مخرج الماء أي النبع».

لهذا السبب أقامت وزارة السياحة مراكز الاستشفاء ووضعت بعض هذه الينابيع للاستثمار السياحي، ومنها نبع "أفقا" الذي يتدفق من مغارات قديمة تفيض بالبخار الكبريتي، وهذه المياه المعدنية كانت منذ عصر "زنوبيا" وقبلها موئلاً لسكان "تدمر" الذين وجدوا فيها وسيلة للاستشفاء من الأمراض الجلدية والمعدية والمفصلية

ويضيف: «في مدخل الكهف وُجدت بضعة مذابح حجرية منحوتة (بعضها في متحف تدمر)، كما وجدت فيه كتابات تُشير إلى أن المياه كانت موزعة على المواطنين ضمن دورة مدتها 21 يوماً بأمر من "يرحبول" إله الشمس، وهناك شخص مسؤول يشرف على هذا الأمر ويسمى "القيّم"، وذُكرت أسماء بعضهم: "بولنا بن زبيدا" عام 162م، و"يرحبولا" وابنه "دويد" عام 239م، و"شمس بن ملا" عام 256م».

الآثاري عمار كمور

ويتابع: «عثر على كتابة مؤرخة في عام 162م تتضمن عبارة التقدمة النذرية للإله العظيم "زفس" سيد الكون من "يولدوا بن زبيدة" المتولي المسؤول عن نبع "أفقا"، كما عثر على مذابح نذرية مقدمة إلى آلهة النبع الطيب المبارك الرحيم وذلك طلباً للبركة ودوام نعمة المياه، ولقد أثبتت التحاليل التي أجريت أن هذه المياه تحتوي على كمية جيدة من الكبريت والكلور، وأنها غنية بالصوديوم والكالسيوم وبكميات أقل من المغنزيوم والبوتاسيوم والنيكل».

ويبين الباحث التاريخي "عدنان بدري" أن تسمية النبع مأخوذة من كلمة نفق، وتعني "خرج"، ويقول: «لفظ "فق" يعني النبع في الآرامية الغربية، وفي الآرامية التدمرية تعني مخرج الماء، والنبع والحياة والبداية والأفق والفجر، وهو سبب وجود "تدمر" واستمرارها منذ أقدم العصور، ويعرف اليوم باسم الحمّام الكبريتي أو رأس العين، ومياهه معدنية كبريتية، حرارتها ثابتة 33 درجة في كل فصول السنة، ويصب 60 ليتراً في الثانية، وتستخدم مياهه لري واحة "تدمر"».

أما من الناحية العلاجية والسياحية فتشير "باسمة العدنان" موظفة في وزارة السياحة إلى أن أحد أهداف زيارة "تدمر" هو العلاج والاستشفاء بالمياه الكبريتية والمعدنية، إلى جانب التعرف على الحضارة العريقة، وتقول: «لهذا السبب أقامت وزارة السياحة مراكز الاستشفاء ووضعت بعض هذه الينابيع للاستثمار السياحي، ومنها نبع "أفقا" الذي يتدفق من مغارات قديمة تفيض بالبخار الكبريتي، وهذه المياه المعدنية كانت منذ عصر "زنوبيا" وقبلها موئلاً لسكان "تدمر" الذين وجدوا فيها وسيلة للاستشفاء من الأمراض الجلدية والمعدية والمفصلية».

واحة تدمر