تجري الطفولة في عروقه لتنضح إبداعاً وشعراً، يحاكي الأطفال بلغتهم وأسلوبهم، فيتحول شعره إلى قصص توجيهية تكون مرشداً لهم، فأطلق عليه اسم شاعر الطفولة.

مدونة وطن "eSyria" التقت شاعر الطفولة "برهان شليل" بتاريخ 17 نيسان 2019، ليحدثنا عن ظهور بذور الإبداع لديه، قائلاً: «أحببت الشعر والأدب منذ صغري، وتفتحت أذناي على سماع كل شيء جميل يحرّك مشاعري، فالموسيقا والأغنية والقصيدة تحرّك المشاعر، وكنت أستمتع بالكتابات النثرية التي تحمل البوح والإحساس الصادق، التي كوّنت لديّ نواة الشعر من خلال كتابات نثرية يغلب عليها الطابع الذاتي الرومانسي، أترنم بها وأحسّ وأطرب، وكتاباتي ساعدتني في نمو المعرفة، وعشق الشعر، وكانت الخميرة في مرحلة كمون طويلة ظهرت أدباً وشعراً من خلال ما كتبتُ، فكنت مغرماً بالاستماع إلى الشعر، وخاصة القصيدة التي تحمل همّاً إنسانياً أو وطنياً، أحببت شعر المهجر والشعر الفلسطيني وشعر المعلقات، وكان لمدرّسينا الأثر الكبير في نفوسنا (اللغة العربية) الذين كان أكثرهم مبدعين في الأدب والشعر، وما زلت أتذكر أبياتهم الشعرية، وإلقائهم الجميل المعبر للشعر، وتفاعلهم مع القصيدة التي يقرؤونها».

لقد شجعني الكثيرون على الكتابة، وغمروني بمحبتهم، وكان لهم فضل كبير علي، وقدموا لي ما أحتاج إليه من عون ومساعدة في طباعة بعض دواويني؛ وهم أصدقاء مخلصون

أما عن تأثير الصحراء ووجوده في "تدمر" بأعماله، فقال: «أنا ابن البادية والصحراء الجميلة المعطاءة، ففيها الألفة والصفاء والحب والبساطة والحنين والسعادة، أنا ابن "تدمر" المدينة الأثرية الجميلة الساحرة بأوابدها وأطلالها وفنها التي كانت ملاعبنا وذكرياتنا، فعندما تكثر الأمطار وتروي الأرض تزهو في لوحة فنية ساحرة مؤثرة في النفس، وتبشّر ببوح شعري، وولادة قصيدة جميلة رائعة، كل تلك المشاهد الجميلة من بادية وأطلال وآثار "تدمر"، تركت أعظم الأثر في نفسي، فتغنيت بالشعر وكتبته، أتذكر أنني كتبت أول قصيدة نثرية عام 1968، وكنت في الثامنة عشرة من عمري، نشرتها في مجلة "جيش الشعب" التي كانت حديثة الولادة ذاك الزمن، ثم جاءت حرب حزيران ونكستها عام 1967 التي أثرت انكساراتها في نفوس الجميع؛ حيث الاحتلال الجديد لأراض عربية والتشريد والتهجير لأبناء وطننا في "الجولان والقنيطرة"، هذه النكبة حركت مشاعري، فكتبت القصيدة البسيطة الواضحة بكلمات نثرية معبرة وصادقة كما أحسست بها، وأنا أتصور حالة أولئك المشردين النازحين من أبناء وطني "سورية". وكنت سعيداً جداً بنشرها في المجلة المذكورة؛ وهو ما شجعني على متابعة الكتابة وقراءة الشعر. وفي عام 1971 كتبت لذات المجلة دراسة أدبية بعنوان: "بدر شاكر السياب"، فأنا من أشدّ المعجبين به وبأشعاره.

مديرة المركز الثقافي بحمص وصديقة الشاعر فاطمة الأسعد

"تدمر" مدينتي وحبيبتي التي ألهمتني إبداعاتي الشعرية لما تتمتع به من مكانة ومجد عظيم، فكان للوحاتها الغناء أثر كبير في إبداعي، فكتبت الشعر للصغار والكبار وما زلت حتى الآن، واستطعت غرس حب الأدب والشعر في نفوس طلابي على مدى ثلاثين عاماً».

وذكر من وقف خلفه في طريق الإبداع، قائلاً: «لقد شجعني الكثيرون على الكتابة، وغمروني بمحبتهم، وكان لهم فضل كبير علي، وقدموا لي ما أحتاج إليه من عون ومساعدة في طباعة بعض دواويني؛ وهم أصدقاء مخلصون».

مديرة المركز الثقافي سابقاً الأديبة خديجة بدور

وعن أبرز المحطات الإبداعية في حياته، قال: «كتبت مسرحية غنائية للأطفال عنوانها: "الأطفال يزورون التليلة"، وهي محمية طبيعية قريبة من "تدمر"، وقد مثلت في مسرح الهواء الطلق، وأخرجها الراحل الفنان التشكيلي "وليد تركي"، ثم فزت بالمرتبة الثالثة على مستوى القطر في مسابقة "قصائد بيئة الأطفال"، وانطلقت من القصيدة الأولى لأكتب ثماني مجموعات شعرية للأطفال».

وعن مضامين أغنياته، قال: «تعدّدت مضامين قصائدي، فكانت متنوعة وطنية وإنسانية وصحية وتربوية وتعليمية وبيئية، وكتبت سبع أغنيات للبيئة هدفها زرع قيم حب البيئة والاهتمام بها وحمايتها في نفوس الأطفال، ووزعتْ وسُمعَتْ بندوات بيئية متعددة في مدن القطر، عناوينها: "صديقة التليلة، طائر النون (أبو منجل)، البيئة النظيفة، صديقنا الكلب، السوسن الجميل، حديقة "غزة" البيئية، حبيبتي القنيطرة" بالتعاون مع منظمة رعاية الحيوان "سبانا" ومقرّها "حماة"».

الشاعر برهان الشليل

من ديوان "الشليل" "أناشيد لوطن أخضر":

«لنا لنا المستقبل

بالجهد لا لا نبخل

سنقرأ ونبدع هيا ابتعد يا كسل

غايتنا أن نرتقي ونحن نحن الأمل

وللعلى كم نسهر ونجمنا لا يأفل

هيا بنا أطفالنا أحلامنا لا ترحل

مبذورة في أرضنا من أجلها سنعمل

ستزهر في وطني هيا انتظر يا منجل

غداً نراها غابة خضراء وهي الأجمل».

مديرة المركز الثقافي السابقة في "تدمر" ومديرة المركز الثقافي بـ"حمص" حالياً "فاطمة محمد أسعد"، قالت: «الأديب الشاعر "برهان الشليل" من أبناء مدينتي "تدمر" عرفته منذ نعومة أظافري منارة من المنارات المضيئة في سلك التعليم له فيه باعٌ طويلٌ، وهو من المعلمين الأوفياء والمحترمين.

عمل بجدّ ونشاط من دون كلل أو ملل، وكان من الرواد الدائمين في المركز الثقافي بـ"تدمر"، وله فضل كبير في نشر الثقافة والعلم بين أبناء "تدمر" وفي مدارسها، له ابنتان "زينب" و"فاطمة"، هما سبب شغفه وحبه للأطفال وإلهامه، حيث استحق أن يطلق عليه اسم "شاعر الطفولة"، وألّف العديد من الدواوين للأطفال وأصدقاء البيئة، حيث اعتمدت بعض قصائده في مناهج التعليم.

وعلى الرغم من ظروف الحرب المريرة تابع "الشليل" نشاطاته في المراكز الثقافية والملتقيات والنوادي».

"خديجة بدور" صديقة الشاعر ومديرة سابقة أيضاً لمركز "تدمر" الثقافي، قالت: «شاعرنا الأخ والصديق والأديب منذ زمن بعيد، فقد أخلص للحرف وظل يكتب ويكتب، وينشد للوطن وأطفاله، ولم يتوقف قلمه عن الكتابة لأنه الضمير الحيّ وصوت شرفاء وطني المدوي في صحرائنا الواسعة الملأى بالأمل الآتي عبر صدى حروفها الرائعة».

يذكر، أن الشاعر "برهان الشليل" من مواليد "تدمر" عام 1949، من مؤلفاته للأطفال: "أغنيات إلى تدمر" عام 2002، "صديقتنا البيئة" عام 2006، "تدمر حكاية الزمان" عام 2006، و"يا ربنا يا ربنا" عام 2009، ومجموعات قيد الطباعة: "لبيب صديق البيئة"، و"أناشيد إلى أمي في عيدها"، "هيا نفرح يا صغار"، و"أناشيد لوطن أخضر"، و"عصفور الشآم".

وله سبع أغنيات ملحنة للأطفال، وقصائد في منهاج التعليم الأساسي لعام 2019.