انتهت دائرة آثار "حمص" مؤخراً من أعمال ترميم "دار مفيد الأمين" الأثري ضمن أحياء "حمص" القديمة والذي يعتبر من الدور الأثرية المتميزة بطابعها العمراني الجمالي.

وحسب ما ذكر لنا المهندس "فريد جبور" مدير دائرة آثار "حمص" «بدأت أعمال الترميم في المبنى منذ بداية التسعينات من القرن الماضي واستمرت على عدة مواسم، وشملت الجدران والأرضيات والأسقف والقباب». وأكد "جبور" أن كل هذه الأعمال أتت تمهيداً لتأهيل الدار وتوظيفها كمركز توثيقي لمدينة "حمص" يشمل كل ما نشر أو ذكر عن المدينة بالصور والوثائق التي يمكن أن تتوفر، بالإضافة إلى إمكانية توظيف بعض الفعاليات الأخرى في الدار كمعارص وأمسيات تراثية وغيرها.

بدأت أعمال الترميم في المبنى منذ بداية التسعينات من القرن الماضي واستمرت على عدة مواسم، وشملت الجدران والأرضيات والأسقف والقباب

وحول هذا المبنى الأثري وتاريخ بناؤه وأقسامه حدثنا السيد "فريد جبور" خلال لقائنا معه في مكتبه بتاريخ (26 / 8 / 2008) فقال: «ذكرت الدار في الوثائق القديمة الموجودة لدينا التي ترجع إلى (28 رجب 1311هجري )أن الدار تقع في محلة "باب تدمر" بالقرب من "جامع السراج" وقال الشاهد (إن هذه الدار هي السراي الكوجكية)، وتؤكد الوقفيات بأنها الدار الثانية التي أُنشأت للحكم داخل سور المدينة في العهد المملوكي بعد "قصر الزهراوي" وهكذا فقد بقيت مستعملة للحكم حتى دخول العثمانيين الديار الشامية عام /1516م/».

وأضاف "جبور":«وتشير الوثائق التاريخية أن الدار بنيت خصيصاً لإدارة الحكم القضائي في المملكة المملوكية وأن بانيها هو الملك "أحمد شهاب الدين كجك" حسب (وقفية الحلبي المؤرخة في عام 976 هجرية)».

وتابع القول: «وقد درج المماليك على اتخاذ شعار لهم منذ عهد الملك الظاهر بيبرس هو شعار السبعين الرابطين، كما اتخذ الكواجكة شعاراً لهم هو الكأس لذلك تجد صورة كأس مزخرفة تعلو الواجهة الشرقية لدار مفيد الأمين. واستمر الأخوة المماليك الثمانية ببناء الدار ابتداءً من عام /1341/ م، حتى عام /1354/ م. وقد تم تسجيل الدار في عداد المباني الأثرية والتاريخية بتاريخ (19/10/ 1967). وقد نسبت هذه الدار إلى القديس "مار اليان" الحمصي لإقامة أهله وأقاربه خلال فترة زمنية سابقة ثم عرفت باسم بيت الملاك وأخيراً بدار مفيد الأمين».

المهندس فريد جبور

أما عن وصف المبنى فذكر المهندس "جبور" قائلاً: «للدار مدخل جميل يقع إلى الشرق على شارع السراج ويعلوه حجر نقش عليه "الله حق"، وفوقه صورة إبريق ماء يعلوه حجر على شكل كوب ماء.. أما قوس المدخل فهو مزخرف هندسياً، ويؤدي المدخل إلى دهليز يصل عدة قاعات بديعة العمارة وتزدان بالمقرنصات الركنية ومن ثم يؤدي إلى الباحة الرئيسية للبناء. ويتوسط البناء قاعة كبيرة مقببة والقبة مصنوعة من الآجر المشوي فيها مقرنصات رائعة الجمال.. وعلى أحد الجدران كُتب بخط جصي نافر: (نصر من الله وفتح قريب)، أما أرض القاعة فمبلّطة بالرخام الأبيض والأزق».

وأضاف "جبور": «وللقاعة أربعة مداخل تؤدي إلى غرف الدار مسقوفة بعقود حجرية تتوسطها زخارف جصيّة، وفي شمال القاعة المذكورة يوجد غرفة مربعة فيها درج حجري بازلتي يؤدي إلى قاعة، ويستمر الدرج إلى مستوى أعلى حيث نلاحظ وجود غرفة سقفها من عقود مزخرفة وبجانب الغرفة دهليز. وللدار باحة سماوية مكشوفة على طول البناء المتّجه من الجنوب إلى الشمال ويتوسط الباحة بركة مبنية من الحجر».

والجدير بالذكر أنه خلال العام الماضي والعام الحالي تم في الدار إقامة أمسيتين غنائيتين من قبل جمعية أصدقاء "حمص" بالتنسيق مع دائرة الآثار بهدف إحياء التراث الغنائي العربي والمحلي وبهدف تعريف الناس بهذا المعلم الأثري المميز في المدينة.