لم تكن مصادفة تلك اللحظة التي حملت قلمها وبدأت ترسم معالم صورتها الأدبية، كانت لحظة خجولة بريئة عبرت فيها عن مشاعر طفوليّة تأثرت بما حولها بداية، ثم انطلقت لتعبر عن ذاتها وترسم بألوان زاهية وداكنة فرسمت صورا وطنية تارة وأخرى إنسانية، ولم تنس أن تتغنى بالشتاء والياسمين لكي تتوضح معالم اللوحة الأدبية التي بدأتها.

إنها المهندسة والأديبة والشاعرة "ريما خضر" التي تعتبر الكتابة موهبة تخلق مع الإنسان، وليس عليه إلا أن يصقلها بالمطالعة والاستماع لموسيقا الروح لتوسيع أفقه وخلق أفكار جديدة للكتابة من نغمة ما.

لن يموت عطر الياسمين فعطر الياسمين مرشوشٌ...على جميع ملابسي ## على معطفي ## وقفازي ## فكيف يموت...؟؟! ## ماذا سأقول ## لمحكمة الحب ## للقاضي.. للمستشارين.. ## فقد وكُلت محاميا ## ناطقا باسم النساء ## يلّقبونك بشاعر النساء... ## لن أحتار.. ## فسأقول لهم ## بأن الياسمين يستأذنكم ## فقد حان لقاء الحبة ## بعد الفراق..

موقع eHoms التقى "خضر" بمناسبة صدور أول عمل لها ويحمل عنوان "امرأة لكل الاحتمالات" وكان الحوار التالي:

مع الأديب نجم الدين السمان

  • في البداية حدثينا عن تجربتك الأدبية، وكيف مزجتها مع الهندسة على الرغم من اتساع الفجوة بين عالمي الإبداع والأرقام؟
  • ** «بدأت أكتب منذ كنت في الثالثة عشرة من عمري، كان قلمي حينها غضّا ينظر إلى النور ليكتب عن الشمس والسماء حينا وأحيانا عن فلسطين، ثم تغذى هذا القلم على فيتامين القراءة وبروتين المطالعة، وشيئا فشيئا وقف ذاك القلم على أرض الكتابة التي اختارها وطنا له، وخلال الفترة الجامعية كتبت عن الجلاء ونيسان وكتبت عن الأم والشتاء، وهناك مرثية للشاعر الكبير " نزار قباني" "لن يموت عطر الياسمين" وتم نشر بعضٌ من تلك القصائد، أما الهندسة ربما كانت جزءا عمليا من طموحي الدراسي ولا أجد تعارضا بين الهندسة والكتابة إذا أسقطنا أفكارنا على مراسم الحياة».

    مع الأديب عبد القادر الحصني

  • غمامة الحزن تخيم على "امرأة لكل الاحتمالات" فهل هو نوع ٌ من التعبير عن خبايا النفس، أم تأثرك ببعض الأدباء؟
  • ** «طبعا تأثرت بداية ببعض الشعراء أمثال "نزار قباني" و"غادة السمان" ولكن "محمود درويش" جزأني، و"محمد الماغوط" كان له تأثير كبير في اتجاهي نحو قصيدة النثر، أما "أحلام مستغانمي" فتلك المحلقة أتعبني جدا النظر إلى حروفها المتساقطة من سماء الإبداع إلى أرض الدهشة، وفيما يتعلق بالحزن فهو الذي يجعلنا أجمل، ونحن نتشابه في أفراحنا ولا نستطيع أن نبدع ونحلق بأقلامنا لتشابه تشابهنا، ولكن الحزن عالم آخر يتسع لنكباتنا المستقبلية ويمتص انكساراتنا الماضية لذلك ترقص أصابعنا على دموع سطورنا فتسطر أجمل الدواوين وأروع القصائد، فحين نكتب لا نرسم حدودا أو إطارا للصورة المتداولة بين الناس، بل نخلق وطنا لسنونو حزين يعتقد أن أوراقنا صارت الربيع الأكثر دفئا له، فيعشش بين السطور ويرفض الموت أو الرحيل عن دموع الحروف، ربما كنت ابحث في إبداعاتي الأدبية عن عالم يتسع لأصابعي بحنينها وشوقها بحزنها وانكسارها وربما كنت أبحث عن وطن أكثر جمالا، فيه من اللون الأحمر ما يكفي لثورة على تقاليد بالية وعادات هرمت بين شقوق يدي مجتمع».

  • الأعمال الجديدة غالبا ما تكون أرضاً خصبة للنقد، فمن خلال تجربتك الجديدة والمستقلة نوعا ما، ما رأيك بالنقد الأدبي، وأين المؤسسات الثقافية التي تدعم وصول الأدب إلى جمهوره؟
  • ** «عندما يكون النقد هدفه زرع القلم المبدع في وطن أكثر اخضرارا حينها يكون النقد نقدا، من جهة أخرى، البدايات دائما تكون غامضة مجهولة النقاط، تغرقنا في بحور الدهشة وتتركنا نتخبط في مياه الفكرة لعلنا نصل شاطئ الإبداع، لذلك لابد من منقذ أو ناقد يراقب من بعيد شكل القصيدة والجمل التي سنخلقها عندما ننجح في إنقاذ أنفسنا من غرق محتم بكتابات تشابه أقلام الجميع لذا يجب أن نختار المجداف المناسب لقوارب كتاباتنا وننطلق على سطور دهشة الآخرين، أما عن دور المؤسسات الثقافية في دعم الإبداع- ومن وجهة نظري- يجب أن تحتضن المؤسسات الثقافية الأديب والشاعر والكاتب أيا كان جنس العمل الإبداعي، وتأخذ بيد المبدع الذي وضع أولى لبنات إبداعه واختار الكتابة منزلا يتسع لخياله، فهل ستنجح المؤسسات والأدباء الذين سبقوا هذا المبدع في الأخذ بيده، أم ستبقى اللبنة وحيدة ويبقى منزله بلا أعمدة؟؟؟».

    ومن مرثية الشاعر الكبير "نزار قباني" اختارت لنا هذه الأبيات:

    «لن يموت عطر الياسمين

    فعطر الياسمين مرشوشٌ...على جميع ملابسي

    على معطفي

    وقفازي

    فكيف يموت...؟؟!

    ماذا سأقول

    لمحكمة الحب

    للقاضي.. للمستشارين..

    فقد وكُلت محاميا

    ناطقا باسم النساء

    يلّقبونك بشاعر النساء...

    لن أحتار..

    فسأقول لهم

    بأن الياسمين يستأذنكم

    فقد حان لقاء الحبة

    بعد الفراق..».

    يذكر أن "ريما خضر " هي من مواليد حمص \1978\ حاصلة على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة البعث، مشتركة في عدة منتديات، منها منتدى عالم الإبداع الفلسطيني وهي مشرفة على القسم الأدبي فيه، ومشرفة على قسم القصة في منتديات المجد الثقافية خلال عامي \2008-2009\، وتجمع شعراء بلا حدود حيث حصلت على شهادة تقدير بالكلمات لبعض القصائد، منها "امرأة لكل الاحتمالات، مراسم للحب القادم، بائعة كبريت الأحلام، أحلام العمر الضائع" وتم قبولها في ديوان العرب، ولها مشاركات في القصة القصيرة إضافة إلى الشعر، وحاليا تحضر لعمل أدبي جديد تهديه إلى أحلامنا المحنطة في جثث الليل.