ترقبت العديد من المنظمات الدولية المختصة بالطيور وحمايتها بمزيد من الصبر والأمل عودة الطائر "أبو منجل الأصلع" الذي يعتبر واحداً من أندر الطيور في العالم من جهة وأكثرها عرضة للانقراض من جهة ثانية، ترقبت عودته إلى بادية تدمر.

ففي عام 2002 تم اكتشاف سبعة أفراد من هذا النوع من الطيور في مستعمرة صغيرة قرب مدينة تدمر وسط البادية السورية وهذا الاكتشاف الذي اعتبره المجلس العالمي لحماية الطيور البرية أهم اكتشاف يتعلق بالطيور في منطقة الشرق الأوسط على مدى أكثر من أربعين عاماً.‏

يوجد ما يقرب ثلاثين نوعاً يحملون تسمية أبو منجل حيث جاءت التسمية من المنقار وأغلب هذه الأنواع تعاني من خطر الانقراض أما أكثرها تهديداً فهو أبو منجل الأصلع الشمالي

مدونة وطن "eSyria" التقت الدكتور "دارم طباع" مدير مشروع "سبانا" لحماية الحيوان في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ليكشف لنا النقاب عن سر الاهتمام بهذا الطائر، والذي تحدث بالقول: «يعتبر طائر أبو منجل الأصلع أحد الطيور الاجتماعية الذي كان يعيش في وسط أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، وبقي انتشاره في سورية حتى القرن التاسع عشر حيث لم يعد يشاهد، وانقرض من تركيا ومعظم مناطق المغرب والجزائر ونظرا لأهميته وندرته فقد حظي هذا الطائر باهتمام دولي كبير.

طائر أبو منجل الأصلع

حيث أصدرت مجموعة من البلدان طوابع بريدية خاصة له تحمل صورته، بالإضافة إلى أن الطائر يشكل ثروة وطنية للبلد الذي يتواجد فيه فالكثير من المهتمين من دول العالم يفضلون زيارة سورية حيث شوهد مؤخراً للسياحة بسبب وجود هذا الطائر الذي يدل وجوده في أي بلد على سلامة البيئة».

يتابع: «أعلنت الجمعية الملكية البريطانية لحماية الطيور عن الحدث الأهم باكتشاف لغز هجرة طائر "أبو منجل الأصلع" بعد أن عاد من رحلته الطويلة التي قطع خلالها / 3800 / ميل مر من خلالها في سماء دول عدة قادماً من إثيوبيا ليستقر في محمية جبل معيوف شمال غرب تدمر مفرخاً من جديد بعد أن تم تركيب أجهزة إرسال خاصة تمكن من تتبع خط سيره عن طريق الأقمار الصناعية، وبهذا يكون لغز رحلة الطائر النادر التي بقيت مجهولة آلاف السنين قد حلت.

لعل هذا الحدث هو الأهم في عالم الطيور بعد إعادة اكتشاف هذا الطائر عام 2002م في تدمر من قبل الخبير الإيطالي "جان لوكساريا" وفريق عمل سوري، حيث استمر المشروع تسعة أشهر وتوج بتعليم ثلاثة من هذه الطيور النادرة البالغة الصيف الماضي ليطلق عليها أسماء عربية شهيرة هي: سلطان وسلام وزنوبيا».

وأضاف: «ما ساعد على نجاح المشروع هو قيام وزارة الزراعة السورية بالتعاون مع الجمعية الجغرافية الوطنية والجمعية الملكية البريطانية لحماية الطيور بتمويل مشروع حماية موقع تربية هذا الطائر النادر لتكون خطوات تتبع هجرته مرحلة متطورة للمحافظة على البيئة التي تهاجر عبرها هذه الطيور كخطوة أساسية لحمايته من الانقراض، وليس غريباً أن يعلن الدكتور "كن سميث" عالم الطيور البريطاني من الجمعية الملكية لحماية الطيور أن أخبار عودة الطيور المعلمة رائعة تشكل عوناً عظيماً لنا لتجنب مخاطر الصيد والتسمم بالمبيدات الحشرية والمخاطر الأخرى التي قد تعيق نمو وتكاثر هذه المجموعة من الطيور في سورية لنتوجه إلى حل اللغز الثالث الذي لا يزال غامضاً عند طائر "أبو منجل" المتعلق بمصير الأجيال الجديدة منها التي فرخت في تدمر وكيف يمكن معرفة طرق رحلتها وبالتالي تأمين حماية لها».

وحول الجديد في مشروع حماية طائر "أبو منجل الأصلع" أشار الدكتور "دارم طباع" بالقول: «الجديد لهذا الصيف سيكون بتعليم أحد الطيور اليافعة بجهاز إرسال ليرفع النقاب عن لغز مسيرها، وهذا ما سيتم بمساعدة الخبير "لأبو مير بيسله براغ" الذي سينضم إلى مجموعة العمل التي ستقوم بهذا الإجراء الحساس وتحمل هذه المسؤولية الضخمة لمثل هذه الطيور النادرة، وليس من السهل القيام بهذا العمل فمن الواجب مراقبة الطيور أياماً عدة لفهم عاداتها قبل التعليم وبعده لضمان قيامها باستئناف السلوك الطبيعي بعد تركيب أجهزة الإرسال.

لكن التفاؤل موجود كما أعلن المسؤول الدولي للجمعية الملكية لحماية الطيور "باول بكلي" بالقول: «إن الطيور التسعة اليافعة التي فرخت في سورية الصيف الماضي لم يعرف مصيرها ولم تشاهد بعد ذلك وهذا ما يعني أنها اختارت مناطق أخرى للتشتية، على الرغم من أننا كنا متأكدين من بقائها مع باقي الطيور البالغة، لكنه يبدو أنها تتصرف بشكل مختلف جداً، ومن هنا تأتي أهمية تعليم هذه الطيور لتتبع طرق مسيرتها التي لا تزال تعتبر لغزا جديدا يحتاج إلى الحل لتطوير مستوى حماية هذه الطيور النادرة وإلا فسيبقى طائر أبو منجل الأصلع ذكرى قديمة في التاريخ وحديث الرسوم الفرعونية الهيروغليفية».

يضيف: «يوجد ما يقرب ثلاثين نوعاً يحملون تسمية أبو منجل حيث جاءت التسمية من المنقار وأغلب هذه الأنواع تعاني من خطر الانقراض أما أكثرها تهديداً فهو أبو منجل الأصلع الشمالي».

أما عن شكل طائر "أبو مجل الأصلع" فيشير بالقول: «هو طائر حوض أسود متقزح برأس أحمر وأصلع ولكن له ريش طويل مدلى وراء رأسه ويطلق عليه أيضاً لقب "أبو منجل صاحب ربطة الشعر"، وهو طائر مسالم وقليل البؤر، ثقيل وكبير (70-80 سم في الطول)، بريش كله أسود متقزح وبمنقار طويل مكعب وأحمر، يعيش على إفريز صخري شمال الصحراء ويقتات على الحشرات، العقارب والزواحف الصغيرة».