دخلت عالم الأدب كهاوية، وصقلت موهبتها بالقراءة والاطلاع على النتاج الأدبي، شجعتها بيئتها الأدبية على أن تكون من المهتمين بالأدب وكتابة القصة القصيرة والخاطرة، عبّرت من خلال كتاباتها عما عاشته من أوجاع ومآسٍ ألمّت بالوطن وأفراده.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 22 تشرين الثاني 2018، مع الأديبة "فاطمة كامل أسعد" لتحدثنا عن تجربتها الأدبية، فقالت: «اكتشفت ميولي للكتابة مبكراً، فمنذ صغري وأنا أدوّن ما يجول في خاطري من أفكار ومشاعر، وكانت كتاباتي مجرد خربشات أدبية على ورق كتبتها نتيجة الحرب الأهلية التي شاهدتها خلال طفولتي في بلدتي "طرابلس" التي ولدت فيها عام 1966، هذه الحرب كانت عائقاً أمامي لمتابعة دراستي، وكانت السبب بقدومي إلى "سورية" وبالتحديد إلى "تلكلخ" في ريف "حمص"، التي احتضنتني وعائلتي وقدمت لنا الدعم الكبير، وكنت وقتها في عمر التسع سنوات، وبالنسبة لمسيرتي الأدبية يعود الفضل لصقل موهبتي بها إلى زوجي الأديب "حسن إبراهيم سمعون"، الذي ساعدني وشجعني على الكتابة وتطوير ملكتي الأدبية، وأعطاني فسحة من الحرية والوقت للتعبير عن نفسي وهواجسي، وتأثرت كثيراً بوجدانياته وكتاباته، إضافة إلى أن وجود مكتبة ضخمة في منزلي جعل القراءة طقسي اليومي، حيث اطلعت على الكثير من الكتب الشعرية والأدبية، لكن جذبتني الكتب الاجتماعية التي تعنى بشؤون المرأة والأسرة والمجتمع، التي أغنت تجربتي وأضافت إليها الكثير، فكانت القراءة نافذتي التي أغنت خيالي الأدبي وطورت مفرداتي اللغوية ووضعتها بمسارها الصحيح، كما أن وجودي دائماً ضمن الأجواء المفعمة بالحوارات الثقافية كان لها دور في تطوير نتاجاتي الأدبية. وكانت بداياتي بكتابة الخواطر التي تعدّ بالنسبة لي المرآة التي تعكس الحالات الإنسانية التي أمرّ بها وتؤثر فيّ، وبدأت نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاقت الإعجاب والاستحسان من قبل العديد من القراء والأدباء الذين تمعنوا في قراءة كتاباتي ولاقت التشجيع لنشرها وتجميعها في ديوان ورقي، كما كان لصديقتي "ريد اليوسف" الدور الكبير بتشجيعي على الكتابة وطباعة ديواني "أنثى الياسمين"؛ وهو عبارة عن 80 نصاً قصصياً، ضمّ العديد من المواضيع التي تخص المرأة والوطن والحرب، كما نشرت العديد من كتاباتي في بعض المواقع الأدبية، كموقع "سورية الحدث"، و"نفحات القلم"، وغيرهما».

تنوعت أعمالي ما بين الخاطرة والقصة القصيرة، لكنني وجدت نفسي في القصة القصيرة لكونها تستطيع أن تحمل مشاعرنا وتنقلها إلى المتلقي بكل شفافية ووضوح، وتعتمد التركيز في معالجة الحدث وطريقة سرده وتصويره للقارئ، حيث تقدم ما نعبر عنه من انفعالات وأفكار بجمل وصفية دقيقة تصور الواقع بطريقة سهلة ومبسطة، إضافة إلى أن القصة القصيرة تحتاج إلى الإيجاز والتكثيف في الوقت نفسه حتى تحقق الهدف المراد منها وتترك انطباعاً وتأثيراً كبيراً وواحداً لدى القارئ، وهذا يجعلنا نترك الكثير من المساحة للقارئ كي يصل إلى الغاية المنشودة بأساليب مختلفة

وعن المواضيع التي تناولتها، أضافت: «كتاباتي عبارة عن نبضات أنثوية تحضر فيها الهموم والأحاسيس الأنثوية الوجدانية، وتناولت قضايا المرأة وعالمها الروحي وتناقضاتها ومزاجيتها، وكان للوطن والشهيد نصيب وافر بنصوصي القصصية، إضافة إلى أن الحرب القذرة التي تعرض لها بلدي "سورية"، كانت الدافع الأساسي لنشر كتاباتي، حيث أحببت أن يكون لي دور فعال في المجتمع وفاءً لبلدي "سورية" وشعبه الذي احتضنني بكل ود وحب، فنشرت صوراً واقعية للواقع السوري المعاش وما تعرض له خلال سنوات الحرب من ويلات ومعاناة، إضافة إلى تأثيرات الحرب السلبية في المجتمع، فقد فرضت هذه الحرب علينا معجماً أدبياً جديداً لا بد من مواكبته للحفاظ على الهوية الثقافية والفكرية للشعب السوري بقيمه ومبادئه».

الأديب "سمير سنكري"

وتابعت: «تنوعت أعمالي ما بين الخاطرة والقصة القصيرة، لكنني وجدت نفسي في القصة القصيرة لكونها تستطيع أن تحمل مشاعرنا وتنقلها إلى المتلقي بكل شفافية ووضوح، وتعتمد التركيز في معالجة الحدث وطريقة سرده وتصويره للقارئ، حيث تقدم ما نعبر عنه من انفعالات وأفكار بجمل وصفية دقيقة تصور الواقع بطريقة سهلة ومبسطة، إضافة إلى أن القصة القصيرة تحتاج إلى الإيجاز والتكثيف في الوقت نفسه حتى تحقق الهدف المراد منها وتترك انطباعاً وتأثيراً كبيراً وواحداً لدى القارئ، وهذا يجعلنا نترك الكثير من المساحة للقارئ كي يصل إلى الغاية المنشودة بأساليب مختلفة».

ومن كتاباتها:

"نذر...

قررت أن لا تزور ضريحه، حتى إعلان النصر بشكل نهائي واكتمال نجوم السماء

ديوانها "أنثى الياسمين"

فلقد تساوت مع كل نساء سورية بألم الفجيعة ونذرت أن أي ضريح ستزوره فثمة وجه شهيدها".

الأديب "سمير سنكري" حدثنا عن الأديبة "فاطمة كامل أسعد" بالقول: «ليكون الإنسان حاضراً في مضامين اللغة والأدب وجب عليه أن يمتلك ثلاثة أمور أساسية: أولها الموهبة، وثانيها القدرة على امتلاك أدوات الكتابة، وثالثها الثقافة العامة التي يزود الكاتب إبداعاته منها، وهذه الصفات مجتمعة امتلكتها الأديبة "فاطمة أسعد"، فهي من الأدباء الذين يهتمون باللغة كسبيل لوصول أفكارهم بأسلوب أدبي مرموق إلى الناس، فهي كاتبة لها باع طويل في خلق حكاية قريبة من الروح والمعاناة التي عاشتها "سورية" من خلال الأزمة وقضايا شهدائها وانتصاراتها، فمن خلال كتاباتها كان جديدها يشدني لقراءته لغنى فكرته ومضامينه، ولا يزال يحتضن خيالها بأسلوب مبدع للفكرة التي تود أن تكتبها وتقولها، لأنه يلامس مشاعر الناس وهمومهم بأسلوب يعتمد صياغة لغوية تشد المتلقي بشفافية لطيفة؛ كأنها تهمس لمشاعرنا بلغة سهلة ومبسطة تضعنا بحالة من الدهشة الأدبية التي قلما تحصل عليها إلا عند الكاتب المتمكن لأنه مؤمن بما يقول، ومن خلال ذلك أثبتت لنا أنها أديبة وكاتبة مرموقة ومميزة جداً، فقد كانت مبدعة بكتابة القصة القصيرة جداً؛ من خلال السرد القصصي الجميل والوصول إلى الحبكة التي تدهش المتلقي وتوصله إلى الغاية المراد تحقيقها».

يذكر أن "فاطمة أسعد" تعيش قرية "عين السودا" في ريف "حمص".