شهد سهل "البقيعة" أعنف وأضخم المعارك التي رسمت تاريخ المنطقة، وجمع على مساحاته الواسعة عدة قرى وتمركزت فيه أغلب الزراعات على مختلف أنواعها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 18/5/2013 السيد "فوزي جروج" أحد مالكي الأراضي الزراعية في سهل "البقيعة" فقال: «تعود ملكيتي للأرض الزراعية كموروث عن أبي وجدي الذي قام بشرائها أسوة بأقاربه، ومثل معظم أفراد العائلة فإن الجميع كان يعمل بالزراعة التي كانت تتنوع بين البعلية والمروية وتقتصر على القمح والشعير البقوليات (العدس – الحمص..) والذرة الذي يعتبر المحصول الأساسي منذ القديم وحتى الآن، والمميز في "البقيعة" هو خصوبتها وسهولة الزراعة فيها وإمكانية نجاح كافة المحاصيل الزراعية ولاسيما بعد دخول البيوت البلاستيكية إلى قسم كبير منها، وشخصياً قمت بإدخال أنواع جديدة على أرضي من حمضيات وزيتون وخضراوات وبعض أنواع الفواكه كالفريز في البيوت البلاستيكية».

اعتبر سهل "البقيعة" الممر الوحيد بين جبال سورية ولبنان الذي اعتمدته الجيوش القديمة في حروبها من وإلى المنطقة، وجرت فيها معارك مهمة للسيطرة على المنطقة نتيجة لموقعها الاستراتيجي وغناها بالماء والغذاء، أهمها بالأقدمية التاريخية حملة تحوتمس (1382-1350) قبل الميلاد، وحملة "رمسيس الثاني"، إضافة لحملة "الاسكندر المقدوني"، ثم حملات الفتوحات الإسلامية والحروب الصليبية، وحملات "صلاح الدين" و"الظاهر بيبرس" للسيطرة على قلعة "الحصن" 1271م، وحملة "إبراهيم باشا" ضد العثمانيين 1831م،

وتابع قائلا: «تعتبر "البقيعة" السهل الوحيد في منطقة ملأى بالجبال لذلك فإن وصول الجرارات الزراعية إليها بسهولة خفف من عبء حراثة الأرض ونقل المحصول مقارنة ببقية الأراضي المجاورة، ووجود المياه التي أمنها سد "المزينة" أنعش هذه الأراضي وزاد إنتاج محاصيلها.

الدكتور المؤرخ يوسف الشامي

إن مساحتها الواسعة الممتدة على نطاق 25 قرية وكثرة الأيدي العاملة في الزراعة جعلتها من أهم مصادر الإنتاج الزراعي للقمح والخضراوات التي تصدر إلى الأسواق المحلية والخارجية، وإن كثرة الأمطار وطبيعة الأرض السهلية جعلتها كثيرة العشب وهذا ما يناسب تربية المواشي وعن ذلك يضيف: «حديثاً تقتصر الحيوانات التي تربى في "البقيعة" على الأبقار والأغنام والدواجن (دجاج- بط- الديك الرومي- الإوز) بملكيات خاصة سواء كبيرة أم صغيرة وسابقاً كان الأهالي يربون الثيران ليستخدموها في حراثة الأرض ونقل المحاصيل إضافة للخيول والجمال التي كانت تستخدم كوسيلة نقل خاصة إلى لبنان وكوسيلة للتجارة ونقل المنتجات مع وجود الحمير والخنازير التي ما زالت موجودة ولكن بأعداد قليلة وبشكل محصور جداً».

قسم سهل "البقيعة" قديماً إلى ثلاث ملكيات أو مناطق أساسية تحدث عنها الدكتور المؤرخ "يوسف الشامي" بالقول: «تتوزع "البقيعة" إلى أراض تقع فوق ساقية "فرشلو" وهي عبارة عن أراض بعلية بمعظمها عدا تلك التي كانت تسقى ببعض الينابيع الصغيرة وبعض الخلجان، وكانت تزرع بالمحاصيل الشتوية، ومساحة الملكية فيها صغيرة نسبياً حيث لا تتعدى عشرين دونماً، والقسم الثاني هو الأراضي التي تقع بين ساقيتي "فرشلو" و"الناصرية" وهي تروى بمياه نبع الناصرية ومساحتها أصغر من القسم الأول، أما القسم الثالث تحت ساقية "الناصرية" فهي أراض محدودة وكانت تعود ملكيتها لبلدة "القلاطية". ويقطع "البقيعة" عدة طرقات منها قديم تم إلغاؤه، وبعضها ما زال قائماً حتى الآن أشهرها طريق الأوتستراد الحالي وهو طريق (السكنية- رباع– أم جامع)، وطريق (المزينة- قلعة السقا- أم حارتين- أم جامع- الأوتستراد- وادي المولى)».

السيد أحمد عباس

وأضاف: «اعتبر سهل "البقيعة" الممر الوحيد بين جبال سورية ولبنان الذي اعتمدته الجيوش القديمة في حروبها من وإلى المنطقة، وجرت فيها معارك مهمة للسيطرة على المنطقة نتيجة لموقعها الاستراتيجي وغناها بالماء والغذاء، أهمها بالأقدمية التاريخية حملة تحوتمس (1382-1350) قبل الميلاد، وحملة "رمسيس الثاني"، إضافة لحملة "الاسكندر المقدوني"، ثم حملات الفتوحات الإسلامية والحروب الصليبية، وحملات "صلاح الدين" و"الظاهر بيبرس" للسيطرة على قلعة "الحصن" 1271م، وحملة "إبراهيم باشا" ضد العثمانيين 1831م،».

يعاني سهل "البقيعة" كمساحة زراعية واسعة لعدد من المشكلات، وذلك ما تحدث عنه السيد "أحمد عباس" أحمد موظفي بلدية "عناز" بالقول: «أتت المشكلات نتيجة تنفيذ بعض المشاريع وعدم تنفيذ بعضها الآخر، ومنها مشكلة المياه القادمة من سد "المزينة" حيث تخضع لضوابط لا تكفي حاجة الفلاح والأرض، إضافة لدفع رسوم المياه بشكل كبير وعشوائي حيث يشمل ذلك اضطرار البعض لدفع رسوم عن كامل العقار دون امتلاكهم له كاملاً، مع وجود حظائر للحيوانات في أماكن مروية مخصصة للزراعة، إضافة لوعورة الطرق المخصصة للوصول إلى الأرض الزراعية ونقل المحاصيل ما يسبب صعوبة في استخدام الجرارات والآلات الزراعية في الشتاء، واهم المشكلات بالنسبة "للبقيعة" هي رمي النفايات بشكل عشوائي على الرغم من وجود مكب نفايات ووحدة معالجة مختصة لم يتم العمل بها حتى الآن، إضافة لمشكلة الصرف الصحي الذي يلوث مياه البقيعة».

صورة غوغل ارث

الجدير بالذكر أن سهل "البقيعة" الأكثر انخفاضاً في المنطقة وهذا يؤدي إلى تجمع المياه فيه وتشكيل مستنقعات تغمر الأراضي الزراعية، ونتيجة لذلك تم إقامة مشروع تجفيف "البقيعة".