اعتاد سكان "وادي النضارة" على وجوده في منازلهم في كل الفصول، فهو على انتشاره وكثرته كان السبيل الوحيد للتدفئة وصنع الطعام، أما الآن فإضافة لوجهه الترفيهي فإنه ما يزال من الطرق الأساسية في التدفئة في قرى الوادي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4/1/2013 السيد "اسعد دبورة" الذي يبلغ من العمر 82 عاماً وحدثنا عن عادة التحطيب القديمة بالقول: «أذكر أنني كنت أرافق والدي إلى أرضنا التي تقع على حافة تلة قريبة من القرية لنجمع ما تيسر من الأغصان اليابسة ونكدسها بعضها فوق بعض لنعود بها إلى المنزل، حيث تكون والدتي بانتظارنا لتشعل "التنور" وتصنع الخبز للعائلة، وفي موسم قطاف الزيتون نقوم بقطع كافة الأغصان العالية والعشوائية والتي يصعب قطافها ونجمعها تحت الشمس لتجف ثم نستخدمها في الشتاء».

على الرغم من توافر كل وسائل الرفاهية والخدمية التي يحتاجها الإنسان في معيشته في الوقت الراهن، إلا أن طعم كأس الشاي المحضر على الحطب لا مثيل له والذي ما زالنا نحضره على مواقدنا حتى يومنا هذا

يضيف: «على الرغم من توافر كل وسائل الرفاهية والخدمية التي يحتاجها الإنسان في معيشته في الوقت الراهن، إلا أن طعم كأس الشاي المحضر على الحطب لا مثيل له والذي ما زالنا نحضره على مواقدنا حتى يومنا هذا».

استخدام الحطب لصنع الطعام

انتقلت عادة التحطيب التي لها طقوس عديدة الى جيل اليوم حيث اصبح موقد الحطب الرفيق الدائم لليالي الباردة لدى معظم أهل الوادي نتيجة لتوافر كثير من الحطب ووجود الأشجار بشكل كبير، هذا ما تحدث عنه الشاب "مايكل جرجس" أحد مستخدمي الحطب للتدفئة بالقول: «تستخدم العائلة مدفأة الحطب منذ عدة سنوات، وكان استخدامها نتيجة لكوننا نقطن في منطقة جبلية باردة جداً تحتاج إلى مدفأة ذات قدرة عالية لتدفئة المنزل، لذلك استبدلنا مدفأة المازوت بأخرى تعمل على الحطب وهذا ليس غريباً على كلا والديّ لكونهما اعتادا على وجود هذه المدفأة في منزل عائلتهما، ولتوفير الحطب اللازم أصبح البحث عنه نوعاً من العادة أو الطقس المحبب لي ولأصدقائي، حيث نخرج في مجموعات لنمارس التحطيب بالتركيز على الأشجار اليابسة ونبتعد عن الأشجار المثمرة أو المفيدة».

انتشرت مدفأة الحطب بشكل ملحوظ في قرى الوادي حيث بدأ معظم الناس بتحويل مدافئ المازوت بأخرى تعمل على الحطب واستبدالها لدى الباعة وعن ذلك يقول السيد "غسان ديوب" مالك متجر لبيع المدافئ بالقول: «تصدر بيع مدافئ الحطب في السنوات القليلة الماضية أنواع المدافئ وأصبح الناس يفضلون شراءها لكونها متعددة الاستعمالات إضافة لوجود تطور على المدافئ ذاتها لتلبي الاحتياجات مثل تحضير الطعام، وغلي الماء، وشواء بعض أنواع الخضار مع إدخال تحديثات على تمديدات المدفأة "البواري" ووجود آلية حديثة لسحب الدخان الناجم عن اشتعال الخشب.

الشاب مايكل

تتفاوت اسعار المدافئ التي تعمل على الحطب إلا أن معظمها ذات سعر مقبول بالنسبة للمستهلك، أما مادة الحطب وكيفية تصنيفها وشرائها، فيضيف عنها بالقول: «تأكل مدفأة الحطب كل ما يوضع بداخلها ولكن المحبب والأفضل من أنواع الحطب هو "السنديان والزيتون" لسرعة اشتعاله وطول زمن الاشتعال، ويؤثر على ذلك حالة الحطب ما اذا كان رطباً "أخضر" أو جافاً "يابساً"، ويؤتى بكل أنواعه ليقطع قطعاً صغيرة مناسبة للمدفئة ومن ثم يترك فترة في الشمس حتى يجف نهائياً وبعدها يوضع إما في أكياس كبيرة أو في صناديق ليتم إيصاله الى المستهلك له ويباع "بالطن" بأسعار متفاوتة حسب نوع الخشب وصغر القطعة المقسومة».