تشتهر قرى "وادي النضارة" بزراعة نبتة "الآس" واستخدامها في أعياد الميلاد، بينما نجد أنها تنتشر على المقابر في عيدي الأضحى والفطر.

هذه النبتة ذات الحضور الاجتماعي تحتفظ أيضاً بكثير من الفوائد، تقول الجدة "اليس خوري": «ما إن تتجول في قرى الوادي وما بين البيوت العتيقة، إلا وتجد هذه النبتة متربعة في فناء الدار أو على عتبات الأبواب لتزين بمنظرها الجميل ربيع المنطقة وتغني شتاءها بمسك أوراقها الخضراء وطيب ثمارها».

ما إن تتجول في قرى الوادي وما بين البيوت العتيقة، إلا وتجد هذه النبتة متربعة في فناء الدار أو على عتبات الأبواب لتزين بمنظرها الجميل ربيع المنطقة وتغني شتاءها بمسك أوراقها الخضراء وطيب ثمارها

مدونة وطن "eSyria" تجولت في قرية "المزينة" إحدى قرى الوادي والتقت بتاريخ 8/12/2012 السيد "الياس أسبر" الذي يتباهى لأكثر من ثلاثين عاماً بشجرة "الآس" المميزة، والتي أصبحت مقصداً لعدد من سكان قريته، نظراً لما تقدمه من موسم وفير من ثمار "الآس"، وعن هذه التجربة يقول: «في البداية أحضرت هذه االشجرة من منزل جدّي القديم الواقع في "تنورين" إحدى قرى المنطقة، حيث اعتدت منذ طفولتي على وجودها في فناء المنزل تزينه بجمال شكلها وطيب رائحتها الزكية وطعم ثمارها اللاذع الممزوج بحلاوة مميزة، وذلك الاعتياد دفعني لأن أحرص على اقتناء شجرة مثلها في منزلي الخاص وكان ذلك منذ حوالي ثلاثين عاماً لتصبح هذه الشجرة الصغيرة يقصدها جميع الأصدقاء والأقرباء من داخل القرية ومن خارجها».

تشكل بضع حبيبات من شجرة "الآس" رفيقاً دائماً لكوب القهوة الذي يتناوله السيد "الياس" كل صباح ولا يخلو نهاره من بضع حبيبات أخرى أثناء تجوله في حديقته دون أن يعرف الأهمية الكبيرة لما تناوله على الصعيد الغذائي والدوائي، تلك الفائدة تحدّث عنها المهندس الزراعي "نقولا ابراهيم" صاحب صيدلية زراعية في قرية "المزينة": «حال شجرة "الآس" كغيرها من الأشجار المفيدة بالنسبة للمزارعين، فهم يقتنونها من باب الطعم اللذيذ والمنظر الخلاب، فقلما يعرفون فائدتها على الرغم من كونها واسعة الانتشار في قريتنا، فتلك الفوائد عظيمة وكثيرة للمكان والإنسان، فنبات "الآس" علمياً هو عبارة عن شجيرات دائمة الخضرة تنمو غالباً في الأماكن الرطبة والظليلة، ولها أفرع كثيرة وأوراق جلدية القوام ذات رائحة عطرية فواحة.

أما أغصانها فتحمل أزهاراً بألوان بيضاء إلى زهرية ولها ثمار لبية بيضاء اللون تتحول إلى سوداء تؤكل عند النضج وهذه الشجرة تتكاثر بالعُقل والبذور ولها أسماء أخرى مثل "حمبلاس– كبر– مرسين– ريحان" ولكن ليس بالريحان المعروف لدينا، ويعرف علمياً باسم

السيد الياس أسبر

myrtus communis، أما محتوياته الكيميائية فيحتوي على زيوت طيارة وكذلك مواد عفصية، أما فوائده فيستعمل مقبلاً ومشهياً وقابضاً ومقوياً ومطهراً للمجاري التنفسية والقصبات الهوائية وقاطعاً للنزيف، ويستعمل على هيئة مغلي ومنقوع ومسحوق وليس له أضرار».

ويستخدم نبات "الآس" شعبياً في عدّة مجالات في منطقة "وادي النضارة" وعن ذلك تتحدث السيدة "فيروز": «نبات "الآس" أو ما نطلق عليه بالعامية "حمبلاس" يشكل مكوّناً مهماً على مائدتي، حيث استخدمه لتحضير بعض الأطعمة كالسلطات، أما ثماره الكبيرة الحجم فأقوم بتخليلها، والصغيرة الحجم أصنع منها شراباً خاصاً بأعياد الميلاد ورأس السنة، إضافة إلى تجفيف بعض منها بأشعة الشمس وطحنها لوضعها مع التوابل المجففة، لذلك فإنه لا يمكنني الاستغناء عنه في منزلي وأعتبر نفسي محظوظة لوجود إحدى شجراته في منزلي».

لا ينحصر استخدام نبات "الآس" على الثمار والأوراق فحسب بل يتعداها إلى الأغصان الدائمة الخضرة، وهنا يضيف السيد "الياس اسبر" بالقول: «يقصدني أحد الأصدقاء سنوياً من الطائفة المسلمة الكريمة لينتقي بعض الأغصان الجميلة المنظر والطرية الملمس لوضعها على قبر والده، وتلك عادة قديمة متناقلة من جيل إلى جيل، أما نحن كمسيحيين فيستخدم عندنا كنوع من أنواع شراب "البراندي" أو "العنبري" المرافق تقديمه لعيد "الميلاد المجيد".

ويعرف أن لنبات "الآس" تواجد تاريخي يعود لفترة الفراعنة، حيث اعتبر من النباتات المقدسة التي رسمت فروعه على جدران المقابر الفرعونية في أيدي الراقصات، أما الإغريق والرومان فكانوا يرمزون به للأمجاد والانتصارات في الحفلات والمجامع الدينية، إضافة لاختصاصه بوصفات الأطباء القدماء كعلاج للصرع والتهاب المثانة وألم أسفل الظهر والصداع وكعقار لزيادة نمو الشعر، أما عند العرب فقد استخدمه "أبو بكر الرازي" لإزالة الأورام الحارة، أما "ابن سينا" فقد اشتهر باستخدامه "الآس" في عدد لا يحصى من العلاجات الدوائية».