تنقل الأديب والشاعر "نجيب الغربي" وعاش فترات حياته بين "القصير" وقرية "عناز"، وامتد انتاجه قرابة السبعين عاماً قدم فيها أول قصائده بعمر الرابعة عشرة وكانت مستوحاة من البيئة الريفية.

الناقد "محمد غازي التدمري" قال عنه: «بين الأصالة الثابتة والحداثة المتحركة قدم إبداعاً جديداً ليربط الشعر المعمق مع التواصل الإنساني ليكون تجربة شعرية متميزة وملتزمة بقضايا الفن والإنسان».

قاد فخ الشهرة شعراء العصر الحالي للانحدار في كتاباتهم وابعد كنائز القصائد إلى ما وراء الدروج لتنتظر قادم الأيام وتبحث عمن يكشفها

الأستاذ "عبد العليم صافي" أضاف: «هو الفتى العربي الذي أنشأه الريف فبقي على أصالته في الحرص على خلق قوي والسير في حياته ليعنى بأسرته تربية وتنشئة وتثقيفاً وبمحيطه سماحة وطيب معاشرة».

اثناء كتابة إحدى قصائده

أما برأي "إبراهيم حوراني" احد أبناء قريته فهو «المحب الكريم والمضياف الذي يستقبل زواره من صغير وكبير بصدر رحب وابتسامة لا تفارقه ويشارك الجميع مناسباتهم ليكون لشعره نصيب في تلك المناسبات».

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد نجيب الغربي في منزله الكائن في قرية "عناز" وذلك بتاريخ 4/3/2013 وكان الحديث بداية عن تاريخه الأدبي الذي بدأ معه بسن مبكرة فقال: «لعبت البيئة الريفية ونقاؤها دوراً هاماً في صقل الموهبة الأدبية التي أعتبرها موروثة بالنسبة لعائلتنا حيث يتواجد فيها أكثر من أديب وشاعر، ومنذ ريعان الشباب كانت قصائدي نتيجة لتأثري بالبيئة من حولي وبحياة الناس ولاسيما معاناتهم والصعوبات التي تصادفهم».

كتاب الهة الحرب والحب

باللغة المحكية تارة وبالفصحى تارة أخرى كتب دواوينه التي حملت في بعض الأحيان بصمة من الحزن والمعاناة وكان أول ديوان له بعنوان "نار ودماء" وعن ذلك يتابع: «كتبت الكثير من القصائد التي ضاع بعضها وغيب النسيان بعضها الآخر واحتفظ الحظ بالقسم الأكبر منها فنشر لي ما نشر في جرائد ومجلات محلية وعربية، ولي من الدواوين الشعرية ما يزيد على سبعة دواوين مطبوعة مثل "شرود، قيثارة الألم، نقوش كيوبيد، الرموش المخملية"، وعدد آخر يصل العشرين ديواناً بعضها قيد النشر وحملت بين صفحاتها مواضيع متنوعة تعكس وجهة نظري في الحياة».

تحتل المرأة جوهر الإبداع الأدبي لديه فهي الحياة بأكملها فهو لا يعتبرها نصف المجتمع، وكتب لها قصائد غزلية عديدة، ومن ثم جاء الوطن ليأخذ الجزء الأكبر من كتاباته ليحيط ذلك كله بلوحات من سحر الطبيعة: «لتكون شاعراً وأديباً تستحق أن يقرأ لك الناس فيجب أن تجعل كتاباتك النهر يصفو والحجر يتكلم والسماء تبكي والأشجار ترقص وكانت القراءة ومطالعة الكتب باستمرار والتعرف على الجديد في مجال الأدب هي مصدري المتجدد لمزيد من الإنتاج الفني والنقد الأدبي والأهم من ذلك الاطلاع على المنتج العالمي بين الشرق والغرب من شعر وأدب».

شكلت أسماء أدبية مشهورة أولها "لامارتين" و"الفريد ديموسيه" المؤثر الأكبر في كتاباته وطريقة استلهامه محاطاً بدعم وتشجيع الوالدين أولاً والزوجة ثانياً ويقول: «ساعدني كل من أحاط بي على تنمية موهبة الشعر لدي بتوفير الجو الهادئ المناسب والتشجيع الإيجابي باستمرار إلا إني تأثرت بأستاذي الشاعر الكبير "عمر أبو ريشة" الذي ساعدني القدر على اللقاء به في إحدى أمسياته الشعرية مع الشاعر "محمد مهدي الجواهري" في مدينة حلب ثم تطور ذلك إلى زيارات متكررة ولقاءات عديدة حيث كان خير ناصح لي».

لم يعد الشاعر يجد فرقاً بين الريف والمدينة فبدأ الريف يتخلى عن براءته لمصلحة التطور وهذا ليس بالأمر السيئ لكنه لا يفضله ولا يعطيه مكاناً في أشعاره بل يبقي للطبيعة قدسيتها، أما مسقط رأسه مدينة "القصير" فخصها بأجمل وأميز قصائده وحملت اسم "قادش" التي تتحدث عن تاريخ المدينة وأصالتها وأهميتها على مر العصور واعتبرت تلك القصيدة أساساً في معظم أمسياته.

وعن رأيه بالشعر المتداول في هذه الأيام ختم قائلاً: «قاد فخ الشهرة شعراء العصر الحالي للانحدار في كتاباتهم وابعد كنائز القصائد إلى ما وراء الدروج لتنتظر قادم الأيام وتبحث عمن يكشفها».

ومن قصيدة "نشيد الفدائي" اخترنا:

"لا لن أموت فلن يموت سوى الجبان،

إن مات جسمي فلن تموت الروح، لن أخشى الهوان‏

إني خلقت لأن أكون أنا الزمان‏

وكذا الوطن‏

أحميه من نار المحن"‏.

الجدير ذكره أن الشاعر "نجيب الغربي" من مواليد القصير1928، شارك في الكثير من الأمسيات الأدبية والشعرية في المراكز الثقافية في مختلف المحافظات، وتنوع شعره بين الشعر الكلاسيكي والشعر الرمزي والرومانسي وشعر التفعيلة الواحدة.