كان عشاق المسرح والأدب في "حمص" على موعد مع عرض مسرحي من نوع مختلف عن المألوف، حيث أقيم في قاعة "سامي الدروبي" في المركز الثقافي نشاط ثقافي تمثل بقراءة مسرحية لنص بعنوان "ظلام" قدمه مؤلفه الأستاذ "عبد الكريم عمرين" وذلك مساء الاثنين 19/4/2010 بدعوة من نقابة الفنانين "بحمص" وبحضور عدد من الفنانين والأدباء والمثقفين في المدينة.

eHoms للتعرف أكثر على هذا النص الجديد التقى الكاتب المسرحي "عبد الكريم عمرين" فتحدث قائلأ: «هذا النص هو من نوع "المونودراما"، حمل عنوان "ظلام"، يتحدث عن شخصية مثقفة ناضلت في ستينات وسبعينات القرن العشرين في سبيل عالم جديد تسوده العدالة الاجتماعية، وكانت أفكار هذا الشخص تقدمية، ولكن الانهيارات التي حدثت في العالم والتحولات الاقتصادية الاجتماعية، وخصوصاً انهيار ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي وأحداث الحادي عشر من أيلول وأحداث الإرهاب في العالم، هيأت لأميركا بيئة مساعدة للهجوم على المنطقة العربية وأخذ بعض الناس الذين لا علاقة له بالإرهاب أو الأصولية بشكل عشوائي، كل هذه الأمور جعلت من هذا المثقف إنساناً مختلفاً تماماً لم يعد يصدق كل الإيديولوجيات، لم يعد يصدق كل المشاريع القومية أو الثقافية أو الوطنية، شعر نفسه إنساناً جاء من ظلام الرحم إلى ظلام القبر، وحياته حتى ما بين الظلامين كانت ظلام، لذلك كان إنساناً متشائماً وسوداوياً».

النص الذي قدم اليوم كان جميلاً وممتعا، استطاع هذا النص أن يولد في رأسي أفكارا جديدة يمكن أن تساهم في تطويره ليكون عرضاً مسرحياً متكاملاً، وهذا الشيء مرتبط بالأستاذ "عمرين" وبفرقة مسرحية حمصية نشيطة ومجتهدة تجسد أدواره

وعن الهدف الذي ابتغاه المؤلف من إبراز عنصر الظلام ليكون محور النص قال:

جانب من الحضور

«هذا الشيء مقصود لأن السواد والظلم أحياناً يدفعان المشاهد أو القارئ سواء كان في مسرح أو في سينما أو رواية إلى أن يأخذ موقفاً مختلفاً ليستطيع أن يصنع في الحياة أفضل مما صنع هذا البطل، لذا فهو عنصر دافع للمتلقي لأن يكون أكثر وعياً في مجتمعيه، وأن يكون لديه رؤية جمالية لبناء العدالة الاجتماعية والحب والفرح بين الناس».

وعن الغرض من قراءة النص على الطاولة وعرضه أمام الجمهور قال الأستاذ "عمرين":

الفنان "قزق" يشارك في مناقشات الحضور حول النص

«قراءة النص على الطاولة كان بهدف التخلص من شروط إنتاج العرض المسرحي ومستلزماته الكثيرة وتكاليفه المرتفعة، فممكن أن أعتبر الذي قدمته نصف عرض مسرحي، حاولت أن أقرأ النص مجسداً أي أن أمثّل فيه، وأن أجسد الشخصية المسرحية على الطاولة، لأن القراءة السردية قد تحدث بعض الملل عند الناس فقرأتها كممثل مسرحي، وأعتقد أن نجاح التجربة اليوم ستدفعني لقراءة مسرحية لشخصيتين وسآتي بممثلين اثنين، وقد تكلمت اليوم مع الأستاذ المخرج "فايز قزق" لأن يشارك هو والفنان "بسام كوسا" في تجسيد شخصيتي هذه المسرحية، التي هي بعنوان "المزدوجة"».

وعن آراء بعض الحضور في العرض الذي قدمه الأستاذ "عمرين" قالت القاصة والشاعرة القاضية "غادة اليوسف" لموقع eHoms: «نص المسرحية برأيي كان مذهلاً لأنه كان قراءة لكل التاريخ الإنساني في صراعه مع الظلم، وهو صورة لروح العالم الحالي، لروح الإنسان من الداخل المملوءة بكثير من الظلام، مع إني أؤمن كل الإيمان أن هذا الضوء سيأتي، لكن الآن الرؤية ضمن اختلاط هذا العالم وفوضويته ولا عقلانيته، فقد جاء النص تعبيراً مدهشاً عن هذه الحالة الإنسانية التي تعيشها البشرية».

وأضافت: «من الناحية الفنية كان نصاً متوازناً وجميلاً، وحقيقة أمتعني هذا الفن الذي شاهدته، والمشكلة اليوم أن المسرح يعاني من أزمة كنشاط بحد ذاته، وكإقبال جماهيري عليه، لكن هناك إرهاصات وحالات مثل هذه الحالات الإيجابية تبشر بالخير، والآن هناك فرق كثيرة صاعدة نستبشر منها خيراً، لكننا لا زلنا نحلم بالعودة إلى أيام "سعد الله ونوس"، وإن شاء الله نشهد نهضة مسرحية سورية بهمة الكتّاب الجدد المبدعين وبهمة الكاتب المسرحي "عبد الكريم عمرين" الذي هو كاتب مدهش ومجتهد وأتوقع له نجاحات مقبلة».

الممثل والمخرج "فايز قزق" أثنى على إقامة مثل هذه الأنشطة الثقافية، وأعجب بالحضور النوعي للفعالية الذي تابع الفعالية وقال: «نحن بأمس الحاجة لمثل هذه اللقاءات الثقافية التي تتيح المجال لتبادل الأفكار ووجهات النظر بالشؤون الثقافية المختلفة، وتجعلنا نلملم مفردات الحوار، المفردة التي ترقى حقيقة إلى المفهوم التصارعي الشفاف والحضاري والمطور لأذهاننا ومخيلاتنا».

وأضاف:«النص الذي قدم اليوم كان جميلاً وممتعا، استطاع هذا النص أن يولد في رأسي أفكارا جديدة يمكن أن تساهم في تطويره ليكون عرضاً مسرحياً متكاملاً، وهذا الشيء مرتبط بالأستاذ "عمرين" وبفرقة مسرحية حمصية نشيطة ومجتهدة تجسد أدواره».

جدير بالذكر أن الأستاذ "عبد الكريم عمرين" يعد من مؤسسي فرقة المسرح العمالي "بحمص"، وقبلها عمل كممثل مع فرقة "دار الفنون" واشتغل بإشراف المخرج "فوزي السيد" مع "نجاح سفكوني" "جلال الحايك"، كما عمل سنوات بالمسرح المدرسي، وفي "دمشق" شغل منصب مدير المسرح العمالي في سورية من عام /1983/ حتى عام /1985/، وقبلها كان يعمل في المسرح العسكري كمشرف على قسم المسرح الثابت.

يكتب حالياً نصوصاً مسرحية، إضافة إلى الأبحاث المسرحية التي يعمل عليها وقد نشر بعضها في مجلة "الحياة المسرحية" وآخرها بحث بعنوان "الشخصية النموذجية في الأدب المسرحي".