تحمل "حبة الخردل" التي ورد ذكرها في "الكتاب المقدس" وهي أصغر الحبوب، شجرة كبيرة تعشش فيها العصافير، تلك العصافير تحولت في مدينة "حمص" إلى أطفال "ذوي احتياجات خاصة" احتضنتهم "حبة الخردل" في مركز خاص لعلاجهم والاعتناء بهم، من خلال خدمات متنوعة تربوية وتعليمية ومهنية يقدمها اختصاصيون مدربون.

للتعرف على ذلك زار eHoms "حبة الخردل"، وتحدث مع عدد من العاملين فيه، وبداية مع السيدة "شذا خزام" والدة إحدى الطفلات الموجودات في المركز، وهي مدربة في ذات الوقت، وتقول عن تجربتها كوالدة: «تعاني ابنتي التي تبلغ من العمر عشر سنوات ونصف تأخراً نفسياً حركياً كنوع من أنواع التوحد، والتأخر النفسي الحركي يتطلب علاجاً بطيئاً ومتخصصاً لطالما بحثت عنه في مراكز متنوعة سواء طبية أو علاجية وحتى في الكتب والنشرات الخاصة بأمراض التوحد، ومن خلال الاختصاصيين، وأثناء بحثي تعرفت على "حبة الخردل" الذي وجدت فيه ضالتي فهو يتميز عن باقي المراكز بالخدمة الإنسانية العالية المستوى وهو ما يريده الأهل والطفل معاً».

أعمل في هذا المجال منذ زمن مع أخوية "إيمان ونور" ومركز "الأرض" وهذا أهلني لأن أتعامل مع الشباب ذوي الاحتياجات الخاصّة وتعليمهم وتأهيلهم مهنياً وخاصّة في مجال النجارة وهي مهنة مفيدة جداً للمستقبل يستطيعون من خلالها تأمين دخل خاص بهم، إضافة لتعلمهم ضبط السلوك، ويتم بيع ما يصنعونه من إطارات صور، ولوحات وتماثيل خشبية من خلال المعارض الخيرية التي تؤمن ثمن المواد الأولية التي يستخدمونها

تعمل السيدة "شذا" بعد خضوعها لعدّة دورات مختصة في علاج التوحد ضمن مركز "حبة الخردل" وعن ذلك تقول: «في رحلتي مع ابنتي الصغيرة خضعت لكثير من الدورات التي تعنى بالتوحد وخبرتي التي امتلكتها والطاقات التي لدي كلها أحببت أن أقدمها لخدمة أطفال التوحد فبدأت السنة الماضية كمتطوعة للعمل في "حبة الخردل" واكتسبت خبرات جديدة أيضاً من خلال دورات المعهد الأوروبي الداعم للمركز ومن ثمّ اختصيت بالعلاج النفسي الحركي الذي كان منذ البداية نقطة تساؤل لدي واستفدت من خبرة المختصة التي كانت موجودة ولاسيما علاقة المدرب بالطفل وكيفية إيصال المعلومات من خلال اللعب والتعلم».

السيدة "شذا خزام" وابنتها

لا ترى السيدة "شذا" أية حساسية من وجودها مع ابنتها في المركز نفسه، وإنما ترى أن وجود الأهالي مع الأطفال هو وسيلة مساعدة لكلا الطرفين وتزيد الراحة النفسية والطاقة الإيجابية للأم تحديداً.

وعن ذلك تقول: «اختصاصي تربية "تقنيات تعليم ومناهج" خضعت لعدة دورات على البرامج المطلوبة لعلاج ذوي الاحتياجات الخاصة والتعامل معهم من خلال "سيزوبيل" ومركز "الأرض" وبدأت العمل في المركز بعام 2006، وأهتم بالأطفال من عمر أربع سنوات وحتى سبع سنوات وهم حالياً ستة أطفال، وهم في هذا العمر يكونون عبارة عن خامة تحتاج لعمل مضاعف بالتعاون مع الأهل لتطبيق برنامج فردي يحاكي كل طفل بمفرده وبحسب قدراته وإمكانياته حيث يتمّ تقييمه عند قدومه للمركز واكتشاف النقطة التي يجب أن يبدأ بها العلاج وهو على عدّة مراحل أولها الاستقلالية وتعلم أساليب النظافة الشخصية ومن ثمّ تطوير اللغة والمخيلة من خلال القصص والرسم والتلوين والمسرح لتقوية شخصياتهم».

"عزة بيطار" والأطفال المسؤولة عنهم

الصبر والحب الكبيران هما أساس التعامل مع الأطفال ولاسيما أن تطورهم بطيء يشمل أجزاء من الخطوة وليس على نطاق الخطوة كما أضافت "عزّة".

وعن المرحلة العمرية التالية تتحدّث "لينا غريبة" خريجة "الإرشاد النفسي": «تدربت في مركز "الربيع" مدّة سنتين وأعمل في "حبة الخردل" مع الأعمار ما بين العاشرة والسادسة عشر، باختصاص تنمية فكرية وعددهم الآن سبعة أطفال ما بين تخلف عقلي ومتلازمة "داون" وأكثر الصعوبات التي يعانون منها سلوكية حيث يكون كل طفل متعود على سلوك معين خاطئ نوعاً ما، فيصحح السلوك ليتم العمل على التنمية الفكرية بمنهاج يشمل الرياضيات ومعرفة المفاهيم الهندسية، مادة العلوم والتعرف على الحيوانات والنباتات في البيئة، مادة القراءة وإمساك القلم وكيفية استخدام الألوان مع التركيز على الفروق الصغيرة، إضافة لحصة المسرح والسايكودراما، مع المرافقة النفسية».

الراهبة "ماري روز" مديرة المركز والأخت "سميرة القائد"

"ظافر الحصن" المسؤول عن التدريب المهني في المركز والخاص بالشباب من "ذوي الاحتياجات الخاصّة" تحدّث قائلاً: «أعمل في هذا المجال منذ زمن مع أخوية "إيمان ونور" ومركز "الأرض" وهذا أهلني لأن أتعامل مع الشباب ذوي الاحتياجات الخاصّة وتعليمهم وتأهيلهم مهنياً وخاصّة في مجال النجارة وهي مهنة مفيدة جداً للمستقبل يستطيعون من خلالها تأمين دخل خاص بهم، إضافة لتعلمهم ضبط السلوك، ويتم بيع ما يصنعونه من إطارات صور، ولوحات وتماثيل خشبية من خلال المعارض الخيرية التي تؤمن ثمن المواد الأولية التي يستخدمونها».

الراهبة "ماري روز" مديرة "حبة الخردل" والرئيسة الإقليمية "لراهبات القلبين الأقدسين" في سورية تتحدث عن المركز وبدايته وما يقدمه: «بدأنا بخطوة بسيطة متواضعة انطلقت بناءً على طلب الأهالي الذين أحبوا أن يعنى بأطفالهم المعاقين وبدأنا بخمسة أطفال ولكن وسائل النقل كانت قليلة والإمكانيات متواضعة ومن ثمّ توقفنا بسبب صعوبة النقل وعدنا بعون الله حيث قدم المعهد الأوروبي بالتعاون مع محافظة "حمص" لن االمساعدة مع أربعة مراكز هم "الأرض، دار المسنين للمعالجة الفيزيائية في "حمص"، الورود الصغيرة في "حلب" ونحن المركز الرابع وبدأنا سنة 2010/ 2011 بأربعة أطفال مع اختصاصيين نفسيين، "نطق، حركة، توحد، داون، منغوليين"، وآخر العام أصبح عدد الأطفال ثلاثة وعشرين طفلا يأتون من كل الأحياء "الزهراء، باب عمرو، وادي الذهب، كرم اللوز...، والهدف الأساسي لنا هو خدمة الطفل وجعله يحس بالفرح وقيمته كفرد من المجتمع من خلال محبتنا واهتمامنا، ونقسم خدماتنا بين تعليمية، تأهيلية مهنية، بورش الخشب للشباب بعمر "16، 22" والخياطة للبنات بعمر "14، 16" لكي يتعرفوا على مهنة ومهارة مستقبلية من خلال المبادئ الأولية وتقديم صناعات بسيطة تستعمل في المنازل مع تعلمهم كيفية التواصل مع الآخر».

وعن فريق العمل تقول: «لدينا دائماً تنشئة ومتابعة من خلال دورات شهرية مدتها يومان ونصف تشمل مواضيع "النفسي حركي، التواصل، الداون..." إضافة لتقييم عمل الفريق داخل المركز وهو مهم للتطوير، مع التواصل المستمر مع الأهالي والاختصاصية النفسية حتى يستطيعوا إكمال العمل في البيت مع الأطفال وذلك مترافق بزيارات للعائلات الهدف منها الكشف عن وضع الطفل في عائلته، تربيته، وتقبل العائلة له ولاسيما الأمهات اللواتي يعاني بعضهن من جرح نفسي آتٍ من إعاقة الطفل ومن ثمّ إيصال رسالة فحواها "الطفل مهما كان هو هبة من الله والإعاقة التي لديه هي إعاقة لجزء معين فيه لا تشمله كله"».