"الجرب"، والجود"، و"الجف" تسميات لحافظة بدوية تدمرية واحدة مصنوعة من جلد ذكر الماعز، ينطق بها وفقاً لاستخدامات هذه الحافظة في حياة البدوي المرتحل في رحلتي التشريق والتغريب.

وهذه الحافظة من أساسيات الخيمة التدمرية البدوية، لما لها من فوائد وأهمية في حياتهم الترحالية البدوية، وهي بحسب حديث السيد "علي شلاش" أبو "حسين" من "بادية تدمر"، خلال زيارة مدونة وطن "eSyria" لمعرض منتجات المرأة الريفية والمشاريع الصغيرة الذي أقيم في "طرطوس القديمة" بتاريخ 10 تموز 2014، حيث قال: «لا بد من وجود هذه "الجرب" و"الجود" أو كما يطلق عليها مدنياً بالحافظة ضمن كل خيمة بدوية تدمرية، لأنها من تراثنا الحضاري القديم الذي نهضنا عليه، وللعلم لا أحد يدرك كيف جاءت أو ابتكرت فكرة استخدام جلد الماعز كحافظة للسوائل وبن القهوة العربية المرة المحمصة، كما لحليب "الإبل" أو ما يعرف بـ"الصميد"، ومع ذلك هي مستمرة في كل خيمة تدمرية بدوية، وقد نراها أيضاً في المنازل الإسمنتية بمدينة "تدمر"، لأنها طقس تراثي نغتني به».

"الجود" هو ذات الحافظة "الجرب" بالنوعية وطريقة التحضير، ولكنه بحجم أكبر ويستخدم لحفظ المياه أو أي مادة سائلة أخرى، وهنا نؤكد على عمر ذكر الماعز الذي يمكن أن يكون عمره صغيراً وحجمه كبيراً، وقد يختلف "الجود" عن "الجرب" بحجم فتحته الأساسية فتكون أكبر مع وجود ربطة الـ"نشطة"

وفي لقاء مع المهندس "غسان عبد الله" رئيس محطة بحوث "قصر الحلابات" أوضح لنا ما هو "الجرب"، فقال: «"الجرب" عبارة عن حافظة طبيعية مصنوعة من جلد ذكر الماعز الصغير، أي في عمر ستة أشهر على أقصى تقدير، وقد اختير جلد الذكر دون الأنثى لأنه يتميز بالقوة والمتانة، ويوضع فيه بن القهوة العربية المرة بعد تحميصها ضمن المحماسة على النار الهادئة، وهنا تكمن أهمية هذا "الجرب" بالمحافظة على قيمة ونكهة القهوة المرة، ومنع تعرضها للهواء بعد تحميصها.

علي شلاش

فعندما يحمص البدوي بن القهوة المرة يعمد إلى تحميص كمية إضافية ليستخدمها في الأيام القادمة، وهذه الزيادة هي التي توضع في "الجرب" ويغلق عليها جيداً لمنع تعرضها للهواء بواسطة ربطة تسمى "نشطة"، لأنه وكما هو معروف أن من مكونات حبة البن مادة زيتية لماعة تمنح النكهة للقهوة، لذلك يجب المحافظة عليها من الهواء والطبيعة المناخية».

وعن طريقة تجهيز وتحضير "الجرب"، يقول السيد "غسان": «بعد اختيار ذكر الماعز الجيد يذبح بطريقة اعتيادية ويسلخ الجلد عن الجسد الأساسي بطريقة خاصة تختلف عن الطريقة التقليدية التي تبدأ من منطقة القدمين عبر شق أو شرح الجلد، حيث يبدأ السالخ بنزع وسحب الجلد من منطقة الرقبة الفتحة الأساسية لـ"الجرب"، ومن ثم سحبه نحو الأسفل حتى نهاية الذيل دون أية شقوق فيه، ليخضع بعدها للمعالجة الطبيعية التراثية بالتمليح لعدة مرات والتعريض لأشعة الشمس لفترات طويلة، ومن ثم الغسيل عدة مرات بعد دهنه باللبن مرات متلاحقة، مع التعريض لأشعة الشمس أيضاً، وبعدها يغسل بالماء وتوضع عليه "الشب" وهي مادة معقمة، وبعدها يكون جاهزاً للاستخدام».

المهندس غسان

أما عن "الجود" فيقول المهندس "غسان": «"الجود" هو ذات الحافظة "الجرب" بالنوعية وطريقة التحضير، ولكنه بحجم أكبر ويستخدم لحفظ المياه أو أي مادة سائلة أخرى، وهنا نؤكد على عمر ذكر الماعز الذي يمكن أن يكون عمره صغيراً وحجمه كبيراً، وقد يختلف "الجود" عن "الجرب" بحجم فتحته الأساسية فتكون أكبر مع وجود ربطة الـ"نشطة"».

ويتابع بالقول: «يمكن استخدام "الجود" لصناعة الصميد من حليب الإبل، ويمكن حينها أن يسمى وفقاً لذلك "صميد" أو تبقى تسميته "جود"، وذلك لأنه بعد وضع حليب الإبل فيه يوضع تحت أشعة الشمس لتتغير مواصفات الحليب فتصبح فيه نكهة حامضية وجاهزاً للشرب، وهو مفيد جداً ويمكن أن يكفي الإنسان العادي أي غير المعتاد عليه عدة أيام دون طعام أو ماء، أما بالنسبة للمعتاد عليه من الناس فقد يكفيه عشرات الأيام، لأنه مادة غذائية متكاملة للجسد.

الجرب

ويمكن أن يكون هذا "الجرب" بأكبر حجم ممكن لذكر الماعز لخض الحليب وإنتاج الذبدة البلدية، فيطلق عليه هنا اسم "الجف"، وجميع هذه الحافظات يمكن أن تزين صدر "بيت الشعر" لجماليتها وطريقة صناعتها التراثية، ويمكن أن يستخدم لعشرات السنين دون أن يفنى».