اشتهرت مدينة "حمص"، بأكلة "المغطوطة"، التي عرفها السكان عبر مئات السنين، وانتقلت بالتواتر بينهم لأجيال كثيرة، كجزء من تراث المدينة.

"عبد المؤمن الجلبجي" المسئول عن محل العائلة التي ارتبطت تجارتها واسمها منذ 1859 ببيع "المغطوطة" في أحد البيوت الأثرية لحي "الحميدية" وسط المدينة، في منطقة "سوق الفيصل"، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 آب 2015، عن أصل هذه الأكلة بقوله: «هذه الأكلة تعدّ تراثية ومرتبطة بمدينة "حمص" وريفها، واشتهر محلنا "الجلّبجي" الذي أتت تسميته من معنى جالب الحليب، بجميع أكلات الحليب، وأُسّس على يد جدّنا "أبو عادل الجلبجي"، ونحن نتوارث بيع هذه الأكلات وصنعها منذ ذلك الحين، وأنا أورثها بدوري لإخوتي وأولادي، وقبل عدة سنوات غيّرنا موقع محلّنا إلى حي "الغوطة".

أحرص على وجودي في هذا المكان، منذ كان في حي "الحميدية" في "حمص القديمة"، إلى انتقاله إلى حي "الغوطة"، ومثلي آلاف الحماصنة، حيث أتناول "المغطوطة" أسبوعياً، وأحضر من الرابعة صباحاً حتى يأتيني دور لشرائها وقبل أن تنفد، فهي أكلة نافعة ومفيدة جداً، ومرتبطة باسم "الجلبجي" الوحيد الذي يبيعه في "حمص" وريفها، حتى إن هناك فئة من الناس تعتقد أن "الجلبجي" هو من اخترعها ولديه حقوق حصرية ببيعها، لكنه الحصري في الحرفية العالية بصنعها، وثقة الناس به

تتألف أكلة "المغطوطة" من خبز التنور الذي توضع عليه قشطة الحليب، ويحلّى بالسكر أو القطر أو العسل بحسب إمكانيات كل شخص، ليبرّد الحليب بعدها ويوضع في صواني واسعة ويرقّد طوال الليل، ثم يترك حتى الصباح لتطفو طبقة القشطة (الكريما) على وجه الحليب، فنضع خبز التنور عليها ليتم سحب طبقة القشطة ثم يقطع، ويستخدم الحليب بعد ذلك في صنع "الكنافة الحمصيّة والقطايف"، وسابقاً كان الحليب يوضع من دون غليه مسبقاً أبداً، لكن بفعل تغير الظروف والجوّ نقوم بغليه وتركه حتى يبرد ثم نسكبه.

عبد المؤمن جلبجي

لا يقتصر محلنا على صنع "المغطوطة"، بل نبيع أكلات مشهورة مثل: "السحلب"، "المغربية"، "المهلبية"، "الكستر"، "الكيك"، "الرز بحليب"، وغيرها».

أما عن سبب انتشار هذه الأكلة فيضيف: «"المغطوطة" أكلة صباحية، يبدأ توافد الزبائن إلينا في الخامسة صباحاً كما جرت العادة، ليأكلوها طازجة أو يأخذوها إلى منازلهم كي يتناولوها كإفطار، واشتهر المحل بهذه الأكلة بين المغتربين وأهل "الشام وحلب" خصوصاً، فهناك مثلاً زبون دائم لدينا يقطن في أميركا حزن كثيراً عند سفره، وقدم ليأكل أكبر عدد ممكن من "المغطوطة" قبل مدة من سفره، لكون هذه الأكلة مرتبطة بجميع السكان وتراثهم وتقاليدهم، وليست فقط مجرد نوع من الحلويات يأكلها الناس.

وليد قاروط

وانتشرت هذه الأكلة بين سكان "ريف حمص" أيضاً، حيث يأتون في صباح كل يوم إلى سوق المدينة حاملين بضائع وخضراوات ومواد غذائية لبيعها في سوق المدينة، وهو ما يحملهم جهداً كبيراً، فيحتاجون إلى هكذا أكلة تمدهم بطاقة كبيرة».

وفي هذا الخصوص ذكر الدكتور "إلياس ميدع" وهو مدرّس في جامعة البعث قسم البتروكيمياء، أن هناك طبقة بكر في القشطة عبارة عن عشرة أنواع من الدهون غير المشبعة كزيت الزيتون "الخريج"، وأثبت أنها نوع كوليسترول حميد وليس مضراً بالصحة.

"وليد قاروط" وهو موظف وأحد زبائن المحل منذ سنوات، يتحدث للمدونة أثناء تناوله أكلات "الجلبجي" المؤلفة من الحليب في أغلبها، ليحدثنا عن أكلة "المغطوطة" بقوله: «أحرص على وجودي في هذا المكان، منذ كان في حي "الحميدية" في "حمص القديمة"، إلى انتقاله إلى حي "الغوطة"، ومثلي آلاف الحماصنة، حيث أتناول "المغطوطة" أسبوعياً، وأحضر من الرابعة صباحاً حتى يأتيني دور لشرائها وقبل أن تنفد، فهي أكلة نافعة ومفيدة جداً، ومرتبطة باسم "الجلبجي" الوحيد الذي يبيعه في "حمص" وريفها، حتى إن هناك فئة من الناس تعتقد أن "الجلبجي" هو من اخترعها ولديه حقوق حصرية ببيعها، لكنه الحصري في الحرفية العالية بصنعها، وثقة الناس به».