من البقايا الحيوانية والنباتية صنع أهالي منطقة "الوادي" مواد مختلفة منها: "التمز" و"الجلة" لاستخدامهما في إشعال النار كبديل للحطب أو الوقود، مسخرين بذلك الطبيعة لخدمة حاجاتهم القروية التي أصبحت اليوم غير موجودة إطلاقاً.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "جورج دبورة" من أهالي المنطقة بتاريخ 4/11/2013 الذي تحدث عن مادة "التمز" وماهيتها وكيفية صناعتها وقال: «"التمز" أو "الجفت" هو عبارة عن تجميع لبقايا الزيتون المعصور الناجمة عن البذور، وتكون هذه المادة شبه جافة وتوضع فوق بعضها بعضاً وتعرض إلى الشمس لفترة قصيرة حتى تجف، وتستخدم إما كما هي أو تكبس وترصد لتصنع منها قوالب أسطوانية الشكل وتحفظ كالحطب المقطع حتى الشتاء، حيث تستهلك في المدافئ التي تعمل على الحطب أو في مواقد النار التقليدية المخصصة لطهو الطعام وحتى داخل "التنور" القديم، وقد عرف الأهالي هذه المادة قديماً جداً وهي سريعة الاشتعال نتيجة احتوائها على الزيت المتبقي من ثمار الزيتون، واستطاعوا الاستفادة منها وخاصة من امتلك منهم محصولاً وفيراً من الزيتون واستبدلوا الأخشاب والحطب بها، حتى إن الكثيرين يقومون ببيعه وشرائه وتخزينه حتى الآن وزاد الطلب عليه مؤخراً نتيجة قلة مواد التدفئة وغلاء الأسعار، إضافة إلى أنه يستخدم في بعض المرات ليوضع في بيوت الدجاج حتى يكسب المرقد حرارة مناسبة لفقس البيض».

كنا نحرق "الجلة" بالقرب من البيوت مساءً ولا سيما في فصل الصيف لأنها تبعد الحشرات وخاصة البعوض، ولم يكن أحد يعرف السبب إنما جرت العادة على فعل ذلك، إضافة إلى أنها تبقى مشتعلة حتى الصباح وفي ساعات الفجر الأولى للاستفادة من نارها، حيث كانت النساء تقمن بالخبز في هذه الأوقات على "الصاج" أو في "التنور" أو تقمن بغلي الملابس، أما اليوم فلم تعد هذه المادة موجودة نهائياً

أما البقايا الحيوانية التي تسمى "بالجلة" فهي كما روت الجدة "تمام عيسى" التي كانت تصنع هذه المادة وتستخدمها وقالت: «هي عبارة عن روث الحيوانات الداجنة كالبقر والأغنام بعد تجفيفها، وتصنع بعد جمع هذه البقايا وتدويرها على شكل أقراص وتعريضها إلى الشمس حتى تصبح صلبة، وتستخدم مباشرة في نار الموقد للطبخ أو للتدفئة، والمميز فيها أنها بعد أن تجف تتخلص من رائحتها البشعة وتشتعل بسرعة لأنها تحتوي على "القش والتبن" الذي يأكله الحيوان، وكانت "الجلة" تستخدم في معظم البيوت لأنها وسيلة رخيصة لإنتاج النار وأوفر من الحطب والوقود، ولزيادة فعالية "الجلة" كانت تخلط مع مزيد من "التبن" وبقايا النباتات الجافة».

السيد جورج دبورة

إضافة إلى الطبخ والتدفئة فقد استخدمت نار "الجلة" لمكافحة الأمراض السارية في ما مضى ومنها: "الكوليرا" و"الملاريا"، حيث ذكرت بعض المراجع التاريخية، منها كتاب "القلعة والوادي": «في الرابع والعشرين من شهر حزيران عام /1924/ قام المجلس الصحي في مدينة "حمص" بإقرار مجموعة من التدابير التي تحفظ حياة الأهالي من المرض الخطير الذي اشتد على السكان وهو "الملاريا" وما يرافقها من حمى و"بردية"، ومن هذه التدابير إحراق نار "الجلة" تحديداً في الليل بشكل هادئ ودون لهيب، من الغروب وحتى الساعة الرابعة فجراً ولا سيما في الليالي الهادئة الخالية من العواصف إذ إن دخانها أكبر عدو للبعوض».

وفي هذا الجانب أضافت الجدة "تمام": «كنا نحرق "الجلة" بالقرب من البيوت مساءً ولا سيما في فصل الصيف لأنها تبعد الحشرات وخاصة البعوض، ولم يكن أحد يعرف السبب إنما جرت العادة على فعل ذلك، إضافة إلى أنها تبقى مشتعلة حتى الصباح وفي ساعات الفجر الأولى للاستفادة من نارها، حيث كانت النساء تقمن بالخبز في هذه الأوقات على "الصاج" أو في "التنور" أو تقمن بغلي الملابس، أما اليوم فلم تعد هذه المادة موجودة نهائياً».

التمز بعد كبسه