تمتلك البادية السورية وخاصة منطقة "تدمر" تنوعاً غنياً في التضاريس من سهول وجبال ووديان، وتنوعاً في المناخ، إضافة إلى غناها بالموارد الطبيعية الهامة واحتوائها العديد من ينابيع المياه والكبريتية والسبخات الملحية التي بدأت في السنوات الماضية الاستفادة منها واستثمارها في الاستجمام وعلاج الكثير من الأمراض.

وأحد أهم هذه المراكز وأشهرها والتي استفادت من الينابيع الكبريتية المتدفقة تلقائياً "منتجع زنوبيا السياحي" في منطقة "العباسية"- جنوب مدينة "تدمر" بنحو أربعين كيلو متراً، وعلى بعد ثلاثة وعشرين كيلو متراً عن طريق "تدمر"- "دمشق"، والذي تمت إعادة تأهيله في صيف العام 2010 بعد مرور نحو خمسة عشر عاماً على إنشائه، ويتم حالياً استثماره سياحياً كمركز للاستجمام والعلاج بالمياه الكبريتية التي تساهم بالشفاء من الأمراض العصبية وأمراض الجهاز الحركي والعضلي والمفاصل، كما تساعد في معالجة حالات الضغط النفسي وتخلص الإنسان من الشعور بالتعب إضافة إلى زيادة حيوية الجسم والتخفيف من آثار الشيخوخة وغيرها من الفوائد الصحية العديدة .

إن بئر المياه الكبريتية القائم عليه المنتجع حالياً يصل عمقه إلى حوالي 750 متراً، وتتراوح درجة حرارته بين 39 إلى 40 درجة مئوية، مع العلم أنه يوجد ما يقارب سبعة عشر نبعاً للمياه الكبريتية بالمنطقة

وللتعرف أكثر على هذا المنتجع التقينا الدكتور "معاوية الخطيب" صاحب النسبة الأكبر من أسهم المنتجع فقال بداية: «إن بئر المياه الكبريتية القائم عليه المنتجع حالياً يصل عمقه إلى حوالي 750 متراً، وتتراوح درجة حرارته بين 39 إلى 40 درجة مئوية، مع العلم أنه يوجد ما يقارب سبعة عشر نبعاً للمياه الكبريتية بالمنطقة».

أحد مغاطس المياه الكبريتية في المنتجع

وعن تأسيس المنتجع وفكرة تجديده أضاف د. "الخطيب": «تأسس المنتجع عام 1998 مملوكاً "لشركة الشرق" كمنتجع بيئي صحي في منتصف البادية السورية، وقد بدأنا أنا وزوجتي منذ صيف العام 2010 بتجديد المشروع ليصبح منشأة سياحية علاجية بيئية، لكونه موجوداً ضمن بيئة نظيفة، وكمكان للاسترخاء والبعد عن ضجيج وتلوث المدن.

وأتت الفكرة بعد تعرضنا أنا وزوجتي وهي طبيبة نسائية لحادث أصابها بخلع في أحد أطرافها منذ خمس سنوات، فقمنا بمعالجتها بالمياه الكبريتية، واستفادت كثيراً دون أي عمليات جراحية، فأحبت المكان، وأحبت أن تطوره، وطرحت الفكرة لتطوير المشروع وإدخال خدمات جديدة مستفيدة من خبرتها الكبيرة بمثل هذه المراكز العلاجية السياحية».

الخيمة التدمرية في المنتجع

وعن أقسام منتجع "زنوبيا" حالياً وما شملته أعمال التجديد قال د. "الخطيب": «تصل مساحة المنتجع إلى حوالي مئة دونم، وتصل مساحة البناء الموجود فيه إلى ألفي متر مربع، وقد شملت أعمال التأهيل تجديد غرف إقامة الزوار بشكل أضفى عليها الطابع الريفي ببساطته، وإقامة الخيم التدمرية العربية إضافة إلى الاهتمام بالمساحات الخضراء والملاعب الخاصة بالأطفال، حيث يضم المنتجع أربعة مغاطس يتسع كل مغطس لحوالي ستة أشخاص ومسبحاً خارجياً يتسع لعشرين شخصاً، أما غرف المنامة للزوار والسياح فتتسع كل خيمة لشخصين حيث يوجد عشرون خيمة، إضافة إلى إقامة تراس ريفي يعكس طبيعة البادية، ويتضمن المنتجع خمس غرف للمنامة».

وأضاف "الخطيب": «يتم السعي حاليا للاعتماد على الطاقة البديلة لاستخدامها في تخديم المنتجع من إنارة وتكييف وتبريد بالاستفادة من طاقة الشمس والرياح لكونه منتجعاً بيئياً خاليا من أي نوع من الملوثات، وحالياً نقوم بتشييد بناء طيني ريفي مشابه لطبيعة تدمر مجهز بكل الوسائل الطبيعية المخصصة للاستجمام دون استخدام أي شيء حضاري ترفيهي كالتلفزيون أو الإنارة بالمصابيح الكهربائية، والاستعاضة عنها بالإنارة بأضواء الشموع».

واجهة المنتجع من الخارج

وعن أعمال التطوير الأخرى التي يتم السعي لتحقيقها بالمنتجع قال د. "الخطيب": «سنقوم بمرحلة التوسع بخيم المنامة، وإنشاء المسبح الخارجي، إضافة إلى إنشاء غرف المعالجة الفيزيائية، وغرف المعالجة بالمياه المالحة المتوافرة بكثرة في هذه المنطقة لما لها من فائدة بعلاج أمراض الروماتيزم بشكل عام وممكن استخدامها لعلاج أمراض الربو والتهابات الجهاز التنفسي من خلال جهاز خاص ينتج في فنلندا سندخله قريباً إلى سورية، وسيكون المشروع الأول من نوعه في الشرق الأوسط».

وخلال لقائنا بعض الزوار القاصدين المنتجع التقينا الشاب "فؤاد الجندلي" من مديرية المعلوماتية بمجلس محافظة "حمص" فعبر عن إعجابه به وبطبيعة البادية والهدوء الذي يخيم على مختلف أرجاء المكان، كما أبدى إعجابه بمغاطس المياه الكبريتية والفوائد الصحية المتعددة التي يمكن أن يستفيد منها الإنسان من خلال هذه المياه فضلاً عن الاستمتاع بهذه المياه الدافئة.