جعلت تأمين العلم والعمل لطلابها شعاراً لها، تميزت في عملها بالحالة التشاركية بين القطاعين التربوي والصناعي الأهلي، حيث يديرها مجلس إدارة مؤلف من ثلاثة صناعيين وثلاثة تربويين إضافة إلى مدير المدرسة.

إنها ثانوية الشهيد "سمير حمود" للتلمذة الصناعية، الثانوية الوحيدة في محافظة "حمص" المختصة في مجال التلمذة الصناعية العملية والنظرية، والتي تقدّم لطلابها صورة مختلفة عن الثانويات الصناعية الأخرى، من حيث نظام العمل فيها، والتجهيزات المتوافرة المقدمة من الاتحاد الأوروبي.

معرفتي بالمدرسة تمت عن طريق أحد أقربائي الذي شجعني على الالتحاق بها، وهي مدرسة تعد نموذجية بكل شي من ناحية التجهيزات والمدرسين ونظام التدريس

للتعرف أكثر على هذه المدرسة موقع eHoms زار ثانوية "سمير حمود" في حي "الأرمن" شرق مدينة "حمص" والتقى بداية الدكتور "أحمد الحافظ" عضو اللجنة الوطنية للتلمذة الصناعية، ورئيس مجلس إدارة ثانوية "سمير حمود" للتلمذة الصناعية فذكر بأن: «نظام التلمذة الصناعية يأتي ضمن برنامج تحديث التعليم والتدريب المهني في سورية الذي أطلق أطلق بالتعاون ما بين الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي عام /2003/، فبعد اطلاع سورية على الخبرات الأوروبية في مجال التعليم والتدريب المهني تم إطلاق نظام التلمذة الصناعية، وترتكز فكرته على دراسة الطالب للمواد النظرية والعملية في المدرسة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي اليومين الآخرين يذهب إلى أحد المعامل التي يختارها لتطبيق الجانب العملي بالاتفاق مع مجموعة من الشركات الصناعية الخاصة العاملة في "حمص"».

الدكتور "أحمد الحافظ" رئيس مجلس إدارة ثانوية التلمذة الصناعية

وأضاف الدكتور "الحافظ" بأن: «مشروع التلمذة الصناعية بدأ أولاً في "دمشق" ثم "حلب" وفي عام /2005/ تم تطبيقه في "حمص"، ويتم حالياً التحضير لافتتاح ثانويات أخرى في بقية المحافظات، وفي "حمص" حققت ثانوية التلمذة الصناعية الكثير من النتائج الإيجابية في عملها موقعها البعيد نوعاً ما عن مركز المدينة، وعلى أطرافها الشرقية، لكننا بدأنا بالعمل فيها باختصاصي التصنيع الميكانيكي للذكور، وصناعة للذكور والإناث، وذلك حسب حاجة سوق العمل في "حمص"».

وعن أبرز الصعوبات التي تعترض عمل الثانوية قال الدكتور "الحافظ": « مشكلة موقع المدرسة على أطراف المدينة تتم معالجتها حالياً من خلال مديرية التربية التي قدّمت مشكورة "ميكروباص" خاص لنقل الطلاب من وإلى المدرسة، مع العلم أن إمكانية تغيير الموقع ليس بهذه السهولة رغم جهود إدارة المدرسة للتغيير والبحث عن موقع جديد، وفي حال تم الانتقال لهذه المدرسة ستحل برأيي مشكلة الأعداد القليلة للطلاب، كما يمكن أيضاً التوسع باختصاصات جديدة كاختصاص صيانة السيارات.

المهندس "عامر شما" مدير الثانوية

كما تواجهنا أيضاً مشكلة إقناع الأهالي تشجيع أبنائهم على التسجيل في هذه المدرسة المهنية، وأهميتها بالنسبة لأبنائهم، ويتم حاليا العمل على تنظيم جولات لزيارة الأهل للمدرسة، وإطلاعهم عن قرب على آلية التدريس، لمحاولة تغيير النظرة بالنسبة للمهنة والتلمذة الصناعية».

وعن القرارات الخاصة والمبادرات التي تفرّد بها مجلس إدارة الثانوية "بحمص" فيما يخص تطوير مستوى الطلاب وتأمين فرص عمل لهم قال د. "الحافظ": «مجلس إدارة مدرسة التلمذة الصناعية "بحمص" اتخذ عدة مبادرات خاصة، منها إلزام الطالب بفترة تدريب لمدة شهر كامل، خلال العطلة الصيفية ضمن المعمل، ليستطيع الترفع إلى لسنة التالية، وذلك للحفاظ على تطور الطالب وتنمية مهاراته، ومن يقول أن فرص العمل غير متوفرة للطلاب بعد تخرجهم فهو خاطئ، لأن الفرص متوفرة بكثر، وخاصة أمام هؤلاء الطلاب الذين يمتلكون خبرة أوسع من غيرهم يمكن أن تتطور بشكل كبير مع الزمن نظراً لصغر أعمار الطلاب، كما أن الأوائل بالمدرسة يمكنهم متابعة دراستهم في المعاهد المهنية والصناعية، وكذلك في الجامعات.

طالبات من قسم صناعة الألبسة ضمن غرفة آلات الخياطة

كما التقينا المهندس "عامر شما" مدير ثانوية التلمذة الصناعية "بحمص" فذكر أن مدة الدراسة بالثانوية ثلاث سنوات تبدأ من الصف العاشر: «ولا يطلب من طالب الصف التاسع سوى النجاح للتسجيل فيها، كما تعد صفوف المدرسة نموذجية، فهي تضم عشرين طالباً كحد قصى، كما تتم متابعة الطلاب في المعامل عبر مشرفين ومشرفات يقومون بتقييم العمل الخاص بالطالب، والمطلوب منه بشكل مستمر».

وعن أبرز أهداف المدرسة قال المهندس "عامر": «أبرز أهدافنا تعليم وتدريب الطالب، بحيث يصبح مؤهلا بشكل عال في مهنته التي يختارها، من خلال إعطاء الطلاب مهارات عملية تناسب سوق العمل، تضمن لهم فرصة عمل جيدة في المستقبل، إضافة إلى فتح آفاق التطور أمام الطلاب عبر التدريب على أحدث التقنيات، مع منحهم مكافأة شهرية من المعمل الذي يلتزمون معه خلال فترة دراستهم، كما تشمل الأهداف أيضا تأمين العمل في العطلتين الانتصافية والصيفية في المعمل وبأجور مناسبة».

وبالنسبة للمناهج المتبعة في المدرسة، أوضح المهندس "شما" أن: «المناهج خاصة بالتلمذة الصناعية، تتلائم مع سوق العمل حسب الاختصاص، ويتم تقديم المواد من قبل مدرسين وتربويين تم تأهيلهم بدورات متطورة عن طريق الاتحاد الأوروبي، وتدربوا جيداً على الآلات الحديثة المتطورة الموجودة بالمدرسة، التي تفتقر لها أحيانا بعض المعامل، سواء تجهيزات صناعة أو تجهيزات مهنة التصنيع الميكانيكي».

واعتبر المهندس "شما" أنه رغم التناقص بعدد الطلاب اليوم عن العام الأول الذي بدأت فيه، لكن التفاؤل يبقى موجوداً والأهم هو: «البدء بالتركيز على النوع وليس الكم بالطلاب، والدليل تضاعف عدد الشركات المساهمة مع المدرسة التي بدأت بثلاث شركات ألبسة وست شركات تصنيع مكيانيكي، فأصبحت اليوم سبع شركات صناعة ألبسة واثنتي عشرة شركة تصنيع ميكانيكي، وهذا دليل اقتناع الشركات بالتطور العلمي الذي تشهده المدرسة رغم النقص بعدد الطلاب».

موقع eHoms التقى أيضاً بعض طلاب المدرسة وتعرف على كيفية تسجيلهم بهذه المدرسة ورأيهم بالدراسة فيها، فاعتبر الطالب "حسان محمد رابعة" من الصف الحادي عشر في قسم التصنيع المكيانيكي أن: «معرفتي بالمدرسة تمت عن طريق أحد أقربائي الذي شجعني على الالتحاق بها، وهي مدرسة تعد نموذجية بكل شي من ناحية التجهيزات والمدرسين ونظام التدريس».

وأضاف: «المدرسة الجيدة لن تخبئ نفسها، وتناقص عدد الطلاب اليوم يلعب الأهل دوراً كبيراً فيه برفضهم فكرة ذهاب ابنهم إلى مدرسة مهنية صناعية، لكنني لمست أهمية تعلم الطالب لمهنة يحبها ويبدع فيها، تكون مصدر رزق له وتؤمن له عيشاً كريماً في المستقبل».

الطالبة "شروق ابراهيم" في الصف العاشر قسم صناعة الألبسة قالت: «كان عندي رغبة بالتسجيل في هذه المدرسة، وذلك عن طريق أحد أقربائي الذي نصحني بالمتابعة فيها، إضافة إلى تشجيع أهلي، حتى إنني عندما دخلت مدرسة التلمذة الصناعية وأعجبتني كلمت عدداً من زملائي وأصدقائي عنها فتشجع بعضهم وانتقلوا من مدارسهم المهنية والصناعية إليها».

أما الطالبة "منى ديب" من الصف العاشر مهنة صناعة الملابس فقالت: «كنت مسجلة بمدرسة التجارة، وبعد معرفتي بالمدرسة أعجبتني أهدافها والنظام المتبع فيها، فانتقلت إليها، وسأتابع في مجال صناعة الملابس لأكون مصممة أزياء بالمستقبل، لأن المهنة برأيي هي التي تحمينا وتعطينا استقلاليتنا وتطور من شخصيتنا».