لطالما عرفنا الكثير من المدارس التي تدرس الموسيقا بكل أنواعها حتى الدينية منها والتي بات الاهتمام بها جليا وذلك للأثر العميق الذي تتركه في النفوس، ولكن أن تفتتح مدرسة لتعليم الموسيقا البيزنطية القديمة لشباب الجيل الحالي وأن تلاقي منهم الإقبال...

وهذا ما أرادته مدرسة القديس "رومانوس" لتعليم الموسيقا "البيزنطية" في "حمص" التي تمّ افتتاحها في الأول من "تشرين الأول" لعام /2008/م ببركة صاحب السيادة الميتروبوليت "جاورجيوس أبو زخم" في مكتب التعليم الديني بـ"حمص". هو ما دعانا للتوجه إلى هذه المدرسة لمعرفة المزيد عنها.

لقد سجلت في البداية لمجرد الهواية والتعرف على الثقافة "البيزنطية" إلا أنني وبعد عدّة دروس لاحظت أنها علم قائم بحد ذاته، وهناك صعوبة وتحدٍ في تعلّم النوتة وقراءتها بشكل صحيح، باللحن وإخراج الصوت، وأحسست أنني أطلع على شيء من عالم الموسيقا الذي لا أعرف عنه شيئاً

موقع eHoms زار المدرسة في11/10/2008، والتقى أحد مؤسسي المدرسة وعضو من الهيئة التدريسية الأخ "بسام صوان" الذي قال لنا: «المدرسة تعّد الأولى من نوعها في "سورية"، وفكرة المدرسة أتت حصيلة مجهود عدّة أشخاص يتقنون الموسيقا "البيزنطية" وأولهم الأب "افرام" الذي يعّد أكثرهم معرفة بهذا النوع من الموسيقا "بحمص" وهو أحد معلمي المدرسة، وطرحت هذه الفكرة على سيادة المطران من قبله، لتصبح حقيقة ويتم افتتاح المدرسة بكادر (12) شخصاً تسعة معلمين وثلاثة إداريين، هذا بالإضافة إلى أنّ أربعة منهم طلاب "لاهوت" خريجو جامعة "البلامنت" التي مقرّها "جبل لبنان" واختصاصيون في هذا المجال، أمّا ما تبقى فقد اتبعوا دورات موسيقا "بيزنطية" خاصّة في عدّة أماكن "مار جرجس" بـ "حمص" و"دير الحميراء" في "مرمريتا"، كذلك فقد تمّ تدريب الأساتذة بدورتين الأولى خمسة أيام، الثانية أربعة أيام في صيف /2008/ ليصبحوا أكثر خبرة وتأهيلاً».

طلاب المستوى الثاني أثناء درس "الترتيل"

منهاج المدرسة وأهميته وعن ذلك يتابع الأخ "بسّام": «يتّم في مدرسة الموسيقا تعليم المواد التالية : "الموسيقا البيزنطية"، "التيبكون" (أصول الخدم الليتروجية)، "الفوكاليزيوم" (فن إخراج الصوت، "اللغة اليونانية" (لغة الترتيل)، وتبلغ مدّة الدراسة أربعة أعوام يخضع فيها الطالب في كل عام لامتحانين أساسيين، وامتحانات فرعية، وتدرّس المواد على مستويين (أول، ثاني) وخلال يومين في الأسبوع، وللطالب حق اختيار اليوم الذي يناسبه، وبلغ عدد التلاميذ هذا العام (150) طالبا من عمر (15 وما فوق) وتمّ تقسيمهم بين المستويين بعد خضوعهم لفحص المستوى الذي تمّ بتاريخ 2-3/9/2008 أما المنهاج فقد وضع بشكل مدروس ومتخصص ليقدم للطلاب من خلال كتب تشمل تمارين محددة لكل من المستويين ففي المستوى الأول يتعلم الطلاب السلم الموسيقي "البيزنطي"، تقسيم الزمن، ولا سيما "الإيقاعي" نوطة وقراءة، وعندما يتمكن الطالب منها ينتقل إلى تعلّم أخرى أكثر صعوبة وهكذا، وذلك بجمع نتائجه آخر العام من خلال امتحاناته الفرعية والأساسية، هذا وقد تمّ تجهيز كافّة المواد التي ستعطى في المدرسة من السنة الأولى وصولاً للثالثة والرابعة، ونحن نعتبر أن الأهم هو وصول الطلاب للمستوى الأخير وإتقانهم له بما يشمل "اللغة اليونانية"، "فن التنويط البيزنطي"، "الأوزان الكنسية"، "الترتيل الكنسي" و"الألحان البيزنطية" ليصبحوا قادة جوقات في "الكنائس"».

هذا وقد تحدّث الأشمندريت "الياس عبدوكا" عن أهمية المدرسة في منتدى الشبيبة "الأرثوذكسية": «إن هذه المدرسة هي حصيلة جهد استمر لـ (37) عاما حيث بدأ مجموعة من الشباب بتعلم الموسيقا الكنسية وإتقانها بشكل سماعي ثم قاموا بتدريب عدد من الشباب الآخرين حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن حيث يوجد لدينا مجموعة من الشباب والشابات القادرين على قراءة النصوص الكنسية قراءة صحيحة».

توزيع الكتب على طلاب المستوى الأول

بعدها تجولنا في المدرسة وأخذنا رأي مجموعة من الشباب حول أهمية المدرسة بالنسبة لهم وأولهم الشاب "جورج جروج" (كلية سياحة / سنة ثالثة): «لقد سجلت في البداية لمجرد الهواية والتعرف على الثقافة "البيزنطية" إلا أنني وبعد عدّة دروس لاحظت أنها علم قائم بحد ذاته، وهناك صعوبة وتحدٍ في تعلّم النوتة وقراءتها بشكل صحيح، باللحن وإخراج الصوت، وأحسست أنني أطلع على شيء من عالم الموسيقا الذي لا أعرف عنه شيئاً».

أما الشابة "جيانا" (سنة رابعة/هندسة اتصالات) فكان رأيها بالمدرسة: «كان لدي حلم بأن أرتل وأتقن ذلك، وجدت المدرسة فرصة لتحقيق هذا الحلم وأتعلم الطريقة الصحيحة في أداء "الترتيل الكنسي" بالإضافة لتعلم اللغة "اليونانية" وهي لغة مهمة وذات فائدة في الإطلاع على الآداب اليونانية والتحدث بها، أما عن رأيي بالمدرسة فقد فوجئت بتنظيمها الرائع والمنهاج المدروس وأساتذة يعرفون ما يقدموه للتلاميذ بطريقة متقنة».

أحد أساتذة المستوى الأول مع طلابه

ولمزيد من المعرفة فإن الموسيقا "البيزنطية" وهذا النوع من فن الترتيل متبعين في الكنائس "الكاثوليكية" و"الأرثوذكسية" فقط دون الطوائف الأخرى.