الأدب العربي هو ذاكرة العرب، والشعراء الشباب استقوا من هذا التاريخ الطويل ليصنعوا منه شعراً عربياً بلغة عصرية.. ومن هؤلاء الشاعر الشاب الحمصي "محمد شريف سلمون" الذي بدأ منذ سنوات بكتابة الشعر والخاطرة..

موقع eSyria التقى الشاعر الشاب "محمد سلمون" في 15/1/2012 وكان لنا معه هذا الحوار..

أتمنى أن أنجز كل ما أطمح إليه في الأدب العربي فلدي طموح كبير في الكتابة والرؤى الشعرية وبنفس الوقت أرى أن الطريق طويل جداً ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة

  • في "حمص" هناك عدد كبير من الشعراء الشباب، ومنهم الشاعر "محمد شريف سلمون" هل يمكن أن تحدثنا عن الشاب "محمد سلمون" بعيداً عن الشعر؟
  • الشاعر الشاب "محمد شريف سلمون"

    ** الحقيقة أنا لا أستطيع أن أفصل شخصيتي عن الشعر العربي فأحياناً أشعر بأني أستنشق الشعر وأنظر إلى كل الأمور في الحياة من زاوية الأدب العربي، وأظن أن هذا الأمر ناجم عن البيئة التي نشأت فيها التي كانت مشبعة بالأدب والقراءة.

    فأنا ولدت في مدينة "حمص" العام /1990/ بحي "باب الدريب" الأثري الذي يحمل الكثير من عبق الماضي والتاريخ ووالدي "شريف سلمون" كان يكتب الشعر في شبابه ويقرأ كثيراً من كتب الأدب وكان في الماضي يعمل في معمل الأسمدة، ولكن كان دائماً يتطلع إلى الأدب العربي ولذلك فقد أعاد دراسة الصف الثالث الثانوي ودخل قسم اللغة العربية وتخرج فيه وهو الآن يعمل مدرساً للغة العربية.. وأنا الآن طالب في السنة الثالثة بقسم اللغة العربية في "جامعة البعث".

    طفولتي كانت زاخرة بالمغامرات وكانت عائلتي تتنقل من بيئة إلى أخرى بسبب عمل أبي، فأنا عشت في ثلاث بيئات سورية هي المدنية البدوية والريفية وأظن أن شخصيتي تأثرت بالأماكن التي عشت بها ولكن بقي لمدينتي "حمص" التأثير الأكبر علي..

  • موهبة الشاعر لا يمكن أن تنشأ من فراغ وإنما كل موهبة يكون لها دافع موجود في سنوات الدراسة الأولى، ما أبرز المحطات الدراسية التي أثرت في خلق موهبتك الشعرية؟
  • ** أعتقد أن لوالدي الأثر الأكبر في بروز موهبتي الشعرية، لأنه كان يتحدث لي عن الأدب العربي وتاريخه فقد كان يطلعني على الكتب الأدبية وكان يقرأ لي العديد من أمهات الشعر العربي، وكنت حينها في الصف الخامس الابتدائي.. ولكن كان لانتسابي "لمعهد الأسد" لتحفيظ القرآن الكريم أبلغ الأثر في حبي وعشقي للغة العربية، الذي تخرجت فيه في الصف العاشر الثانوي وأعتبر أن تلك الفترة هي فترة بناء للغتي العربية التي بنيت على قواعد أدبية أكاديمية.

    وبدأت موهبتي بالظهور في الصف الرابع الابتدائي على يد المدرسة "لودي سلوم" التي أعطتني فرصة بأن ألقي قصيدة شعرية في إحدى الأمسيات الأدبية الطلابية، وكانت هذه القصيدة للشاعر الفلسطيني "محمود درويش".. وأول نص شعري كتبته كنت في الصف الخامس، ولكن إنتاجي الشعري الأدبي بدأ بشكل جلي في الصف العاشر الثانوي الذي بدأ بعد قراءتي للكثير من الدواوين والقصائد الشعرية لشعراء معاصرين أمثال "محمود درويش" و"نزار قباني" وبالطبع كان والدي هو المرجع الأدبي الأول الذي اعتمدت عليه في كتابة ونقد قصائدي الأولى..

    وخلال سنوات دراستي الثانوية كان لي عدد من المحاولات في كتابة الرواية الواقعية التي أخذت أفكارها من البيئات الكثيرة التي أمضيت فيها طفولتي وأيام شبابي الأولى بالإضافة إلى العديد من القصائد الشعرية والنثرية.

  • هل كان لدراستك في قسم اللغة العربية أثر في صقل موهبتك الأدبية؟
  • ** أعتقد أن موهبتي الأدبية واهتمامي الكبير بالأدب العربي هو من دفعني إلى دخول قسم اللغة العربية ودراسة الأدب العربي بشكل أكاديمي، فقد بدأت بدراسة الأدب العربي في سنتي الأولى الجامعية باندفاع كبير لأني وجدت في الجامعة الكثير من أساتذة اللغة العربية والكثير من محبي اللغة العربية، وهذا ما أتاح لي فرصة الحوار والتعرف على فنون اللغة العربية من خلال أشخاص كثيرين، بالإضافة إلى ذلك فالمواد التي ندرسها بالجامعة تعطي الكثير من المعلومات التي تساهم في صقل الموهبة الأدبية وهذا ما ساعدني كثيراً.. فقد وفرت لي الجامعة وضع موهبتي الشعرية في قالب أكاديمي صرف وهذا ما أدى إلى نضج موهبتي الأدبية.. ومن الأساتذة الذين استقيت من علومهم هو الأستاذ الدكتور "عبد الكريم حبيب" الذي لم يبخل علي في أي معلومة أو أي نقد، وقد كان له الأثر الكبير في زيادة إنتاجي الأدبي من خلال تشجيعي على كتابة القصائد وتنبيهي على بعض الأخطاء والسهوات التي كنت أقع فيها.

  • بعد سنوات طويلة من القراءة والتعمق في الأدب العربي ولاسيما في المرحلة الجامعية هل يمكن أن تحدثنا عن آخر كتاباتك ومساهماتك الأدبية؟
  • ** شاركت مؤخراً بعدد من المسابقات الأدبية التي تقيمها "منظمة الشبيبة" التي تتيح لنا أن نتعرف على أدباء كبار وقد أحرزت في هذه المسابقات عدداً من المراكز العليا كما شاركت في عدد من الملتقيات الشعرية الشبابية التي أقيمت في "المركز الثقافي العربي" بحمص وكانت هذه المشاركات هامة جداً لأن شريحة كبيرة من الأساتذة والمهتمين بالشعر العربي المعاصر يحضرون هذه الأمسيات ويتعرفون على الشعراء الشباب.

    وأنا أفكر في طبع ديوانين شعريين أحدهما اسمه "قصائد في الأزمة".. ولديّ محاولات جادة في كتابة الرواية وقريباً سأنجز روايتين أولاهما بعنوان "في قرية الحمقى" والأخرى "ذكريات طفولة" وهما روايتان واقعيتان..

    أما عن رؤيته الأدبية المستقبلية فقال: «أظن أني أسير في بداية المشوار الأدبي ولدي حتى الآن أنتاج أدبي غزير لأن الأدب العربي بالنسبة لي عبارة عن حياة وليس هو حالة طارئة.. فكثير من الأحداث التي تحدث من حولي تكون حافزاً كبيراً لكي أكتب الشعر فأنا أفكر بطريقة شعرية، لذلك أطمح الآن في ترتيب أفكاري لكي أكتب عدداً من القصائد التي تنتمي لعدد من الأجناس الشعرية والتي يمكن أن تجمع في دواوين متفرقة تدور في محاور أدبية مختلفة. فالشعر من وجهة نظري قد خلق للتعبير عن عواطف الإنسان مثله مثل الفن التشكيلي، وأسعى الآن إلى بعث روح جديدة في الأدب العربي لكي نبتعد عن أسلوب الرتابة والتقليد لأن الأدب العربي يحتاج كغيره من الفنون الإنسانية إلى تجديد وتحديث».

  • يعتبر مصطلح "الأدباء الشباب" مصطلحاً جديداً نسبياً فقد برز في الآونة الأخيرة عدد من الأدباء الشباب الذين أحرزوا عدداً من الجوائز الدولية، كيف ترى مستقبل الأدباء الشباب في سورية ولاسيما في "حمص"؟
  • ** الحقيقة أن "حمص" تضم عدداً من الأدباء الشباب منهم من خطا بذلك خطوات هامة ومنهم من يبحث عن موطئ قدم ولكن هناك اهتمام كبير بهؤلاء الشباب الهواة فكل هذه الأمسيات الشعرية وكل هذه المسابقات التي تقام تبغي خلق حالة أدبية شبابية جديدة لكي يبرز عدد من الشباب الشعراء الذين يمكن أن يكونوا شعراء المستقبل.. و"حمص" بالذات تضم الكثير من الخبراء وأساتذة اللغة العربية والمختصين الذين يستطيعون أن يقدموا المشورة والنصح لأي شاب يهوى الكتابة والشعر..

    فعندما يستخدم المختصون مصطلح "الأدباء الشباب" فهم يبغون أولاً تشجيع هؤلاء الشباب الذين يكتبون الأدب العربي لأن كلمة أديب كلمة كبيرة جداً ولا تقال لأي كاتب.. لذلك أنا أرى أن مستقبل الأدب العربي في "حمص" مستقبل واعد وذلك بسبب عدد الشباب الذين يهوون الأدب والقراءة.

    وأضاف: «أتمنى أن أنجز كل ما أطمح إليه في الأدب العربي فلدي طموح كبير في الكتابة والرؤى الشعرية وبنفس الوقت أرى أن الطريق طويل جداً ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة».

    العديد من الأساتذة وناقدي الأب العربي تعرفوا وساعدوا الشاعر الشاب "محمد شريف سلمون" ومن هؤلاء الأستاذ الدكتور "عبد الكريم حبيب" الناقد الأدبي وأستاذ اللغة العربية في "جامعة البعث" الذي حدثنا عن رأيه بشاعرنا الشاب فقال: «الشعراء والأدباء الشباب هم حالة جديدة وفريدة في مسيرة الأدب العربي المعاصر، فقد استطاع الكثير منهم أن يضع بصمته الخاصة في هذا المضمار، ومن هؤلاء الشاعر الشاب "محمد شريف سلمون" الذي تعرفت عليه منذ فترة طويلة وهو الآن أحد طلابي في قسم اللغة العربية بجامعة البعث. ومن خلال اطلاعي على ما يكتبه من قصائد وأجناس أدبية أخرى أجد أنه يسير في طريق أدبي واعد، فهو يمتلك موهبة أدبية حقيقية تعود لسنوات عمره الأولى، وهذا واضح من خلال الذخيرة اللغوية التي يمتلكها، وأظن أن دخوله "قسم اللغة العربية" سوف يعمل على نضج هذه الموهبة فهو الآن يعمل على مزج هذه الموهبة القديمة بالعلوم الأكاديمية التي يدرسها في الجامعة.. وأعتقد أن هذا هو الأسلوب الصحيح في تطوير أي موهبة.

    إضافة إلى أن إنتاجه الأدبي زاخر بالتطلعات والأفكار الشبابية التي لم ترد في كثير من كتابات الشعراء الآخرين وهذا شيء إيجابي، لأننا نحتاج إلى روح جديدة ونفس عصري في كتاباتنا الأدبية الحديثة، وأعتقد أن لشاعرنا نصيباً في أدبنا العربي».