يرتبط خبز الذرة في الذكريات الشعبية لأهالي القرى بمعانٍ وظروف مختلفة تميل بمجملها إلى الفقر والضيق ولا تخلو من حكايات كان فيها ذلك الخبز بطلاً ومنقذاً للكثيرين.

مدونة وطن "eSyria" التقت وبتاريخ 4 حزيران 2014 السيدة "أنطوانيت عبدلله" التي تحدثت عن هذا الخبز قديماً وتقول: «لا يختلف خبز الذرة عن أنواع الخبز الأخرى في طريقة الصنع ولكنه يعتمد على الذرة الصفراء أو البيضاء المطحونة، والأولى هي الألذ وقد كان الأهالي يقومون بخبزها في الأيام التي تخلو فيها مخازنهم من الحنطة والقمح المطحون، وتشتهر منطقة "وادي النضارة" بوجود محصول كبير من الذرة بنوعيها في سهل البقيعة، وعندما واجهت القرى عصوراً قاسية من الفقر والقحط أنقذ هذا الخبز الكثيرين على الرغم من نقاط ضعفه، حيث يفضل أكله طازجاً وفي حال بات أو برد أصبح قاسياً كالصخر واحتاج إلى تناوله مع سائل كالشاي أو الحساء لكي يقضم».

تراجعت زراعة الذرة في المنطقة واقتصرت على مساحات بسيطة من "البقيعة" نتيجة قلة المياه وازدياد اهتمام الأهالي والمزارعين بأنواع أخرى من المحاصيل، وتعتمد الذرة على الري والأمطار، فهي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، وكانت قديماً تزرع على موسمين؛ أولهما "الربعي"، والثاني "لقيس" ويكون في وقت متأخر عن الأول بنحو 25 يوماً، حيث يصادف ذلك شهر أيلول، وفي كلا الموسمين كانت الزراعة تعتمد على السواقي المتوافرة وعلى مخزون الأمطار ومياه الأنهار ولا سيما الكبير الجنوبي

يترافق خبز الذرة مع أكلات معينة وأوقات معينة، وعن ذلك تضيف:

السيدة أنطوانيت عبدالله

«يعجن طحين الذرة الحلو المذاق بالماء والقليل من الملح وفي بعض المرات تضاف إليه الخميرة، ويقطع على شكل على أرغفة صغيرة مقارنة مع الخبز التقليدي وتخبز على الصاج أو في التنور، ورغيف الذرة الخارج من التنور له طعم مميز حلو المذاق في أساسه، فالذرة على نوعيها حلوة ولكن في بعض الأحيان تقوم السيدات بدهن الأرغفة بالزبدة أو بالسمن وبعض السكر أو دبس العنب الذي يحضر يدوياً، وفي فترات الحصاد أو تحضير الأرض للزراعة كان خبز الذرة عنصراً أساسياً في "الزوّادة" أي في طعام الفلاح، لأنه على الرغم من قسوته إلا أنه لا يتلف بسرعة بل يبقى محمياً من العفن مدة تزيد على أسبوع».

مازال الكثيرون من الناس في الريف يقومون بخبز خبز الذرة حتى إنه دخل عالم الطعام بطريقة مخالفة وعصرية أيضاً، وعن ذلك يتحدث "أمجد حنا" بالقول: «يطلب الكثيرون من الناس تناول خبز الذرة دون أن يعلموا أنه ذاته "التورتيّا" المكسيكي، فعندما ندرج خبز "التورتيّا" في وجبة معينة لا نحدد نوع الذرة التي صنع منها، وعلى الرغم من أنه خبز تقليدي في مجتمعنا إلا أنه وللأسف يندرج في قائمة الطعام بأنه من الأصناف المكسيكية أو اللاتينية، وهو مرغوب جداً ويتم تحضيره يدوياً لأنه سهل الصنع شرط أن يكون طازجاً ويحتاج إلى الماء والملح وبعض الخميرة أحياناً، إلا أنه يفضل من دونها، وتتفاوت أحجام الأرغفة وسماكتها حسب نوع الوجبة، وحديثاً دخلت طريقة تصنيع جديدة لهذا الخبز باسم "المقرمشات" ليلائم الوجبات السريعة، وبهذه الحالة يشوى بعد تحضيره وتضاف إليه نكهات مختلفة وبهارات متنوعة؛ حيث يؤكل مع الصلصات الخفيفة».

حبوب الذرة

المهندس "إلياس خوري" قال: «تراجعت زراعة الذرة في المنطقة واقتصرت على مساحات بسيطة من "البقيعة" نتيجة قلة المياه وازدياد اهتمام الأهالي والمزارعين بأنواع أخرى من المحاصيل، وتعتمد الذرة على الري والأمطار، فهي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، وكانت قديماً تزرع على موسمين؛ أولهما "الربعي"، والثاني "لقيس" ويكون في وقت متأخر عن الأول بنحو 25 يوماً، حيث يصادف ذلك شهر أيلول، وفي كلا الموسمين كانت الزراعة تعتمد على السواقي المتوافرة وعلى مخزون الأمطار ومياه الأنهار ولا سيما الكبير الجنوبي».

عرانيس الذرة الصفراء