ترسم "نادين باخص" معالمها الروائية الخاصة من الصفحات الأولى لروايتها "وانتهت بنقطة" الصادرة عن دار الآداب عام 2009، فالشابة الحمصية التي لم تتخط الثانية والعشرين تروي حكاية "رهام" بطلة الرواية والشخصيات المحيطة بها بتماهٍ فريد بين روح الكاتب وأبطال روايته وتشير إلى المدن الافتراضية في الرواية حسب جهاتها الجغرافية فتقول "الجنوب" و"الوسط" مع الإبقاء على إيحاءات هذه المدن وما تتركه من وقع عند زوارها.
موقع eHoms التقى "نادين" مع اقتراب موعد توقيع روايتها "بحمص" وكان هذا الحوار:
لا أجد مسألة الفصل أساسية لا في الأدب ولا في الحياة. لست من مناصري المرأة حتى أنحاز وأقول هنالك لغة خاصة فيها. الأدب أدب سواء أكتبه رجل أو كتبته امرأة. ولكن بالعموم، الموضوع لا يعنيني كثيراً. ما يعنيني هو النص الجميل
** «البدايات بسيطة للغاية، وفطرية، فقد وعيت وأنا أكتب، ومهما كانت مشاعري كنت أعيشها على الورق. في المرحلة الثانوية تبلور شغفي بالكتابة، وكنت أكتب يومياً نصوصاً مراهقة، أتباهى بأن أعلنها بوصفها شعراً، فنصي دائماً كان للعلن، حيث كنت أقدّم نفسي بين أقاربي وأصدقائي على أنني أكتب، حتى إنني طبعت مجموعتين على نفقتي ووزعتهما على معارفي، كان ذلك قبل الصف الثالث الثانوي، وكان كل ما كتبته إلى ذلك الحين لا يزيد على أن يكون تمارين على الشعر. ولكن دخولي كلية الآداب (قسم اللغة العربية) فتح أمامي المزيد من الآفاق، وعندها فقط، أستطيع القول إنّ بداياتي بدأت. فأخذ نصي يتجه باتجاه قصيدة النثر التي سحرني عنصر التكثيف فيها، وبدأت أشتغل على أن أنجز نصاً مكثفاً بالفعل. ثم شيئاً فشيئاً امتلكت أدواتها، ودخلت اللعبة ونضجت قصيدتي بما يكفي لأنظر إلى البدايات وأبتسم من فطريتها التي أحبّ».
** «أشكرك على هذا السؤال، فهو مهم بالنسبة لي، لقد كتبت روايتي في عمر الثانية والعشرين/2006/، ولكنها صدرت بعد سنوات ثلاث من ذلك/2009/. ليس لدي الكثير لأقوله في هذا المقام، فقط أقول إن الحياة أخذتني في هذا الاتجاه وأنا لم أقل لها لا. ولكني لم أكن أعي حين بدأت بكتابتها، أنني سأكتب رواية، ولم يكن في نيتي هذا الأمر. ولكن ما لبثت تجربة كتابة نص طويل "مقارنة بجو التكثيف الذي لطالما فرضته على كتابتي" أن أغرتني بالمتابعة، وشعرت أنني أمام مغامرة جديدة أحب أن أعيشها.
** قد تلعب أحداث الواقع جزءاً مما يسمّى الحالة، هذا بشكل عام، ولكن بالنسبة لي أستطيع أن أقول إن حالة الرواية التي أتتني هي حالة انسكاب حبري غزير، فرضت مساحات البياض الواسعة فور وصولها، وهو ما لم أعهده من قبل في الحالات التي كانت تسفر عن قصائد نثر تتسم بالتكثيف والقصر.
** «هذه لقطة مهمة أشهد لك بها، فعلم النفس يسكنني منذ يفاعتي، وقد قرأت فيه كتباً عديدة، حتى إن مقرر علم النفس في الصف الثالث الثانوي كان عزائي الوحيد وسط صعوبة باقي المقررات. وبطبعي أميل إلى تحليل الشخصيات والمواقف والتصرفات، لذا فتعاطيّ مع علم النفس عفوي غالباً. وأعترف أنني في (وانتهت بنقطة) كثيراً ما استحضرت علم النفس».
** «ربما صفة "جديدة" التي أطلقتها على المفردات لا تفي بالغرض الذي تقصده تماماً، فليس هنالك مفردات جديدة، لأن اللغة ملك للجميع، ولا توجد براءة اختراع مفردة تُمنح لشخص بعينه، إنما هنالك استخدامات جديدة. أما عن المفردات غير المألوفة، فأعتقد أن كل رواية تطرح المفردات التي يقترحها السياق، وهذا ما ألمحه في روايات كثيرة. ولكن بالطبع لدراستي أثرها في لغتي تماماً مثلما أنّ لأشياء كثيرة مرت في حياتي أثرها فيها».
** «لا أجد مسألة الفصل أساسية لا في الأدب ولا في الحياة. لست من مناصري المرأة حتى أنحاز وأقول هنالك لغة خاصة فيها. الأدب أدب سواء أكتبه رجل أو كتبته امرأة. ولكن بالعموم، الموضوع لا يعنيني كثيراً. ما يعنيني هو النص الجميل».
** «معك حق، حمص بيئة مغرية بالنسبة لكاتبة حمصية، ولاسيما أنها مدينة صغيرة والناس فيها يعرف بعضهم بعضاً، ونتيجة لهذا فإن العلاقات الناتجة غنية ولامعقولة أحياناً. ربما كثيراً ما تراودني فكرة أن أكتب عن لا معقولية العلاقات التي أراها هنا. ويدهشني تغيّر حيثيات كثيرة عبر السنوات، لكن أعتقد أنه سيمضي وقت ليس بالقليل قبل أن أكون مستعدة لهذا».
يذكر أن "نادين باخص" هي من مواليد /1984/ درست الأدب العربي في جامعة البعث، وتحضر بحثاً لنيل درجة الماجستير باختصاص دراسات نقدية وبلاغية، وعنوان بحثها "أثر الفكر الوجودي في اللغة الشعرية عند نزيه أبو عفش"، وتنشر الشعر والدراسات الأدبية حسبما ذكرت في صحف ومجلات محلية وعربية.