"لا يوجد مسرح في حمص"... هذه عبارة نسمعها كثيرا على لسان المثقفين في مدينتنا ولا يقصدون بها غياب الفرق المسرحية وانعدام جمهور المسرح، بل غياب خشبة المسرح والأماكن المخصصة للعروض وضعفها وتردي وضعها إن وجدت في "حمص". ولعل غياب العروض المسرحية في أسبوع "مار اليان" الثقافي بدورته الرابعة الذي جرى في الأسبوع الأول من شهرآذار لهذا العام/2009/ كان دافعا لنسأل أين المسرح في "حمص"؟

وكان جواب الأستاذ "فادي عطية" المنسق العام للأسبوع " وخلال لقاء موقع eHoms معه حول عدم وجود أي عرض مسرحي في أسبوع "ماراليان" فقال:

أعطني مسرحا أعطك عروضا، فلا يوجد في "حمص" خشبة مسرح واحدة تستطيع أن تدعو إليها فرق من الخارج أو من "حمص"

«أعطني مسرحا أعطك عروضا، فلا يوجد في "حمص" خشبة مسرح واحدة تستطيع أن تدعو إليها فرق من الخارج أو من "حمص"».

الأستاذ فادي عطية

إن كلام الأستاذ "فادي" صحيح بنسبة كبيرة فتوقف مسرح "دار الثقافة" في "حمص" منذ ما يزيد على أربعة أعوام لأعمال الصيانة أثّر بشكل أو بآخر على النشاط الثقافي العام في المدينة رغم وجود مسارح أخرى تقام عليها المهرجانات والعروض، ولكن هذه المسارح ليست بالمستوى المطلوب، وهذا ما أكده المخرج المسرحي "سامر أبو ليلى" وقد حدثنا أكثر عن هذه المشكلة وأثرها على قلة العروض المسرحية في "حمص" فقال: «يأتي غياب المسارح عن "حمص" ليؤثر بشكل كبير في تراجع العروض وقلتها إضافة لعدم وجود شركات إنتاج وجهات راعية، فمسرح "الزهراوي" الذي احتضن آلاف العروض المسرحية منذ عشرات السنين حالياً هو لم يعد صالحاً للعمل، فعندما يكون لدينا عرض عليه نضطر أن نأتي بالإضاءة من "دمشق" ولا يوجد فيه كواليس كافية، أما مسرح سينما "الكندي" فهو غير صالح أبداً فلا ستاندات لوضع الإضاءة ولا كواليس، إضافة إلى أن أرضيته من البيتون وليس من الخشب، وعندما قدمنا به أحد العروض في عام /2008/ واجهتنا صعوبات كبيرة وبقينا لأكثر من شهر نحاول تهيئته، وكذلك مسرح "سامي الدروبي" الصغير جداً على عروض الكبار وهو مناسب للمحاضرات والأمسيات الشعرية أكثر من العروض المسرحية».

وقد تحدث المخرج "سامر" عن صعوبات أخرى توجه فرقته في أماكن التدريب حيث يضطرون للتدريب في قاعات الكتب المعارض وقاعات مخصصة لرسوم الأطفال وورشات عملهم وردا على سؤالنا عن غياب الارتجال لدى المسرحيين في تغير فضاءات العروض وإبداع أماكن جديدة مثلما حدث مع مسرحية "المهاجران" في "دمشق" قال "أبو ليلى": «هذا غير ممكن في "حمص" لأنه لا يوجد من يدفع للمسرح ولتهيئة فضاء جديد للعرض، تحتاج لمئات الألوف وقد كان عندنا نية لعرض يُقدم في محطة القطار القديمة ولكن تبين لنا أن تجهيزه يحتاج لمبالغ كبيرة ولا يوجد من يدفعها».

المخرج سامر أبو ليلى

وكذلك الموسيقيون متأثرون أيضا بعدم وجود مسارح مؤهلة لحفلاتهم مع اختلاف الشروط التقنية طبعاً عن عروض المسرح، فعازف الناي ومدرس كلية التربية الموسيقية بجامعة "البعث" "ابراهيم كدر" يرى أن المسارح بـ"حمص" غير معدة من ناحية توزيع الصوت أو وجود مهندسيّ صوت مختصين في المسارح حيث قال: «نحتاج بـ"حمص" لثورة حقيقية في مجال هندسة الصوت وإيجاد مسارح معدة للموسيقا من ناحية العزل وتوزيع الصوت في الصالة لأن جمهور "حمص" يستحق ذلك، كما يستحق أن يكون في كل يوم عرض موسيقي أو مسرحي، وأضاف لقد عزفنا في أندية وصالات متعددة بـ"حمص" في أغلب الأحيان لا نكون راضين عن خروج الصوت بها وطريقة وصوله إلى الجمهور خصوصا عندما يكون هناك توزيعات الهارموني وبعض التوزيعات الخاصة بالكورال».

مدير الثقافة في "حمص" السيد "معن إبراهيم" وخلال لقائنا معه وعد بإنهاء العمل في مسرح "دار الثقافة" في غضون أسابيع قليلة في نيسان عام/2009/ كحد أقصى وقال عن هذا الموضوع: «سيكون هناك عروض متتالية وسنشجع الفرق المسرحية والموسيقية في المدينة على التواجد دائما وإقامة أنشطتهم عليها وسيكون مسرح دار الثقافة ضمن الشروط العالمية من ناحية الإضاءة وخشبة المسرح والكواليس وأجهزة الصوت الحديثة».

مسرح دار الثقافة بطريقه للإنتهاء

وأضاف الأستاذ "معن": «كما أن "حمص" موعودة بمسرح قومي يتم الانتهاء أيضا من إنشائه وهو على طريق "دمشق" وسيساهم بشكل كبير بدعم الحركة الفنية في المدينة».

غيرة مثقفي وفناني "حمص" دائما على مدينتهم التي وصفت يوما ما بأنها أم الفنون تدفعهم دائما للعمل على تشجيع أنفسهم في المشاركة في المهرجانات الموسيقية والمسرحية التي تتميز بها "حمص"، ولكن ما نتمناه بحق هو إنشاء دور ثقافية أخرى ومسارح جديدة وعلى الأقل تحسين القديمة وترميمها لاستيعاب طاقة الحماصنة الثقافية.