خلال العهود التي مرت على "سورية" في القرون الماضية تطور فن العمارة العسكرية ليلبي احتياجات ذلك الزمن، فكانت هناك الكثير من القلاع الحربية التي شكلت اليوم جزءاً من حضارتنا.

مدونة وطن "eSyria" بحثت في كتب التاريخ بتاريخ 28 تشرين الثاني 2013 عن فن العمارة العسكرية السورية القديمة، حيث أشار الدكتور "سليم عبد الحق" في مجلة "الحوليات الأثرية" الصادرة عام 1951م إلى أنه تبين من دراسة الآثار العسكرية أن تطورها كان مستثمراً فالتحسينات التي كانت تطرأ عليها تهدف إلى أن تصبح متفقة مع غاياتها الدفاعية في صد العدوان وتحطيم موجات الإغارات، وأضاف: «يرجع أقدمها إلى تلك الأسوار البدائية التي أنشأها العمريون والكنعانيون والفينيقيون حول مدنهم الصغيرة حفاظاً على ما تحويه من منازل كانت تقام غالباً على الأماكن المرتفعة لمناعتها الطبيعية وسهولة الدفاع عنها ولاسيما أن الأسلحة التي كانت تستعمل في الهجوم بسيطة وأن عدد الجيوش والمهاجمة والمدافعة كان قليلاً لهذا فقد بنيت أسوارها من الطوب المخفف الذي يخالطه القش».

يرجع أقدمها إلى تلك الأسوار البدائية التي أنشأها العمريون والكنعانيون والفينيقيون حول مدنهم الصغيرة حفاظاً على ما تحويه من منازل كانت تقام غالباً على الأماكن المرتفعة لمناعتها الطبيعية وسهولة الدفاع عنها ولاسيما أن الأسلحة التي كانت تستعمل في الهجوم بسيطة وأن عدد الجيوش والمهاجمة والمدافعة كان قليلاً لهذا فقد بنيت أسوارها من الطوب المخفف الذي يخالطه القش

وأضاف: إن المهندسين السوريين القدماء أخذوا يحولون تدريجياً شكل إنشاء الأسوار البسيط إلى شكل جديد متقدم، ويمزجون الطوب بأحجارها ويغطون المزيج بغشاء من الطين ويدخلون العوارض الخشبية فيها حتى لا تتداعى إذا اشتد الضغط عليها، كما أنهم يزيدون على سماكتها حتى أخذ يتراوح بين (4.25 –10) أمتار.

خندق الماء الخارجي

ومن تلك المواقع العسكرية "قلعة الحصن" التي تحدث عنها الآثاري "عقبة معن" بالقول: «موقعها المميز على إحدى قمم الجبال في قلب "وادي النضارة" وإطلالتها المميزة على القرى المحيطة بها تجعلها تبدو كالحارس الأمين بجدرانها العالية وأسوارها المنيعة وأبراجها الشاهقة، فحجارة القلعة كانت تنقل من مسافات كبيرة من بلدة مجاورة تدعى "عمار الحصن" وكانت تكلف العمال حياتهم لوعورة الطريق وثقل الحجارة، لكن نهاية تلك الجهود أسفرت عن قلعة تتميز بعمارتها التي تعتبر من أجمل فنون العمارة في القرون الوسطى، التي أدهشت زائريها وحيرتهم في طريقة البناء والشكل».

ويوضح أن القلعة مرّت بكثير من العصور والحضارات حتى أخذت شكلها الحالي وحسب المصادر التاريخية فإن أول من بدأ بنائها هو أمير حمص (شبل الدولة) "نصر بن مرداس" وأسكن فيها حامية كردية، لذلك أطلق عليه تسمية "حصن الأكراد" وذلك لحماية القوافل المتجهة من الساحل السوري إلى الداخل ومن ثم احتلها الصليبيون حيث كانت تقع على الطريق الذي كان يسمى طريق الحج إلى القدس، وعملوا على توسيع القلعة وبناء عدد من الأبراج فيها.

وتابع: «خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر ميلادي تعرضت القلعة لعدة هزات أرضية استدعى ذلك إعادة تدعيمها، حيث تم بناء السور الخارجي ودعمت الجدران ببناء طبقات جدارية جديدة بشكل مائل لحماية الجدران الداخلية والأبراج من الهزات الأرضية، وخلال هذه الفترة تم بناء الأقسام الرئيسية في القلعة وذلك في عهد "فرسان مالطا" الذين تسلموا قيادة القلعة ونسبت إليهم، كما تضم القلعة عدة خطوط دفاعية هي خندق الماء الخارجي والسور الخارجي الذي يضم ثلاثة عشر برجاً دفاعياً فيه فتحات لرمي السهام ومرامٍ لسكب الزيت واصطبلات الخيول، إضافة إلى الحامية العسكرية».

وأضاف: «يعتبر السور الداخلي قلعة قائمة بحد ذاتها يفصلها عن السور الخارجي خندق مائي محفور في الصخر حولت إليه أقنية تنقل مياه الأمطار، وتتكون القلعة من طابقين يضمان اصطبلات الخيول ومهاجع الجنود والأقبية والعنابر وقاعات الطعام وغرف المؤونة، وقاعة الفرسان إضافة إلى المحراب، كما تضم حامية عسكرية تستوعب من ثلاثة إلى أربعة آلاف جندي، وفيها إحدى وعشرون بئراً لتجميع مياه الأمطار حيث تم تصميم الأسطح وقنوات التصريف بشكل شبه مائل حيث تتجه المياه إلى الآبار».