لعل من أهم إنجازات العصر الحديث الذي يبدأ منذ أواخر القرن التاسع عشر هو اختراع الكاميرا.فبالرغم من محاولة العديد من الرسامين نقل الصورة الحقيقة لكثيرٍ من المشاهد والمباني أو حتى الأحداث والأشخاص، إلا أن عين الكاميرا تبقى أصدق معبرٍ عن الحالة الحقيقة لهم.

يعد جامع الصحابي الجليل خالد بن الوليد من أبرز معالم حمص الأثرية، والصور التي التقطتها كاميرات مصوري العصور المختلفة التي مرت على هذا الصرح تشهد بمكانته وعظمة تشييده.

eHoms التقت المؤرخ الحمصي محمد فيصل شيخاني أمين متحف الآثار الإسلامية بحمص عضو الجمعية التاريخية ورئيس جمعية حمص للسياحة والثقافة الذي أخبرنا عن تاريخ هذا الصرح الديني مستشهداً بما كتبه في كتابه /حمص وخالدها/ قائلاً: "يعد مسجد الصحابي خالد بن الوليد مركز سياحي وقومي، بناء الجامع يعود لتسعينيات القرن التاسع عشر في زمن السلطان عبد الحميد الثاني.

جامع خالد بن الوليد-1977.

بدأت قصة بنائه مع مرض أخت السلطان عبد الحميد، الذي كان شديداً وغريباً فلم يستطع الأطباء من ألمانيا إلى الصين أن يعرفوا سبب هذا الداء وأن يجدوا له الدواء الشافي، فنصح العلماء السلطان أن يستعين بخبراء الطب النبوي الشريف، ووقع الاختيار على الشيخ محمد سعيد زين العابدين من حمص المشهود له ببراعته في الحكمة والطب النبوي الشريف وكذلك صناعة الأدوية من الأعشاب، وبالفعل نجح هذا الشيخ في شفائها بواسطة أدويةٍ قام بتركيبها من الأعشاب.

أرادت الأميرة مكافأته بأراضٍ ممتدة يختارها أينما يريد ويكون الآمر الناهي فيها، رفض الشيخ هذا العطاء فهو رجل علم ودين وليس دنيا ومال، لكن السلطان عبد الحميد أصرّ على إهداء الشيخ الحكيم قائلاً: "اختر أي شيء في استانبول لأقدمه لك ومعك ثلاثة أيام لتفكر"، ومن هنا كانت ولادة مسجد خالد بن الوليد في الحمص، حيث عاد الشيخ محمد سعيد زين العابدين بعد الأيام الثلاثة ليقول للسلطان: "أعجبتني جوامع استانبول كثيراً لكن أكثر ما أعجبني كان جامع السلطان أحمد، فأتمنى أن يكون في حمص جامع مثله على قبر الصحابي خالد بن الوليد، وبالفعل أمر السلطان بتشييد الجامع وكان صورة طبق الأصل عن جامع السلطان أحمد لكن مساحته أصغر".

أسد الحديقة الروماني الأصل كما يقولون كان متواجدا في الثمانيات والآن أزيل

اعتبر جامع خالد بن الوليد بعد الانتهاء من تشييده رمز حمص الديني، فلا تكاد تذكر اسم مدينة حمص أمام أي سوري أو حتى أي مسلم حتى يتبادر لذهنه صورة هذا البنيان الفريد من نوعه.بالطبع يلعب الزمن لعبته مع كل ما هو موجود على البسيطة من حجرٍ وبشر، فقد تعرض الجامع لعوامل وظروف عديدة استدعت من الرئيس الراحل حافظ الأسد أن يصدر توجيهات بترميمه، فعلاً تم ذلك عام 1971 ولاتزال الجهات المسؤولة حتى الآن توليه اهتماماً ورعاية خاصان.. فهو رمز حمص.. ومفخرتها العمرانية".

المؤرخ فيصل شيخاني .. وعودة للذكريات