على الرغم من كون بلدة "الحواش" من البلدات المعروفة على الخارطة السورية سواء من حيث واقعها السياحي أو العلمي نجد أن واقعها الثقافي مهمش إلى حدٍّ ما إذا ماقورن بمكانة البلدة السياحية والعلمية، ففي الوقت الذي تنتشر فيها المقاصف والمنتجعات السياحية كـ"منتجع روتانا السياحي" والجامعات الخاصة كـ"جامعة الحواش الخاصة"..

ترى أن مركزها الثقافي يعاني كباقي مراكز القرى الثقافية من عدم وجود مقرّ له يستطيع أن يمارس من خلاله نشاطه الثقافي بشكل يتناسب وموقع البلدة وحفظ تراثها المادي والمعنوي، والمشكلة هذه المرة لا تقع على عاتق البلدية التي اعتدنا أن تكون مقصرة في تخصيص أرض على المخطط التنظيمي لبناء المركز، وإنما اللوم هذه المرة يقع على عاتق مديرية الثقافة التي لم تقم إلى الآن ببناء المركز الثقافي في "الحواش" على الرغم من تأمين البلدية الأرض اللازمة لهذا البناء؟؟!!!.

كمديرة للمركز الثقافي فإن اهتمامي الأساسي ينصب على جذب الناس الذين لم يدخلوا في حياتهم المركز الثقافي أو لم يكن لهم أدنى اهتمام بالنواحي الثقافية، فأنا لا أعتبر نفسي أنني أنجزت عندما يكون رواد المركز من المثقفين، بل الأهم بالنسبة لي أن تحضر أم أو أب حيث موضوع الثقافة لم يكن يهمهم في يوم من الأيام

موقع eHoms زار هذا المركز واطلع على واقعه والمشكلات التي تصادفه، والدور الذي يقوم به في نشر الثقافة، حيث كان لنا لقاء مع مديرة المركز الثقافي في "الحواش" السيدة "زائدة نادر" التي قالت في بداية حديثها عن المركز الثقافي: «نشأ المركز الثقافي في"الحواش" في العام/1996م/ وكان في البداية عبارة عن غرفة في البلدية، ثم انتقلنا إلى مقرنا الجديد منذ /4/سنوات، وهو عبارة عن شقة سكنية مستأجرة طابق أول مكونة من ثلاث غرف هي الإدارة والمكتبة والمستودع، ويبلغ ملاك المركز/3/ موظفين هم مديرة المركز وأمين المكتبة وموظفة الكمبيوتر وهي مندوبة إلى المركز».

مديرة المركز الثقافي"زائدة نادر"

مضيفةً: «يبلغ عدد عناوين الكتب لدينا /3695/ وهي كتب منوّعة فهناك الكتب الأدبية والتاريخية وهناك مجموعة شعرية وكتب الفلسفة، إضافةً إلى الموسوعات والمراجع العلمية والمعاجم، وهناك مجموعات قديمة تعود إلى العام/1996م/، وبالنسبة لمكتبة الأطفال هناك الموسوعات العلمية، وكتب لتعليم اللغة الإنكليزية، وهناك أقراص CD لتعليم الأطفال كيفية النطق والمحادثة، ومن المفروض أن تكون بشكل دورات تقيمها مديرية الثقافة في المراكز لكننا لم نستطع إقامتها هنا بسبب ضيق المكتبة، ويبلغ عدد المنتفعين من خدمات المركز الثقافي بشكل عام/1600/شخص أي كل ربع /400/شخص».

وعن كيفية اختيارهم للكتب والمراجع تقول "نادر": «تقوم مديرية الثقافة بتزويد المراكز الثقافية بالمجموعات والموسوعات العلمية ونحن نختار ما يلائمنا وبشكل يتناسب مع طبيعة القرّاء لدينا ومستواهم الثقافي والفكري، حيث لدينا عدد كبير من طلاب الجامعات الذين يأخذون المراجع العلمية من أجل أبحاثهم في الجامعة خاصة طلاب الأدب العربي الذين يستعيرون الموسوعات الشعرية وكتب النقد الأدبي، وطلاب التربية الذين يحتاجون إلى كتب علم النفس لذلك نعمل على توفير هذه المجموعات لهم والتي تساعدهم في دراستهم».

المكتبة

  • إلى أي حدٍّ يتيح لكم المركز الحالي الحرية لممارسة مهامكم الثقافية؟
  • ** الحقيقة نحن محكومون بضيق المكان لذلك تقتصر نشاطاتنا داخل المركز على إقامة حلقات الكتاب والمحاضرات الصغيرة، وكنّا فيما مضى نقيم عروضاً سينمائية وأفلاماً تعليمية للأطفال في المكتبة التي تتسع لحوالي /10-15/شخص، أما الآن فإقامة هكذا عروض تحتاج إلى موافقات لذلك توقفنا عن إقامة هذه الأنشطة.

    كادر المركز

    أما المحاضرات الكبيرة فنضطر إلى إقامتها بصالة الكنيسة، لكن حتى صالة الكنيسة أصبح لدينا مصاعب بخصوص إقامة المحاضرات فيها فهي مخصصة لإقامة الأعراس والوفاة وليست مخصصة للأنشطة الثقافية، وهذا مادفعنا إلى إلغاء محاضرات لعدد من الأسماء المعروفة مثل الكاتب "حنا مينه" والمؤلف السوري المعروف "فراس السواح"، وكانت هناك محاضرة مقررة للفنانة "منى واصف" لكن تمَّ إلغاؤها، حيث كنا نتصل معهم وكانوا يرحبون بالقدوم إلينا وإلقاء المحاضرات لكننا كنا نضطر للاعتذار منهم بعد فترة بسبب حجز صالة الكنيسة لعرس أو وفاة وهذا كان يسبب لنا الكثير من الإحراج.

  • هل طالبتم بتأمين مقرّ للمركز الثقافي؟
  • ** نعم وقد قامت بلدية "الحواش" بإعطائنا أرض بمساحة /2/دونم لبناء المركز الثقافي وهي أرض قريبة من المركز الحالي، لكن البناء لم ينفذ لذلك قامت البلدية باسترجاع الأرض وأعطتنا أرض في منطقة أبعد وللأسف لم تقم مديرية الثقافة إلى الآن بتنفيذ البناء مع أنها قامت بأخذ رسومات للأرض ؟؟؟!!!، والمركز الثقافي في هذه البلدة ينبغي أن يكون له الأولوية لكون "الحواش" بلدة ذات تجمع سكاني يبلغ حوالي/8000/ نسمة وهي مركز للقرى المجاورة لها مثل("المزينة"- "عين العجوز"- "عناز").

  • ما هي الأسس التي تتبعونها عند اختياركم عناوين المحاضرات، وكيف تقيّمون نسبة الحضور الشعبي؟
  • ** نقوم باختيار المحاضرات التي تتناسب والوضع الثقافي والتعليمي للمنطقة، فبلدة "الحواش" ذات نسبة تعليمية مرتفعة وفيها عدد كبير من طلاب الجامعات، وعلى هذا الأسس تلقى المحاضرات العلمية والتربوية شعبية جيدة مقارنة بالمحاضرات الأخرى كالنقد الأدبي أو الحديث عن شاعر أو كاتب، ومحاضراتنا في الغالب تكون عن الإعلام ودوره في التنشئة الاجتماعية عند الأطفال وصراع الأجيال وقضايا الزواج والطلاق وهذه العناوين غالباً ما تلقى الاهتمام لدى المواطنين.

    أما بخصوص الحضور الشعبي لهذه المحاضرات وإلى المركز الثقافي فيمكن القول إنها جيدة مقارنة بالإمكانيات المتاحة لدينا، كذلك هناك أمر لايمكن تجاهله وهو أن الثقافة أصبحت في كل منزل، فأي معلومة ثقافية يمكن الحصول عليها عبر الإنترنت أو التلفاز وهذا ماقلل الاهتمام بارتياد المراكز الثقافية وحضور المحاضرات والأماسي، لذلك حتى في المراكز الكبرى في المدينة ترى أن نسبة الحضور قليلة وتقتصر على المسنين أو الأطفال الغير مؤهلين لاستخدام الكمبيوتر والإنترنت بعد، وطلبة الجامعات الذين لديهم حلقات بحث. فهذه المراكز كانت نشيطة عندما لم يكن هناك أي مرجع أخر أما الآن فقد اختلف الأمر كثيراً».

    وعن الدور الذي يمكن أن يقوم به مدير المركز في تنشيط الحركة الثقافية في منطقته قالت"نادر": «نحن كرؤساء مراكز ثقافية ينبغي أن يكون دورنا اجتماعي أكثر منه تثقيفي حتى نستطيع أن نجذب الناس إلى المركز الثقافي، فأنا في الحارة أقوم بزيارة الأمهات وفي عيد الأم أقوم بدعوتهم إلى المركز الثقافي من أجل أن يغدوا أصدقاء للمركز، وفي كل محاضرة أقوم بدعوتهم لدرجة أنهن أصبحن يتكلمن معي ويقولون تكلمي معنا عندما تقيمون أي محاضرة، وعندما أحضر مجموعة علمية جديدة أتصل بالأهالي وأعلمهم بذلك حتى يرسلوا أبناءهم، وبذلك فقط تستطيع أن تربط المواطن بالمركز الثقافي من خلال تعويده وتسهيل أمور الإعارة بالنسبة له، فهناك عدد من كبار السن أو الأطباء الذين يطلبون منا مراجع أو موسوعات علمية ونقوم بإعارتهم إياها على عاتقنا بالرغم أنه من غير المسموح إخراج هذه المراجع والموسعات خارج المركز الثقافي.

    كذلك بالنسبة لبطاقات الإعارة فمن غير المعقول أن نطلب من كل شخص يأتي إلينا لاستعارة قصة أن يعمل بطاقة إعارة بـ/250/ل.س هذا الأمر سيدفع المواطن إلى الإحجام عن التردد مرة أخرى إلى المركز الثقافي، لكننا نقوم بإعارته الكتاب على مسؤوليتنا فنحن أبناء بلد واحد، ومن النادر أن استعار أحد أبناء البلدة كتاب ولم يعده».

    وتنهي "نادر" حديثها بالقول: «كمديرة للمركز الثقافي فإن اهتمامي الأساسي ينصب على جذب الناس الذين لم يدخلوا في حياتهم المركز الثقافي أو لم يكن لهم أدنى اهتمام بالنواحي الثقافية، فأنا لا أعتبر نفسي أنني أنجزت عندما يكون رواد المركز من المثقفين، بل الأهم بالنسبة لي أن تحضر أم أو أب حيث موضوع الثقافة لم يكن يهمهم في يوم من الأيام».