تعتبر قرية "الزرزورية" من القرى الجميلة الواقعة إلى الغرب من مدينة "حمص" على بعد سبعة كيلو مترات، تجتاز تحويلة "حماة- دمشق" أراضيها الزراعية من الغرب، وتقع الشركة السورية لنقل النفط الخام فوق أراضيها الزراعية من الجهة الجنوبية وكذلك مصفاة حمص وأوتستراد (حمص- طرطوس).

سكنها أهلها منذ حوالي مئتي عام، ويبلغ عدد سكانها الحالي حوالي ألفي نسمة، يعمل معظمهم بالزراعة، في أراضي القرية التي تشتهر بزراعة القمح والشعير والحمص والعدس، والزيتون واللوز الجوز والصنوبر.

لقد أنجز فرع المؤسسة جرداًً لمنازل أهالي قرية "الزرزورية" الواقعة ضمن المنطقة التي تم تنظيمها، حيث بلغ عدد البيوت الواقعة ضمن المنطقة التي تم تنظيمها (60) بيتا، يشغلها (62) عائلة، وسيتم استيعابهم ضمن توسع تنظيم قرية المزرعة المخصص لذلك

لكن أهالي قرية "الزرزورية" يعانون اليوم من مشكلة تجريف أراضيهم الزراعية بعد استملاكها من قبل المؤسسة العامة للإسكان، بالإضافة إلى أن نصف مساكن القرية مهددة بالهدم حسب قرار الاستملاك هذا.

عمليات تجريف أراضي القرية الزراعية

موقع eHoms زار القرية والتقى بمختارها ورئيس جمعيتها الفلاحية، وبعدد من الأهالي المتضررين، واستمع منهم لتفاصيل القضية والآثار السلبية التي قد تلحق بهم وبعائلاتهم في حال تمت المتابعة بتنفيذ قرار الاستملاك.

مختار القرية السيد "أحمد شحود" قال بداية: «غالبية أهالي القرية هم من المزارعين، يعملون بالزراعة الشتوية والمروية منذ عشرات السنين في أراضي القرية، وبعد صدور قانون الإصلاح الزراعي، تم تنقيب واستصلاح مساحات واسعة من أراضي القرية الصخرية بواسطة "بلدوزرات" خاصة قدمتها مديرية زراعة "حمص"، وتمت زراعة الأراضي المستصلحة بالأشجار المثمرة كالزيتون واللوز الجوز والصنوبر وغيرها، كما تم حفر الآبار لإرواء هذه الأراضي، وذلك بموجب قروض من المصرف الزراعي التعاوني، وسدد أهالي القرية المستفيدين أقساط قيمة الأراضي إلى مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي، وجرى استبدال شهادات الانتفاع بشهادات تمليك للمزارعين المنتفعين بقانون الإصلاح الزراعي».

"أحمد شحود" مختار القرية

وأضاف: «لكن في عام /1976/ صدر قرار من المؤسسة العامة للإسكان قضى باستملاك (80) % من الأراضي الزراعية للقرية، بما فيها نصف مساكن أهالي القرية (66 مسكنا)ً، وباشرت مؤسسة الإسكان منذ مدة بتجريف الأراضي الزراعية الواقعة شرق القرية، وبدأت معالم الضرر تنعكس على مورد رزق المزارعين المتضررين، علماً أن الزراعة هي المورد الرئيسي للأهالي، وإذا تمت المتابعة بتنفيذ التجريف سوف يؤدي إلى قطع هذا المورد، وبالتالي زيادة البطالة وفقدان الأهالي مساكنهم التي بنوها بعرق جبينهم وتشردهم. مع العلم أن مؤسسة الإسكان قامت بالاستملاك دون التعويض عن بدل الاستملاك للفلاحين والمواطنين بالقرية».

وعن أبرز المحاولات التي قام بها أهالي القرية لحل مشكلتهم أخبرنا السيد "علي شحود" من كبار رجال القرية سناً فقال: « قدمنا العديد من الكتب للنظر بإمكانية رفع الاستملاك، وأبرزها الكتاب الذي رفعناه عن طريق السيد محافظ "حمص" إلى رئاسة الوزراء، ورفعنا كتاباً آخر إلى السيد وزير الإسكان لكن دون جدوى، ورفعنا كتاباً إلى وزارة شؤون رئاسة الجمهورية أوائل العام الماضي /2008/، وأتى الرد بأنه سيتم معالجة الموضوع باجتماع سيعقده المعنيون قريباً، لكن إلى الآن لم يحدث شيء».

بعض فلاحي القرية أمام أراضيهم التي في طريقها للتجريف

وتابع: «وعدتنا مؤسسة الإسكان بالتعويض عن المساكن بأخرى بديلة في منطقة بعيدة عن القرية، لكننا لا نستطيع العيش فيها، ولا يمكن لهذه المساكن أن تعوضنا عن منازلنا التي نعيش فيها حالياً وجميع الأهالي يؤيدوني بذلك.

سنتمسك بأرضنا وبيوتنا، ولن نخرج منها أبداً، وأناشد كل المعنيين وأطالبهم باسم أهالي "الزرزورية" تجنيب هدم المساكن، وتجنب تجريف الأراضي، وتنظيم القرية أسوة بقرية "المزرعة" (الواقعة إلى الشرق من "الزرزوية")، علماً أن قريتنا ضمن المخطط التنظيمي لمدينة "حمص"، كما أنه يمكن البناء على الأراضي الشمالية من القرية، الخالية من السكن، وبعمق ستة كيلو مترات.

رئيس الجمعية الفلاحية في القرية "علي شحود" تحدث قائلاً: «يعيش معظم أهالي القرية يعيشون من إنتاج أراضيهم الزراعية، وإذا تم تنفيذ الاستملاك، ستضرر مئات العائلات في القرية من عدة نواح، علماً أن مساحة الأراضي التي تم استملاكها حوالي (2500) دونماً، منها ما يقارب (400) دونم أراض زراعية مروية، فيها أكثر من (800) شجرة زيتون، ومسجل في القرية حوالي (114) بئراً إرتوازياً وإلى اليوم تم تجريف (300) دونم من الأراضي المزروعة بالقمح علماً أن محصول القمح مدرج ضمن الخطة الزراعية لمديرية زراعة "حمص" هذا العام /2009/ وقبل نضوج الموسم بشهر جرى التجريف، وقد راجعنا عدة جهات معنية لكن دون جدوى»

الجدير بالذكر أن معظم الأمور الخدمية الموجودة بالقرية نفذت بجهود أهالي "الزرزورية" من خلال العمل الشعبي، وهي عبارة عن مدرستين ابتدائية وإعدادية، ومستوصف، وشوارع معبدة، وصرف صحي وكهرباء، ودور عبادة، وهواتف وغيرها».

من جهة أخرى أشار الرد الرسمي الذي قدمه لنا فرع مؤسسة الإسكان في "حمص" إلى أن «المؤسسة العامة للإسكان قامت بعد تحديد ملكيات المنتفع بأراضي الإصلاح الزراعي بتخصيص كل مالك من أهالي "الزرزورية" المنتفع والمسجل على الصحيفة العقارية وتقدم بطلب لتخصيصه بحصة طابقية من مقسم بدلاً عن أرضه المستملكة. وتم تثبيت ملكية جميع البيوت الواقعة ضمن الاستملاك بموجب قرارات لجان حل الخلافات، وأودعت بدلات الإستملاك بالمصرف بأسماء المالكين ولم يتم الاعتراض على قرارات لجنة حل الخلافات من أي مواطن فأصبحت قرارات مبرمة».

أما بالنسبة لأصحاب البيوت الواقعة ضمن حدود الإستملاك في قرية الزرزوية: «تم عقد عدة اجتماعات بحضور السيد محافظ "حمص" لمعالجة التجمعات السكانية الواقعة ضمن استملاك المؤسسة في منطقة "الوعر" وغرب طريق "دمشق"، فتقرر فيما يتعلق بقرية "الزرزورية" أن يتم تنفيذ الجزء الواقع منها في منطقة توسع مدينة "حمص" (الوعر الغربي) وفق المخططات المعتمدة للمنطقة، ويتم نقل شاغلي هذا الجزء إلى قرية المزرعة».

وجاء في الرد أيضاً: «لقد أنجز فرع المؤسسة جرداًً لمنازل أهالي قرية "الزرزورية" الواقعة ضمن المنطقة التي تم تنظيمها، حيث بلغ عدد البيوت الواقعة ضمن المنطقة التي تم تنظيمها (60) بيتا، يشغلها (62) عائلة، وسيتم استيعابهم ضمن توسع تنظيم قرية المزرعة المخصص لذلك».