يعتبر الشّعار الوطني إلى جانب العلم والنشيد الوطنيان رموز وطنية يخضع تحديدها واعتمادها لمعايير عديدة تعكس تاريخ وحاضر الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفي الجمهورية العربية السورية يعتبر "العقاب" الشعار الرسمي للبلد، حيث يرتفع شعار "العقاب" الآن على واجهة البرلمان السوري والمباني الحكومية والرتب العسكرية والعملة‏ الوطنية.

يقول الباحث الدكتور "محمد جمال طحّان" لموقع eIdleb «نظراً لقوة "العقاب" فقد أطلق على الراية العربية الأولى, وتتفق أغلب الروايات أن راية الرسول الكريم كانت تسمى "العقاب", وكانت سوداء مكتوب عليها بالأبيض "لا إله إلا الله", ومن المعروف تاريخيا أن "علي بن أبي طالب" كان حامل راية العقاب في جميع المعارك التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم, كما أطلق "صلاح الدين" على رايته اسم "العقاب" وكان لونها أصفر، وفي التاريخ الأندلسي حصن أطلق عليه العرب اسم "العقاب", وقد استعصى على الملك "الفونسو الثامن" حتى عام 1221 حيث جرت معركة سميت معركة "العقاب" خسرها الأندلسيون بقيادة سلطان الموحدين "محمد الناصر" في مواجهة أربعة ملوك أوروبيين, وكانت خسارتها بداية النهاية للوجود العربي في "أسبانيا"، وطائر "العقاب" هو شعار سوري يضرب في أعماق التاريخ, وأطلق على راية "سورية" بعد تحررها في عام 1920، ودلت المكتشفات الأثرية أن الصقر أطلق من "سورية" قبل ثمانية آلاف عام على الأقل, فقد وجد نقش للعقاب على حجر بازلتي في حفريات "جرف الأحمر" في "حلب" خلال عام 1995 يعود إلى ثمانية آلاف عام قبل الميلاد, ويظهر في النقش طائر باسط جناحيه»

يتمتع العقاب بالأنفة والشجاعة وهو سيد قومه من الطيور والجوارح، مسكنه رؤوس الجبال، وقد فضّل الأجداد العقاب على النسر لأنه لا يأكل إلا من صيده ولا يقرب الجيف، وعلى الرغم من حب العرب الشديد للصقر وتهجينهم له إلا أنهم لم يعتمدوه رمزاً لهم لما يشاع عن الصقر من عدوانية، فكان اعتماد العقاب رمزاً لأنه يمثل الشجاعة غير العدوانية، وعندما اعتمدوا "العقاب" رمزاً لسورية ميزوا بينه وبين النسر من خلال رسم العقاب فاردا جناحيه بينما رسموا النسر ضاماً جناحيه، وحاول علماء الطيور التمييز بينهما فقالوا إن النسر لا يوجد له ريش عن رقبته

ويقول الباحث "عماد الخالد": «إن تحديد أوصاف الشعار الحالي لسورية تم بموجب المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 1980 حيث نص بأن: الشعار الرسمي للجمهورية العربية السورية يتألف من ترس عربي نُقش عليه العلم الوطني للجمهورية بألوانه، ويحتضن الترس عُقاب يمسك بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي "الجمهورية العربية السورية" وفي أسفل الترس سنبلتا قمح، ويكون العُقاب والشريط وسنبلتا القمح باللون الذهبي، وتكون الكتابة وخطوط الأجنحة باللون البني الفاتح، وقد قام بتصميم الشعار بشكله الحالي الفنان "خالد العسلي" عام 1945 وهو دبلوماسي سوري وفنان تشكيلي، والده "شكري العسلي" أحد شهداء 6 أيار 1916، ولد سنة 1915 وتوفي عام 1990»

الباحث الدكتور محمد جمال طحان

وقد مر الشّعار منذ تصميمه لأول مرة عام 1945 وحتى اعتماده نهائيا عام 1980 بعدة تغيرات شكلية طفيفة، يوجزها الباحث "عماد الخالد" بالقول: «في عام 1945 كان عبارة عن ترس عربي في وسطه ثلاث نجوم حمر هي نجوم العلم السوري على حصيرة فضية ويحضن الترس عُقاب، ويحيط بالترس ثلاثة خطوط هي الأخضر فالأبيض فالأسود تمثل ألوان العلم السوري وفي أسفل الترس سنبلتان قمح بلون القمح الطبيعي يرمزان إلى محصول البلاد الأول وطابعها الزراعي، وقد أمسك العُقاب بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي "الجمهورية السورية"، وأثناء الوحدة مع مصر عام 1958 تم اتخاذ النسر شعارا للجمهورية العربية المتحدة، وفي عام 1961 بعد الانفصال تمت العودة إلى العقاب المصمم عام 1945 وتمت إضافة كلمة "العربية" إلى اسم الجمهورية فأصبحت "الجمهورية العربية السورية"، وفي عام 1969 أصبح لون النجوم الثلاث على الترس أخضر وألوان الخطوط أحمر فالأبيض فالأسود، وفي عام 1972 أثناء قيام اتحاد الجمهوريات العربية "سورية ومصر وليبيا" تم تغيير فقط اسم الجمهورية المكتوب على الشريط الذي يمسكه العقاب حيث كتب عليه: "اتحاد الجمهوريات العربية"، وفي عام 1980 تم اعتماد الشعار الحالي للجمهورية العربية السورية»

الدكتور والعميد المتقاعد "أديب الشعار" يتحدث عن معاني هذا الشعار بالقول: «يتمتع العقاب بالأنفة والشجاعة وهو سيد قومه من الطيور والجوارح، مسكنه رؤوس الجبال، وقد فضّل الأجداد العقاب على النسر لأنه لا يأكل إلا من صيده ولا يقرب الجيف، وعلى الرغم من حب العرب الشديد للصقر وتهجينهم له إلا أنهم لم يعتمدوه رمزاً لهم لما يشاع عن الصقر من عدوانية، فكان اعتماد العقاب رمزاً لأنه يمثل الشجاعة غير العدوانية، وعندما اعتمدوا "العقاب" رمزاً لسورية ميزوا بينه وبين النسر من خلال رسم العقاب فاردا جناحيه بينما رسموا النسر ضاماً جناحيه، وحاول علماء الطيور التمييز بينهما فقالوا إن النسر لا يوجد له ريش عن رقبته»

شعار سورية عام 1945

يذكر بأن إشكالية خلط بعض الناس بين "النسر" و"العقاب" بما يخص شعار الجمهورية العربية السورية جاء إثر الوحدة مع مصر، حيث كان النسر يمثل شعاراً للجمهورية العربية المتحدة, وبعد الانفصال عادت "سورية" إلى شعار "العقاب" وبقي اسم النسر دارجاً على ألسنة الناس.

شعار سورية أيام الوحدة