كان التحدي دافعَها لتخترقَ جميعَ الحواجزِ والعراقيل، وتبرزَ في عالمِ النقد، وتعتليَ كرسيّ عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة "البعث"، نالت العديدَ من الجوائز عن جدارة، فاردةً قلمَها لإنتاج العديد من الكتبِ النقدية القيمة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الأديبةَ الناقدةَ "سمر الديوب" بتاريخ 20 آب 2019 لتحدثنا عن انطلاقتها الإبداعية، قائلة: «نشأتُ في مدينة "حماة"، وتلقيتُ دراستي الإبتدائية في مدارسها، وكان لديّ ولعٌ منذ صغري بالتميّز، كنت أقضي ساعاتٍ طويلةً في الدراسة، ولأسبابٍ عائلية انتقلت إلى مدينة "حمص"، وتابعت دراستي الإعدادية والثانوية، وتولدت لديّ رغبةٌ في كتابة الخواطر، والقصص القصيرة، حيثُ كنتُ أكتب لنفسي، ولم أفكر في نشر ما كتبت، لكني أحببت كثيراً الأدب، وبدأت بقراءة الروايات العربية والعالمية التي كنت أحصّلها من مكتبة المدرسة، وأعجبت كثيراً بروايات "المنفلوطي" وأسلوبه الرومانسي الشفاف، وروايات "نجيب محفوظ"، لكن الأمرَ ظلَّ هوايةً عندي، ولم يخطر في بالي أنْ أكونَ ناقدةً لهذا الأدب الرفيع في المستقبل لأنّ اهتمامي كان منصباً على دراسة طبّ الأسنان أو الأدب الفرنسي، أحببتُ مادةَ اللغة الفرنسية، وكنت أكتب قصائدَ بالفرنسية، وأعرضها على المدرس فكان ينظر إلي ويقول: (لديك مستقبل رائع..) رافقتني كلماته، ولا تزال نظرته عالقةً في ذهني، فعملتُ بجدٍ لكي أحصّل علاماتٍ تسمح لي بتحقيق حلمي، ولأسباب خاصة لم أتمكن من ذلك، فشعرت أنّ الآفاق سُدّت أمامي إذ كان يتعين علي دراسة فرع موجود في مدينة "حمص" حيث كنت أقيم».

حصلت في مسيرتي المهنية على جوائز متعددة، أهمها جائزة الدولة التشجيعية في ميدان النقد والدراسات الأدبية والترجمة لعام 2016، وجائزة اتحاد الكتاب العرب، وجائزة مسابقة "نقابة المعلمين" في جامعة "البعث"، وقد تمّ ترفيعي إلى مرتبة أستاذ في كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 2015، وعُيّنت عميداً لكلية الآداب منذ عام 2017 ولا أزال على رأس عملي، وقد عملت جاهدة على تطوير الكلية، والاهتمام بالجانب الثقافي وتفعيله

أما عن مسيرتها العلمية والبحثية، فقالت: «درست الأدب العربي، وشعرت أنّي مهما حصّلت من نتائج جيدة فلن أرضيَ الطموحَ الجارفَ في داخلي، وكانت النتيجة أنّي كنت الأولى على دفعتي في سنوات الدراسة الأربع، فعُيّنت معيدةً باختصاص الأدب الإسلامي، وحصلت على الماجستير بتقدير ممتاز عام 1998، وكانت أول رسالة ماجستير تُقَدّم في كلية الآداب، ثمّ حصلت على الدكتوراه عام 2002 بتقدير ممتاز، وهنا شعرت أنّي وقفت على الدرجة الأولى في سلم طموحي، وكان لزاماً علي الإتيان بجديد في ميدان الدراسات النقدية إرضاءً لهذا الطموح الهائج في داخلي، وتلبيةً لرغبتي في الإتيان بشيء مميّز، فبدأ مشروعي البحثي وخططتُ لنفسي مساراً بحثياً يخرج من أفق الاختصاص الضيّق إلى أفق رحب، فتناولت الأدب القديم والحديث والمعاصر من منطلق مشروعي البحثي "الثنائيات الضدية"، وصدر لي مجموعة كتب منها: "في أدب صدر الإسلام" تحليل نصوص أدبية عام 2008، "الثنائيات الضدية" وهي دراسات في الأدب العربي القديم عام 2009، "جماليات التشكيل الفني في الشعر العربي القديم" في عام 2013، "النص العابر" وهي دراسات في الأدب العربي القديم في عام 2015، "مجاز العلم" وهي دراسات في أدب الخيال العلمي في عام 2016، "الخطاب ثلاثي الأبعاد" وهي دراسات في الأدب العربي المعاصر في عام 2017».

الدكتور أحمد علي محمد في جامعة دمشق وصديق الأديبة

وتناولت الجوائز التي حصلت عليها، قائلة: «حصلت في مسيرتي المهنية على جوائز متعددة، أهمها جائزة الدولة التشجيعية في ميدان النقد والدراسات الأدبية والترجمة لعام 2016، وجائزة اتحاد الكتاب العرب، وجائزة مسابقة "نقابة المعلمين" في جامعة "البعث"، وقد تمّ ترفيعي إلى مرتبة أستاذ في كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 2015، وعُيّنت عميداً لكلية الآداب منذ عام 2017 ولا أزال على رأس عملي، وقد عملت جاهدة على تطوير الكلية، والاهتمام بالجانب الثقافي وتفعيله».

وتحدثت عن تجربتها في التعليم قائلة: «أحاول أن أعلّم طلابي الجدل والتفكير النقدي، وأقول لهم إنّ المرء يتعلم من أخطائه، فكل مشكلة قمت بحلّها أضحت قاعدة استعملتها بعد ذلك لحل مشكلات أخرى كما يقول "رينيه ديكارت"، أعلّمهم أنّ على الناقد أن يخترق المسكوت عنه في الخطاب الأدبي، وحين قدمت أطروحة الدكتوراه قالت لي لجنة المناقشة والحكم أنت مقتحمة وجريئة، ومن وجهة نظري لا يوجد فصل بين النقد وغيره، ووجود الأولويات لا يمنع الرؤية الشاملة، أشرفت على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه، وأشكّل مع طلابي حلقة عمل متتابعة، فما بدأته يتابعونه معي».

الدكتورة سمر في مكتبها

الدكتور الباحث "أحمد علي محمد"، المدرس في جامعة "دمشق" قال: «عرفت الدكتورة "سمر الديوب" في أواخر تسعينيات القرن العشرين، وكنت قبل لقائها أعمل في جامعة "الكويت"، أذكر هذا كما لو أنّه حدث البارحة، وكانت قد أنهت الدكتوراه بجامعة "البعث"، وربما كانت من أوائل الحاصلين على هذه الشهادة من تلك الجامعة، وسرعان ما انضمت إلى أعضاء الهيئة التدريسية في قسم اللّغة "العربية" وآدابها بجامعة "البعث"، فعرفتها زميلة تفيض حيوية ونشاطاً وحماسة، ولم تكن بيننا صلة إلا الحديث الوجيز عن هموم البحث الأدبي وسبل الارتقاء به، وإن كنت أنسى فلا أنسى بريق عينيها وهي تختزن كلمات شردت من لساني وأنا أتحدث عن مشكلات البحث الأدبي على مسامعها، ثم لا تلبث أن تفتش لي عن ذلك الهمّ كلّما جمعنا مجمعٌ في رحاب كلية آداب "البعث"، لتدهشني بفكرة تنوي كتابتها على الورق، وقد مضت مثابرةً في لجنة الأبحاث، حتى جاء وقت تطالبني فيه أن أقرأ لها البحث تلو البحث، وأنا أتعجب من سرعة فهمها القضايا الأدبية الحداثية والتعبير عنها بدقة ووضوح، وهي ممن اختص بدراسة الأدب القديم، لقد اقتحمت "الديوب" غمار كلّ شيء، ونجحت في كلّ ذلك نجاحاً باهراً، وهي اليوم باحثة رصينة نُشرت لها أبحاثٌ في أرقى الدوريات المحلية والعربية، ومؤلفة مجيدة نُشرت لها كتبٌ في وزارة الثقافة السورية، وفي بعض الأقطار العربية، كما نُشرت لها كتبٌ جامعية عدة، وهي فوق ذلك إدارية ناجحة شغلت ولا تزال منصب عميد كلية الآداب بجامعة "البعث"، إنّها مثال رائع للمرأة السورية المثقفة والباحثة والإدارية المتفوقة في كلّ شيء».