تجاوزت شجرة جوز في قرية "حبنمرة" المئة وخمسين عاماً، فسمي مكانها بحارة "الجوزة" كأهم معلم في القرية؛ فنموها على الأرض، وانحناءاتها المتداخلة أعطتها صورة مميزة لجمال الطبيعة وإبداعها.

مدونة وطن "eSyria"، وبتاريخ 21 آذار 2017، زارت قرية "حبنمرة" في الريف الغربي لمحافظة "حمص"، والتقت المهندس "ميشيل عبدو قحوش" من سكان حارة "الجوزة"، حيث قال عنها: «تختلف هذه الشجرة عن غيرها من أشجار الجوز في المنطقة بأن لها شكلاً ملتفاً ومتداخلاً بعضه مع بعض، فهي ليست شجرة عمودية كباقي الأشجار، وإنما أرضية نمت وكبرت وهي تسير على الأرض. كان ذلك قبل مئة وخمسين عاماً عندما كانت شتلة صغيرة زرعها جدّي واعتنى بها، وبدورنا نحن نقدم لها كل الاهتمام والعناية، حتى اليوم تعطي ثمارها وتحمل في أغصانها العالية عدداً لا بأس به من الجوز، ومعظم أهالي القرية ينتظرون قدوم الربيع ليشاهدوا أزهارها البيضاء، وفصل الصيف ليتذوقوا ثمارها».

أغصانها مرتفعة جداً وعالية، لكن ساقها كبر كثيراً، وأصبح ينمو ويتمدد داخل الحارة على الأرض، حيث بدأ إغلاق الساحة والشوارع المتفرعة منها، وجدنا الحل بأن نبني جداراً من الحجر على مسار ساق الشجرة حتى إذا ما نمت أكثر تصعد فوق الجدار وتبدأ الارتفاع إلى فوق، وهذا بالفعل ما حصل، فقد بنيت لها الجدار من الحجر بالتعاون مع الجيران، وصارت تمتد عليه صاعدة ومبتعدة عن الطريق أمام السيارات والمارة

ويضيف: «أغصانها مرتفعة جداً وعالية، لكن ساقها كبر كثيراً، وأصبح ينمو ويتمدد داخل الحارة على الأرض، حيث بدأ إغلاق الساحة والشوارع المتفرعة منها، وجدنا الحل بأن نبني جداراً من الحجر على مسار ساق الشجرة حتى إذا ما نمت أكثر تصعد فوق الجدار وتبدأ الارتفاع إلى فوق، وهذا بالفعل ما حصل، فقد بنيت لها الجدار من الحجر بالتعاون مع الجيران، وصارت تمتد عليه صاعدة ومبتعدة عن الطريق أمام السيارات والمارة».

شجرة الجوز

وعن قيمة الشجرة عند أهالي القرية، يقول "قحوش": «لها قيمة زمنية كبيرة عند الأهالي، فلا يوجد أحد إلا ويرغب بالجلوس تحت ظلها في الصيف، أو تصويرها، وخاصة مغتربو القرية أثناء إجازاتهم، حيث يخصصون وقتاً لزيارتها والاستمتاع برؤيتها، وهناك بعض الرسامين جاؤوا لرسمها بألوانهم الخاصة، حيث يجلسون أياماً وساعات طويلة محاولين إسقاطها على مراسمهم بدقة وإتقان. أصبح اسم هذه الساحة والحارة بالقرية "حارة الجوزة" نسبةً إلى عمر الشجرة الطويل، ومع مرور الأيام والزمن صار اسمها متداولاً كثيراً بين سكان وأهالي القرية وحتى القرى المحيطة، فأي شخص يريد القدوم إلى هذه الساحة، يقول لك مباشرةً "ساحة الجوزة"؛ لأنها أصبحت معلماً ورمزاً من معالم قرية "حبنمرة"».

"طوني قدور" من سكان قرية "حبنمرة"، ومن سكان حارة "الجوزة"، يقول: «هذه الشجرة هي عطاء من الطبيعة الأم، تعدّ حالة نادرة في المنطقة، فكل أغصانها تعلو إلى فوق، وساقها تراه يلامس الأرض، وهي ملتقى لكثيرين من أبناء القرية وسكانها، كل فرد يبدأ مشواره مساء منها وينهيه بها، فقد أصبحت تجسد حالة من التقليد في القرية، أي ليست فقط شجرة معمرة وشكلها منفرد، بل دخلت إلى يوميات الناس في قريتنا، حيث يتواعد الناس عندها ويجلسون تحت ظلها. ويوجد شيء جميل فيها هو أنهم يستطيعون التقاط الجوز من الأرض؛ لأن العديد من أغصانها قريبة من الساق الذي يمتد على جدار ليس مرتفعاً؛ أي بدلاً من أن ترتفع إلى الأعلى لتمسك بالثمر تنحني إلى الأسفل؛ وهذه ميزة بها لأن شجرة الجوز عادة تكون أغصانها على علوّ مرتفع، وثمارها عالية».

ميشيل عبدو قحوش

"موريس قزما" من أهالي قرية "حبنمرة"، تحدث عن الحالة الاجتماعية والذكريات التي يحفظها عن الشجرة بالقول: «تعكس لنا الشجرة ذكريات الزمن الجميل، فعندما كنا صغاراً كنا نأتي إليها بعد الدوام المدرسي لنحاول أن نمشي على ساقها الأرضي ونختبئ داخل أغصانها، وفي الصيف عندما تنضج ثمارها نبدأ مع الجيران قطف الجوز منها محاولين أن نصل إلى أعلى غصن فيها. أما اليوم، فنمشي أمامها لتحدثنا عن أعوام مضت من التاريخ، وتذكرنا بأشخاص كانوا يجتمعون معنا تحت ظلها في ساعات الليل الهادئة، فالجميل أنها مازالت موجودة وحية تسقط أوراقها في الخريف، وتزهر مجدداً في فصل الربيع، وصيفاً تعطي ثمارها، لكن كثيرين ممن ساروا تحتها لم يعودوا موجودين، في حين تذكرهم هذه الشجرة المعمرة وتذكّرنا بهم».

مشهد من الشجرة