«الشعر أو كما يسميه البعض موسيقا الروح، هذا الصوت الآتي من أعماق الذات البشرية التي تتلوى بأنواعٍ شتى من المعاناة والحب والحنين، قصيدة مكتوبة بخفايا الوجدان تحاكي الوطن، تحاكي المرأة، تؤرخ الزمن، فالشعر هو أرشيف حياتنا وصورة واقعية نلتقطها لتسكن في ذاكرة التاريخ وتعبر عما يجول في أحاسيسنا».

بهذه الكلمات عبّر الشاعر "سلمان موسى" لموقع eHoms عن نظرته للشعر، وعن بداياته في كتابة الشعر، وتابع: «بدأت بكتابة الشعر في مرحلة الدراسة الإعدادية من خلال برنامج أقلام واعدة بشكل مستمر إلى منتصف السبعينيات، والحقيقة أن الشعر موجود في عائلتنا بشكل كبير حيث كان أجدادي ينظمون الشعر بشكل ارتجالي (على السليقة) وهو شعر موزون على السمع حيث كانوا يقولونه من دون كتابة، وأنا اخترت الشعر التقليدي لأنني أجد فيه نفسي بالإضافة إلى أنه تراث أنت تصعد إليه لتكتب به، وهناك سهولة في التعبير به وقابلية سماعه بموسيقاه الشعرية».

أغلب مشاركاتي في المناسبات القومية إضافة إلى بعض الأمسيات الشعرية في جامعة البعث والمراكز الثقافية، إلاّ أنني حالياً مُقل من الأمسيات الشعرية وليس لدي نية في نشر أي ديوان لي في المستقبل القريب، أما على المدى البعيد فلا أعرف ربما أغير رأيي

وعن الذين يتوجه الشاعر بكتابته إليهم يقول "موسى": «أكتب للوطن، لجيل الشباب، والغزل، إلا أنني أرجّح كفة الشعر الوطني، ربما لأننا مهما كتبنا عن الوطن لا نفيه حقه، كما أن الشاعر دائماً يمتلك في قلبه مخزوناً هائلاً من مشاعر الحب والولاء للوطن، وهذا المخزون يحوله الشاعر إلى قصائد وطنية، ثم إنّ لكل إنسان طريقته في التعبير والدفاع عن وطنه، وأعتقد أن طريقة الشاعر في الدفاع عن وطنه هي من خلال قصائده».

الشاعر سلمان موسى

وفي سؤالنا عن العلاقة التي تربط بين الشعر والنقد يبيّن الشاعر بأنها علاقة قوية، «فالشاعر قبل أن يكون شاعراً هو ناقد، وبالتالي فمن واجبه النقد البناء الذي يؤدي إلى تصحيح الأخطاء وتذليل العقبات، والشعر منذ القدم يرتبط بالنقد والعمل على إيقاظ النفوس المستسلمة للخضوع والذل متخذاً من اللوم والتشجيع والمقارنة وأمور كثيرة سبيلاً لتحقيق غايته، وباعتبار الشاعر ضليع بأصول الشعر وفروعه، وامتلاكه لثقافة لغوية وأدبية واسعة فهو سيسخرها لتكون مقياساً لما يكتب ومنيراً لما يريد إثباته من خلال الشعر، وهذا ما يزيد في قوة النقد الشعري بشكل مدروس وناتج عن معرفة بحقائق الأمور التي تأخذ منها التجربة حيّزاً كبيراً».

والشاعر يؤمن بأن هناك رسالة سامية للشعر يحاول تقديمها لجيل الشباب، حيث يقول: «أهم ما في الشعر أن تكتب لغاية، وأعتقد أن من أسمى الغايات تنوير جيل الشباب فهذا الجيل بحاجة للمعرفة والخبرة، ونحن دورنا (كشعراء) إيصال هذه المعلومات بطريقتنا التي إنْ أثرت يكون تأثيرها قوياً ومحفزاً على العمل والنشاط، وأهم ما بهذا الجانب توضيح دور العلم في ارتقاء الأمم، فالعلم كالسلاح في يد الإنسان يعطيه القوة في مجابهة أعدائه، ومن هنا كان دور الشعر في تنوير الجيل عظيماً».

أما عن الشعر الغزلي فيقول "موسى": «نادراً ما تجد شاعرا لم يتغنّ بالمرأة أو لم يكتب عنها، فالمرأة وثيقة الصلة بالشعر بل إنها تشبه الشعر إلى حدٍّ كبير، أضف إلى ذلك الإلهام والإيحاء الكبير الذي تعطيه المرأة للشاعر، وأعطي هنا مثالاً بسيطاً، عندما ترى شاباً طرق قلبه العشق تتحول حياته إلى قطعة من الشعر، فيصبح تفكيره ونمط حياته وطريقة كلامه مرتبطة بأشياء شاعرية وهذا يحصل في الواقع وجميع الناس يعرفون ذلك.

كما أنّ الشعر الغزلي يتذوقه الناس مثلما يرتشفون فنجان القهوة الصباحي، فهو لا يعرف عمراً أو جنساً، لذلك كان لزاماً على الشاعر إعطاء هذا النوع من الشعر الكثير من الاهتمام وإن اختلف التعبير ودرجة الاقتراب من جسد المرأة، والانتقاء الصحيح للكلمات التي تعبر بدقة واحترام عن هذا الجانب حتى لا ينحدر مستوى الشعر، وكي يظل محافظاً على برجه العاجي الذي يُطل منه على عشاقه».

أمّا عن مشاركاته الشعرية فيقول "موسى": «أغلب مشاركاتي في المناسبات القومية إضافة إلى بعض الأمسيات الشعرية في جامعة البعث والمراكز الثقافية، إلاّ أنني حالياً مُقل من الأمسيات الشعرية وليس لدي نية في نشر أي ديوان لي في المستقبل القريب، أما على المدى البعيد فلا أعرف ربما أغير رأيي».

ومن القصائد الوطنية اختار لنا الشاعر هذه الأبيات:

«إنّ الدماء تخط أسفار العلا/ لمّا على طهر الثرى تنساب

لا خير أن تغدو الدماء رخيصة/ كي لا يُدنّس بالخنوع تُراب

حَسِبَ الغزاة ولوج غزة نزهةً/ عبثيةً فيها هوىً وشرابُ

سارت جحافلهم يؤجج حقدها/ في الفلك من غربانهم أسرابُ

قصفوا أبادوا أحرقوا ذبحوا ولم/ تسلم ذوات الضرع والأعشاب

يكفيهم فخرٌ بأن نتاجهم/ في كل حدبٍ لوعةٌ وخراب

لكنّ آيات الصمود تفجرت/ حمماً وهذي للجناة عقاب».

والجدير بالذكر أن الشاعر "سلمان موسى" من مواليد حمص /1954/ بلدة "حديدة"، يعمل نائب رئيس جمعية سكنية في طرطوس، عمل سابقاً في النقل البري التجاري وهذا ما أعطاه فرصة زيارة عدد من البلدان العربية ما أغنى ينبوع الشعر في داخله.