«إلى الشمال من مدينة "حمص" على طريق القوافل القديم وحالياً على الطريق الدولي الذي يخترق سورية من شمالها إلى جنوبها، تتمركز على تل يعتقد بأنه يعود إلى الألف التاسع قبل الميلاد...

تم إحداث بلدية فيها منذ عام /1939/ وتعتبر من أقدم البلديات المحدثة في ريف المحافظة، وقامت في بداية تأسيسها بتقديم الخدمات للمواطنين من رصف الشوارع بالحجارة، وإنارة شوارعها بمصابيح الكاز، وفي عام /1987/ تم إطلاق اسم مدينة عليها لتصبح مدينة "تلبيسة"».

كان حسب تعداد أجريناه في عام /1964/ حوالي (4600) نسمة، أما اليوم فهو يزيد على (45) ألف نسمة، والسبب الأبرز لهذه الزيادة هو الهجرة من القرى المجاورة إلى "تلبيسة"، ونظراً لخصوبة أراضيها ومجالات العمل المتعددة فيها

هذا ما ذكره لنا الأستاذ "أحمد طه" نائب رئيس الجمعية التاريخية بـ"حمص" ابن "تلبيسة" ورئيس بلديتها السابق لمدة (15) عاماً بين عامي (/1964/ و/1974/) وبين عامي (/1983/ و/1987/) وحدثنا بشكل مفصل عن "تلبيسة" قائلاً: «تبعد تلبيسة عن حمص (13) كم إلى الجنوب من مدينة "الرستن" بعشرة كيلو مترات وقد أسفرت التنقيبات الأثرية العشوائية عن وجود آثار هامة في "تلبيسة" تنوعت ما بين قطع نقدية وفخارية وزجاجية وتماثيل رخامية تعود إلى أزمنة متعددة، ومنها تمثال لفينوس من العهد الروماني، محفوظ حالياً في المتحف الوطني بـ"دمشق"، كما وجد في "تلبيسة" آثار آشورية ويونانية وبيزنطية وإسلامية».

الأستاذ "أحمد سليم طه" ابن "تلبيسة"

وأضاف: «أما هذا التل الأثري الموجود في وسطها فيبلغ طوله نحو(300) متر وعرضه بحدود (200) متر، وارتفاعه فيبلغ (30) متراً وتتوضع على هذا التل قلعة تلبيسة، هذه القلعة بناها "محمد آغا الجندي" عام /1794/ م الذي عينه والي الشام متسلماً لمدينة حمص ورئيساً لحكومة قلعة تلبيسة، وكانت القلعة مركزاً لعائلة الجندي التي حكمت المنطقة منذ عام /1735/ م وقد بني الجامع الموجود في القلعة عام /1760/م وما تزال أجزاء من سور القلعة موجودة حتى الآن إضافة إلى البوابة الغربية. ومن المرجح كما يقول بعض الباحثين وعلماء الآثار أن تكون "تلبيسة" هي نفسها مدينة "أبزو" التي كانت مشهورة بصناعاتها النسيجية التي ورد ذكرها في مراسلات "تل العمارنة" ووثائق مملكة "إيبلا". وما وجد من آثار في تلبيسة اكتشف عن طريق الصدفة ولم تجر إلى الآن في تلها الضخم أية تنقيبات أثرية منهجية في وقتنا الحالي».

وعن مساحة أراضي "تلبيسة" وما تشتهر به من زراعة وصناعة قال الأستاذ "طه": «مساحة المخطط التنظيمي لمدينة "تلبيسة" حوالي (90) هكتاراً، وهي تمتلك أوسع المساحات الزراعية في محافظة "حمص"، فالمروية منها تتجاوز الخمسين ألف دونم، أما الغير مروية تفوق هذا العدد بأضعاف، وأراضيها سهلية منبسطة، تشتهر بزراعة الحبوب كالقمح والشعير، إضافة إلى زراعة الشوندر لكن بكميات قليلة.

مدخل قلعة "تلبيسة"

أما الصناعة فهي محدودة تقتصر على صناعة مواد البناء كالخفان والرخام، وسابقاً كانت تقوم في "تلبيسة" صناعات لها علاقة بالزراعة حيث كان يوجد فيها ثمان معاصر للزبيب من أجل تحويله إلى دبس، وكانت صناعة الحصر منتشرة وموجودة في كل بيت من بيوت المدينة، والحصر التلاوية مشهورة جداً».

وعن عدد سكانها يقول الأستاذ "أحمد طه": «كان حسب تعداد أجريناه في عام /1964/ حوالي (4600) نسمة، أما اليوم فهو يزيد على (45) ألف نسمة، والسبب الأبرز لهذه الزيادة هو الهجرة من القرى المجاورة إلى "تلبيسة"، ونظراً لخصوبة أراضيها ومجالات العمل المتعددة فيها».

صورة نادرة لـ"تلبيسة" القديمة

وعن الواقع الخدمي والتعليمي يقول: «أما الواقع الخدمي في "تلبيسة" فهو مقبول إلى حد ما، فوضع الطرقات تحسن كثيراً عن ذي قبل، وكذلك وضع الصرف الصحي، وبالنسبة للتعليم فهناك أكثر من (10) آلاف طالب ما بين جامعي وتلميذ في المرحلة الابتدائية، يوجد ثلاث ثانويات عامة، وواحدة للفنون النسوية وفي طور الإنشاء هناك ثانوية شرعية وأخرى صناعية، يبلغ عدد المدارس الموجودة في تلبيسة اثنتي عشر مدرسة في مرحلة التعليم الأساسي، وتضم "تلبيسة" أكثر من (20) أستاذاً جامعياً في الجامعات السورية».

وأضاف: «أحدث عام /1959/ في "تلبيسة" مركز صحي يقدم الخدمات الصحية لجميع المواطنين، إضافة إلى مركز للتوليد الطبيعي على مدار اليوم. كما يوجد في "تلبيسة" فرع نشيط لجمعية البر والخدمات الاجتماعية يقدم العديد من الخدمات الصحية والاجتماعية للأهالي».

الجدير بالذكر أن مدينة "تلبيسة" تحتل المرتبة الرابعة في قائمة مدن محافظة "حمص" بعد "تدمر" و"القصير" و"الرستن"، ويتألف مجلس مدينتها من (20) عضواً يسهرون على راحة المواطنين، وتأمين الخدمات الضرورية لهم، ويساعدهم في ذلك خمسة مخاتير موزعين على أحيائها الخمسة.