«العمل بأرضي هو المصدر الوحيد لرزقي وعيش عائلتي وفي كل عام لا يوجد أية أرباح بالكاد أن يخرج إنتاج محصولي من الشمندر السكري بالتكاليف التي وضعتها لهذا المحصول نتيجة الأضرار التي يسببها المعمل والتي تقضي على معظم المحصول». هذا ماذكره المزارع "أنس زكريا". كما ذكر المزارع "أحمد حسن" أن أشجار اللوز لديه قضى عليها المعمل فأزهار اللوز عنده تيبست وسقطت ولا محصول لديه هذا العام /2009/م.

* البحيرة..

توجد "بحيرة قطينة" إلى الجنوب الغربي من مدينة "حمص" على بعد 12كم من الطريق الدولي "حمص– دمشق"، طول شواطئها 30 كلم ومساحتها 61 كلم2 تقع على مجرى "نهر العاصي". نشأت البحيرة من تجمع مياه النهر خلف لسان بازلتي ممتد من منطقة "وعر حمص". كانت البحيرة في العصور السابقة موضع عناية من قبل السكان لما توفره من مياه لري المحاصيل الزراعية والبساتين المجاورة لها. في عام 1930م جرت تعلية سد البحيرة البازلتي بآخر صناعي ليصل ارتفاعه إلى 7.4 أمتار وطول 1130 متر وعرض قاعدته 35 متر أدى ذلك إلى زيادة مخزون مياه البحيرة ليصل إلى 250 مليون متر مكعب من المياه أصبحت هذه البحيرة منتزها ومركزاً سياحيا لأهالي مدينة "حمص" وقراها.

في عام 2006 قامت هيئة الموارد البيئية ومديرية البيئة بتشكيل لجنة مشتركة لدراسة عينات من مياه البحيرة وقدرت اللجنة قيمة التدهور البيئي للبحيرة بخمسة مليارات ليرة سورية سنوياً. تسبب التلوث بالكثير من الأمراض لسكان المنطقة وأكثر هذه الأمراض انتشارا نستطيع أن نربطها ربطا مباشر بالشركة العامة للأسمدة كالأمراض التحسسية (التحسس العيني- الجلدي- التحسس على مستوى الجهاز التنفسي وهو الأخطر) إذ تزداد بشكل كبير حالات التشنج القصبي المقلد للربو في ظروف التشغيل السيئ للمعامل وخاصة عندما يكون اتجاه الرياح متجهاً من المعامل باتجاه البلدة (المتلاصقتين أصلا)

* ولكن!!

أصبحت البحيرة منذ مايقارب العشرين عام بؤرة للتلوث حيث يوجد على ضفافها الشرقية مصنع للأسمدة التابع للشركة العامة للأسمدة في "حمص" الذي يقوم بدور كبير في تلوث البيئة المحيطة للبحيرة وهذا المصنع يقوم باستجرار المياه اللازمة لعملية التصنيع من البحيرة عبر قناة خاصة وبعد استعمال المياه في التصنيع تطرح إلى البحيرة بما تحويه من مواد كيميائية مضرة بالصحة والمسببة للعديد من الأمراض. أدى ذلك إلى انعدام الحياة الحيوانية (الأسماك) والحياة النباتية. من يأتي لزيارة هذه البحيرة المنكوبة يلاحظ التلوث والأضرار الحاصلة على شواطئها التي تغطيها بقع داكنة ذات رائحة كريهة.

د.أمين الصباغ

موقع eHoms التقى مع الدكتور "أمين الصباغ" الأخصائي في الأمراض الداخلية العامة (قلبية- صدرية) وهو من سكان البلدة والمقيمين فيها والذي حدثنا عن التلوث الحاصل للبحيرة والبلدة فقال: «في عام 2006 قامت هيئة الموارد البيئية ومديرية البيئة بتشكيل لجنة مشتركة لدراسة عينات من مياه البحيرة وقدرت اللجنة قيمة التدهور البيئي للبحيرة بخمسة مليارات ليرة سورية سنوياً. تسبب التلوث بالكثير من الأمراض لسكان المنطقة وأكثر هذه الأمراض انتشارا نستطيع أن نربطها ربطا مباشر بالشركة العامة للأسمدة كالأمراض التحسسية (التحسس العيني- الجلدي- التحسس على مستوى الجهاز التنفسي وهو الأخطر) إذ تزداد بشكل كبير حالات التشنج القصبي المقلد للربو في ظروف التشغيل السيئ للمعامل وخاصة عندما يكون اتجاه الرياح متجهاً من المعامل باتجاه البلدة (المتلاصقتين أصلا)».

ويضيف د."أمين" بالقول: «ماحصل في 26 نيسان عام 2007 عندما حملت الرياح غمامة كبيرة من الغازات الخارجة من معامل الشركة وألقت بها فوق المدرسة الابتدائية للبلدة وكان الطلاب في باحة المدرسة أدى ذلك إلى حالات إغماء وإقياء بين الطلاب.

صورة جزء من معمل الأسمدة

وأما فيما يتعلق بالأمراض السرطانية فهناك زيادة ملحوظة في تكرار حالات الأورام المتنوعة في "قطينة" والقرى المحيطة بها. وهناك دراسة موثقة لمشروع القرى الصحية قامت بها بالتعاون مع مستوصف "قطينة" بينت الدراسة نسبة انتشار الأورام والعقم في المنطقة بشكل أكبر من غيرها من المناطق الأخرى.

كما أن وجود الضجيج أدى إلى اضطرابات سمعية لدى أهالي المنطقة وخاصة المسنين منهم، إضافة للتأثيرات الاجتماعية كهجرة الشباب ورفض الكثير من الأسر العيش في مثل هذه الأجواء مما أنعكس على المجتمع».

ضفة البحيرة

* ماذا عن أهالي المنطقة؟؟

أكد الدكتور "أمين الصباغ" أنه منذ عام 1990 تم تقديم آلاف الشكاوى ضد معمل الأسمدة، ووعدنا من السيد محافظ "حمص" المهندس "محمد إياد غزال" والسيد "عبد الله الدردري" نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أثناء زيارتهما للمنطقة أنه لم يبق من عمر الشركة سوى خمس سنوات حيث سيتم نقل (الشركة العامة للأسمدة) إلى منطقة "خنيفيس" شرقي محافظة "حمص" لوجود مناجم الفوسفات الضرورية لعمل الشركة ومضى أكثر من أربع سنوات ونصف تقريباً.

هذا الواقع والحال المرير الذي يعانيه سكان المنطقة بأكملها نتيجة وجود معمل الأسمدة وكل رجائهم أن تقوم الجهات والسلطات المعنية بتنفيذ وعودها لهم.