بدأ الكتابة منذ سن الخامسة عشرة عبر قصائد نثرية، وبعد نضج تجربته الشعرية همَّ بكتابة الشعر الموزون والمشاركة في المسابقات الأدبية.

إنه الشاعر الشاب "إهاب السيد عمر" الذي التقاه موقع eHoms فتحدث عن مراحل متعددة في مسيرته الأدبية، فعن بداياته في الشعر يقول: «لقد كانت بدايتي غضة كأي بداية شعرية تحتاج إلى الصقل والمزيد من الاطلاع والقراءة، حيث لم أرغب دخول عالم الشعر الموزون حتى أقرأ الكم الكافي من الشعر الجاهلي، ثم اطلعت على أشعار كم هائل من شعراء الأدبين الأموي والعباسي، وكنت أثناء ذلك لا أضيِّع على نفسي كل ما يتسنى لي قراءته لشعراء هذا العصر».

أحياناً يخالجني الشعر وأنا أتجول في الشارع دون وجود أية طقوس معينة، حيث لا يمكن النكران أن هذه الأمور تبقى طقوسا عقليةً مرتبطةً بالذاكرة والخيال والعاطفة بعيداً عن المكان وما يدور فيه فلذلك لا يمكن تعميمها دائماً

وأضاف: «وبعد سنوات من الجدِّ والقراءةِ وجدت نفسي قادراً على الخوض في شعر التفعيلة ومنه إلى شعر الشطرين، والذي أعدّه أكمل الشعر وأرقاه، حيث يشكل برأيي ميزان الشاعرية لدى الشاعر، مع اهتمامي وحبي أيضا لشعر التفعيلة الحديث.

الشاعر "إهاب السيد عمر"

وهكذا بدأت أنشر بعض ما كتبت على شبكة الإنترنت، لأستقبل النقد والتشجيع ثم نشرت لي بعض القصائد في الصحف المحلية وعلى رأسها صحيفة "العروبة" الحمصية».

بدأ "السيد عمر" إلقاء الشعر والمشاركة بالأمسيات الشعرية عبر مدرجات "جامعة البعث"، حيث تحدث عن مشاركاته وأهميتها قائلاً: «مهما نمت تجربة الشاعر وموهبته فإنه سيظل بحاجة إلى من يربت له على كتف قلمه، وهذا ما جعلني حريصاً على تسجيل حضوري في أمسيات "جامعة البعث" الأدبية، حتى وصلت إلى درجة إلقاء شعري في مدرج "كلية الآداب" الذي يعتبر أكبر مدرجات جامعة البعث، وكانت آخر مشاركة شعرية لي على مستوى الجامعة في المهرجان الشعري الذي أقيم برعاية الاتحاد الوطني لطلبة سورية منذ فترة قصيرة، بالإضافة إلى المشاركة قريباً بأمسيات "رابطة الخريجين الجامعيين" في "حمص"».

الشاعر "حسن بعيتي"

يرى "إهاب" أن لكلِّ شاعر طقوساً يكتب حولها شعره ألِفَهَا وتعوّدها لتصبح من أركان قصيدته، حيث تعوّد "إهاب" كتابة الشعر في جوِّ من السكون، في رحاب داره ذات التصميم العربي القديم وهنا يضيف: «أحياناً يخالجني الشعر وأنا أتجول في الشارع دون وجود أية طقوس معينة، حيث لا يمكن النكران أن هذه الأمور تبقى طقوسا عقليةً مرتبطةً بالذاكرة والخيال والعاطفة بعيداً عن المكان وما يدور فيه فلذلك لا يمكن تعميمها دائماً».

يجمع "إهاب" في شعره بين الغزل والتصوف فعن هذه المفارقة الاستثنائية تحدث قائلاً: «التصوف كمذهب أدبي أكثر ما يثير دهشتي وإعجابي بالشعر العربي بشكل عام، بل هو مدار اهتمامي وبحثي وقراءتي، والتصوف بشكل عام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعاطفة والشعور والتجرد والإنسانية، لذلك كان لابد للشعر أن يلتقي معه ليكون أداة تعبير للتصوف ونافذة وحيدة يطل منها الأخير بمختلف فيوضاته الوجدانية والقلبية.

الإعلامية والشاعرة "قمر صبري الجاسم"

إذاً فالشعر لا يمكن برأيي أن يستغني عن التصوف، وقد تظهر في بعض القصائد التي كتبتها أحياناً مدلولات صوفية، وإن كانت تلك القصائد تعالج موضوع الحب، فالتصوف أساسه الحب ولولا الحب ما كان التصوف فما يعالج به الحب هو التصوف، وإن كانت ما تزال تجربتي محدودة وقاصرة في هذا المجال، وأحتاج الكثير جداً من الجهد حتى أمتلك أدواتي الخاصة في معالجة موضوعات تحتاج إلى فكر فلسفي ورؤية فلكية شاملة وتأمل طويل».

يرى "إهاب" أنه لا يصحُّ لأي شاعرٍ أن يكون مقلِّداً أو مصطنعاً لأفكار غيره من الشعراء، فالإبداع لا يكون إلا من خلال توليدٍ وإبداعٍ داخليٍ للشاعر، مع تأثرٍ طبيعيٍ بكبار الشعراء، وهذا ما لا يعتبر عيباً إن لم يزد عن حده كما يقول، لكن "إهاب" لا ينكر وجود شعراء يقتدي بهم ويعتبرهم مثله الأعلى شعرياً وهنا تحدث: «كثرٌ هم الشعراء الذين وصلوا إلى مُراماتهم المنشودة فأصبحوا منارات في هذا الباب، فمن الشعراء الذين أتلقف جديدهم بكل لذّة "تميم البرغوثي" المبدع الذي وجد طريقه الخاص ومسلكه الفريد، وأيضا أمير الشعراء "حسن بعيتي" الذي رفع رؤوسنا في برنامج أمير الشعراء، وطبعا لا بدَّ لأي شاعر أن يقرأ شعر "محمود درويش" و"عمر أبو ريشة" و"عمر الفرا" أمّا من الشعر القديم فأنهل من كأس سلطان العاشقين "ابن الفارض" و"الإمام الرواس" وغيرهم».

على الرغم من فوز "إهاب" بعدة جوائز أدبية محلية ودولية كان آخرها "جائزة مشروع الكتاب العالمي للشعر العربي"، والذي وثقته واحتفت به كثير من الصحف والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى المركز الثاني في المسابقة الأدبية التي أقامتها قناة "فور شباب" الفضائية، لا يرى "إهاب" نفسه قد وصل إلى غايته المنشودة أدبياً حيث يقول: «مهما حصدت من الجوائز والمشاركات فسأبقى أنظر إلى نفسي بأني ما زلت في بداية المشوار، وبأنَّ تجربتي ما زالت غضّة وما زال أمامي الكثير حتى أستحق لقب "شاعر"، الذي ما زلت أرى فيه ثوباً أكبر من مقاسي فالشعر بحر وكلنا نغرف من هذا البحر الواسع الذي ما زال فيه الكثير لنكتشفه».

أكد "إهاب" وجود شعراء شباب في "حمص" يملكون مواهب كبيرة لا تحتاج إلا لمزيد من الدعم والاهتمام حيث عبر عن ذلك بقوله: « حالفني الحظ بلقاء الكثيرين ممن نبت الشعر على هاماتهم فأثمر على أوراقهم، وسيثمر في المستقبل تجارب شعرية متفردة إن شاء الله، منهم "أغيد الشواف" صاحب الطلة البهية والمتفرد في موضوعاته وأدواته التي يكتب من خلالها شعره ولا أنسى حرفه الساخر الجميل و"محمود دياب" ذو الشعر الغزلي وكذلك "سليمان الحسن" صاحب الحس الاجتماعي اللطيف و"وسام مجذوب" ذو الشعور الوطني وغيرهم الكثيرون من الذين لا تسعفني ذاكرتي إلى أسمائهم».

وللحديث عن "إهاب" التقينا الشاعر المعروف "حسن بعيتي" السوري الوحيد الحاصل على جائزة "أمير الشعراء" والذي قال في "إهاب": «لقد قرأت إحدى قصائده أكثر من مرة، وما أستطيع قوله إنها تنم عن موهبة آخذة في التبلور، كما يحسب للشاعر "إهاب" اجتهاده في بناء ما يشبه قصة الخلق، أبارك له بالفوز بجائزة "مشروع الكتاب للشعر العربي" مؤخراً وأرجو أن أقرأ له لاحقاً».

كما حث الشاعر "بعيتي" الشاب "إهاب" إلى مزيد من الاطلاع على الشعر بمختلف مراحله، وخاصة التجارب الشعرية الحديثة لكبار شعراء العصر، ليتجاوز أي عيوب قد توجد في نصوصه.

من جهتها الشاعرة والإعلامية "قمر صبري الجاسم" صاحبة الجائزة الأولى في مسابقة الشاعرات العربيات عام 2009 كانت لها كلمة في "إهاب" أيضاً حيث قالت: «لدى "إهاب" بذرة موهبة ندية، وجهد واضح في كتابة أيقونة شعرية على شكل قصيدة، لديه حس شعري وقدرة على مزج الألوان لإبداع صورة، رغم الكتابة العمودية.

وعلى الرغم من صغر سنه، لكنه يبشر بموهبة واعدة إن استمر في القراءة وكتابة الشعر وامتلاك القدرة على حذف الأبيات التي لا تضيف شيئاً ولا تعد سوى تكرارا لا أهمية منه، وهذه بحدّ ذاتها تعدُّ إبداعاً، فقد يعتبر الكاتب أن كلماته كلها ثروته، فالشاعر كالمزارع الذي يقتلع الأشواك من بين النباتات المفيدة، وأعتقد أنه خلال وقت قصير سيمتلك القدرة على الابتعاد عن التكلف من أجل القافية، فهو لا يزال في مقتبل الحلم».

الجدير بالذكر أن الشاعر "إهاب" من مواليد مدينة "حمص" عام 1987م، درس في قسم التاريخ في "جامعة البعث".