تشكل مخلفات الزيتون الناتجة عن تصنيع الزيتون ولا سيما "مياه الجفت" تحدياً كبيراً للدولة، ولأبناء المناطق التي تقام فيها هذه المعاصر، حيث تتسبب هذه المخلفات بتلويث مياه الشرب وتخريب التربة وآثار بيئية أخرى.

المشكلة ليست محلية فقط وإنما عالمية، ولا سيما في منطقة البحر المتوسط، المنطقة الأكثر ملائمة لزراعة الزيتون، وهذا ما شكل حافزاً لكثير من الدول لإطلاق مشاريع مشتركة فيما بينها، لمواجهة هذه المشكلة البيئية المتفاقمة، مناسبة الحديث عن هذا الموضوع، هو ما توصل إليه البحث العلمي العملي السوري، بإشراف الدكتور" احمد معروف " الأستاذ في كلية الزراعة في جامعة حلب، بالتعاون مع عدد من المزارعين.

إن كل ألف ليتر من المياه النظيفة يجب أن يضاف إليها مائتي ليتر من مياه الجفت فقط لكي تعطي النتيجة التي سبق ذكرها

موقع eSyria تابع مجريات التجربة العلمية مع الدكتور" معروف " بتاريخ 3/7/2008 الذي تحدث عن الآثار السلبية لتصنيع الزيتون من حيث انحطاط نوعية التربة في الأراضي الزراعية، وتلوث المياه الجوفية، لتدفق الملوثات دون معالجة وقال: إن التحدي في صعوبة معالجة هذه المشكلة، يكمن في تبعثر أماكن تواجد المعاصر، ومدة عملها القصيرة, وهو ما يجعل إمكانية إقامة محطات معالجة مركزية أمراً مكلفاً.

الدكتور "معروف" أشار أن ثمار الزيتون تعتبر الجزء اليسير من الكتلة الحيوية المنتجة من الشجرة المباركة "الزيتون"، بينما يتكون الجزء الأكبر من المنتجات الثانوية، والتي تضم نواتج التقليم، وتفل "الزيتون"، و"ماء الجفت" الذي ما زالت الطرق المستخدمة لمعالجته ذات نتائج جزئية وكلف عالية، وينتج عنها مواد ذات آثار سلبية على البيئة، لذلك كان لا بد من التفكير بحل علمي وعملي للتعامل مع هذه المنتجات، عن طريق إعادة استخدامها في الأراضي الزراعية مباشرة، وبشكل مقنن ومدروس.

سماد عضوي:

يقول الدكتور "أحمد معروف": «مياه الجفت الناتجة عن عصر ثمار الزيتون تحتوي على الكثير من العناصر المعدنية مثل "الآزوت- الفوسفور- البوتاسيوم"، ولذلك فإن حسن استخدامها يستلزم التخلص منها بطرق بيئية سليمة، وبدون أن تترك أية آثار سلبية سواء على المياه الجوفية أو على الترب الزراعية، وإن النتائج الأولية التي توصلنا إليها تشير إلى أن هناك إيجابية من استخدام هذه المياه على نمو الأشجار وعلى الإنتاج النهائي لها طبعاً بنسب معينة ومدروسة» وأضاف الدكتور "معروف" : «إن الدراسات التي أجريت محلياً تؤكد أن المنتج الثانوي السائل- مياه الجفت- يحوي على تركيز عالي من الملوحة، وعلى نسبة عالية من المادة العضوية، وكمية جيدة من العناصر المعدنية، ولذلك فإن استخدام كميات محدودة من ماء الجفت للأراضي المزروعة بالزيتون والقمح يمكن أن يعطي نتائج ممتازة»

وهنا نشير أن المزارع "عبد الجبار أبو راس" من محافظة إدلب أجرى تجربة -تحت إشرافنا- أثبتت أن مياه الجفت يمكن أن تكون سماداً عضوياً طبيعياً فعالاً يستخدم في حقول المزروعات الدرنية، ويعطي نتائج مثالية».

زيادة في الإنتاج

الفلاح "عبد الجبار أبو راس" أكد أن استخدامه لمياه الجفت في ري القمح "الحنطة" قد أدى إلى ازدياد إنتاجه بمعدل خمسين كغ بالهكتار، بينما زاد إنتاجه بمعدل 1.5طن من "البطاطا" بالهكتار الواحد، عن مثيله الذي تم تسميده بالسماد الكيماوي، ناهيك عن نوعية الثمار ذات المواصفات الجيدة، وأوضح الفلاح "أبو راس" :« إن كل ألف ليتر من المياه النظيفة يجب أن يضاف إليها مائتي ليتر من مياه الجفت فقط لكي تعطي النتيجة التي سبق ذكرها».

مصدر غذائي وليس للتلوث

وفي ختام حديثه الدكتور "أحمد معروف" قال:« بالتجربة المدعمة بالبحث العلمي، تبين أن إضافة تفل الزيتون ومياه عصر الزيتون للأراضي الزراعية هي الطريقة الأكثر اقتصادية لحل مشكلة مياه الجفت، كونها تسمح بخفض استخدام الأسمدة الكيماوية، وبالتالي يمكن أن يعتبر مصدراً للسماد العضوي هاماً، وليس مصدراً للتلوث البيئي، وبهذا الشكل نسمح بإغلاق حلقة طبيعية تَدَخُلُ الإنسان فيها محدود إلى حد كبير»

الجدير ذكره أن عدد أشجار الزيتون في سورية يبلغ حوالي (78)مليون شجرة زيتون منها (57) مثمرة تنتح نحو (1،3) مليون طن من ثمار الزيتون، ونحو (200) ألف طن من زيت الزيتون، أما عدد معاصر الزيتون فيبلغ (841) معصرة متوزعة في مختلف مناطق القطر، وينتج عن عصر ثمار الزيتون نحو (800) ألف ليتر من مياه الجفت.