بعد حصوله على الشهادة الثانوية عام 1981 من مدينته "القريتين"، والتحاقه بكلية العلوم اختصاص "جيولوجيا"، اكتشف "إياد خزعل" بعد عام واحد أنه لا يسير في الطريق الصحيح، فتوجّه إلى كلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة "البعث"، وحصل على إجازة في الأدب العربي ثم ماجستير التأهيل التربوي، فقد رافقه الشعر طيلة مسيرة حياته، وتلمّس مدرسوه موهبته في المدارس، فأبدع عدداً من الدواوين التي كانت حصيلة قراءته لكبار شعراء المقاومة.

أبحر "خزعل" في الأدب المترجم ونهل منه فأغنى تجربته، يقول إن الظروف الحياتية لم تساعده، فدرس عن بعد وهو يعمل في منطقة مناجم الفوسفات أثناء دراسته، وتخرج عام 1992، وتعينَّ في مدينة "حماة"، ثم مدينة "حمص"، تعلق بداية بشعراء المقاومة مثل "بدر شاكر السياب"، الذي كان له الأثر الأكبر في مسيرته الأدبية، و"سميح القاسم"، و"محمود درويش"، أخذ منهم ذخيرة فنية ولغوية وشعرية، ثم حصل على ماجستير تأهيل وتخصص في تعليم اللغة العربية، ليتوجه لاحقاً للنقد، فيتعرف على أصول كتابة القصيدة وأصول الحداثة وشعر التفعيلة، ويدرّس في كلية التربية بجامعة "البعث" منذ عام 2002 وحتى الآن، أشرف على طلاب الدبلوم والتأهيل التربوي قسم الأدب العربي، وكذلك يدرّس مادة اللغة العربية لطلاب الإرشاد النفسي ورياض الأطفال، ما أضاف له الكثير من الخبرة، ودفعه للقراءة في مجال التربية وعلم النفس والمناهج التربوية، كما أنه يدرّس في معهد التربية الموسيقية والتشكيلية منذ عام 2015 وحتى الآن، فاحتكّ مع الفن بأنواعه.

أهم ما يميز تجربة "خزعل" أنها تجربة أخلصت للجانب الوجداني الذي يجعل من تجربة الذات بوابةً لاختزال أبعاد إنسانية وقيمةً كبرى بتنا لا نجدها إلا في الشعر، إنها تجربة تنطلق من البوح وتنتهي به، ولا تجد الخلاص في غيره، فتحضر تجربة الحب، ويحضر المجتمع بقيمه المضمرة بأقنعة شعرية عديدة من دون مباشرة أو خطابية، على الرغم من ميل الشاعر إلى الترميز الذي يمنح بناء القصيدة جمالية، ولكنه لا يزجها في متاهات الغموض الذي يوصد أبواب النص في وجه قرائه، ويحاول القبض على جمرة الشعر، في زمن عزّ فيه الشعر، وسفكت كلماته على منابر الصراخ والضجيج، إنها تجربة تستحق منا الاحتفاء، وتستحق من الشاعر قليلاً من القسوة فدلال الكلمات قد يفسد أخلاق القصيدة، ولا أرى الشاعر إلا مخلصاً مسكوناً بهموم القصيدة، وهموم الشعر التي تخفف من وطأة القبح المزدحم في حياتنا، فكتابة القصيدة هي إعادة توازن للروح وللحياة والجمال

وبيّن "خزعل" لمدوّنة وطن "eSyria" أنه تأخّر في طباعة دواوينه لأسباب مادية بحتة، حتى صدر الأول منها عام 2005 بعنوان "فضاء للكلام"، تناول فيه موضوعات ذاتية، وتميزت قصائده بحضور الأم الطاغي في أبياتها، فقد كان لها أثرٌ كبيرٌ في حياته الشخصية وتجربته الأدبية قبل وفاتها، وفي عام 2016 صدر ديوانه الثاني "هذا أنا"، والديوان الثالث الصادر عام 2018 تحت عنوان "أغنيات الصمت"، فقد تناول فيه موضوعات إنسانية واجتماعية إضافة للهم الذاتي، أما ديوانه الأخير بعنوان "بيوغرافيا الجسد" سيرة جسد لم تكتمل، فقد شارك به في مسابقة "الطيب صالح للإبداع الكتابي"، كما شارك في مهرجان الشعر في مدينة "سلمية"، من عام 1991 حتى عام 2002، وكذلك بالعديد من الأمسيات في المركز الثقافي في "حمص"، وفي ثقافي "حماة" و"مصياف" و"الرقة"، وأخيراً في مهرجان جمعية الشعر في "دمشق".

الأديب الناقد هايل الطالب

عرفه الناقد "وليد العرفي" حسب قوله كعاشق للغة العربيّة التي اشتغل فيها مُدرّساً، ومُحاضراً أكاديميَّاً، وتناول الجانب الإبداعي في شعر "خزعل"، موضحاً أنه يكتب النص الشعري العمودي، وشعر التفعيلة، وهو في هذا وذاك شاعر قادر على تطويع اللغة بين يديه، موهبته مائزة، وفكره متَّقد لا يخفى على قارئ شعره الذي يتّشح بمسحة حزن تدخل القلب قبل السمع، ويضيف "العرفي" بأن الشاعر "خزعل" ظلم نفسه فيما يخص الظهور، فقد ابتعد عن وسائل الإعلام، حضوره الشخصي مميّز خاصَّة في إلقاء الشعر الذي يروق من يسمعه لامتلاكه نبرةَ صوت تمتلك بتأثيرها حواسَّ المتلقّين كلَّها.

أما الأديب الناقد "هايل الطالب" فقال: «أهم ما يميز تجربة "خزعل" أنها تجربة أخلصت للجانب الوجداني الذي يجعل من تجربة الذات بوابةً لاختزال أبعاد إنسانية وقيمةً كبرى بتنا لا نجدها إلا في الشعر، إنها تجربة تنطلق من البوح وتنتهي به، ولا تجد الخلاص في غيره، فتحضر تجربة الحب، ويحضر المجتمع بقيمه المضمرة بأقنعة شعرية عديدة من دون مباشرة أو خطابية، على الرغم من ميل الشاعر إلى الترميز الذي يمنح بناء القصيدة جمالية، ولكنه لا يزجها في متاهات الغموض الذي يوصد أبواب النص في وجه قرائه، ويحاول القبض على جمرة الشعر، في زمن عزّ فيه الشعر، وسفكت كلماته على منابر الصراخ والضجيج، إنها تجربة تستحق منا الاحتفاء، وتستحق من الشاعر قليلاً من القسوة فدلال الكلمات قد يفسد أخلاق القصيدة، ولا أرى الشاعر إلا مخلصاً مسكوناً بهموم القصيدة، وهموم الشعر التي تخفف من وطأة القبح المزدحم في حياتنا، فكتابة القصيدة هي إعادة توازن للروح وللحياة والجمال».

الشاعر الناقد وليد العرفي

من شعره اخترنا لكم هذه الأبيات من قصيدة حبُّ الوطن:

للحبِّ أكتبُ أغنياتِ الصّمتِ.. أملؤها كلامي

تكريم جمعية الشعر باتحاد الكتاب العرب للشاعر خزعل

أبكي على زمنٍ يضيعُ ولا يعود أبكي تفاصيلَ البدايةِ والختامِ

لم يبقَ لي أملٌ يضيءُ الرّوحَ في هذا الزّمان فمضيتُ أبحثُ عن طريقي

فلا أراهْ.. ورأيتُ أمّي تنحني فوقَ الصّخورْ

يذكر أنّ "إياد خزعل" من مواليد "القريتين" في محافظة "حمص" عام 1963، عضو في اتحاد الكتاب العرب، تمّ اللقاء في حديقة "اتحاد الفنانين التشكيلين" في "حمص"، شارع "عبد الحميد الدروبي"، بتاريخ 25 تشرين الثاني عام 2020.