يعتبرها البعض فكرة، وآخرون تهويمات وغيرهم نسبها لأجناس الفنون، والغالبية العظمى من صناعها اعتبرها تنفيس عن ضغوط في نفوسهم أو قلوبهم وحتى عقولهم. فتحت أية خانة تندرج الخاطرة الأدبية سواء كانت شعرية أو نثرية، وللإجابة عن هذا السؤال كانت آراء عديدة لمختصين وغير المختصين أولها للشاب "ميلاد بركات" الّذي اعتبرها بقوله: «هي حالة تفريغ للروح، نكتشف من خلالها كل ما كثف من مفردات كانت قد تراكمت» وأضاف لموقع eHoms عندما التقى به بالقول:

«ليس بالضرورة أن يكون قد مّرت بي أحداث لأكتب، وإنّما أعتقد بأن الخاطرة هي نتيجة تفاعلات غريبة غير محددة أصل من خلالها إلى هوية معينة بعيدة عن رقابة أحد وإذا كنت أعتبرها تفريغاً فهي نوع من ذلك لكل ما يسكن ساحات القلب والروح بها نحلق خلف أصداء من العشق، ونخترق بها الحدود وسند نتعلم به تجربة لغة أدبية معينة».

للأسف مهما كان نوع الخاطرة فهي قد تراجعت مع تقدم العصر، فقد استبدل الشباب أجندة المذكرات والخواطر بالهاتف المحمول والمسجلة الرقمية وغيرها ولم تعد الكتابة ملجأ للتعبير النفسي والعقلي والأخلاقي

وإذا كان الشرق بطبعه وعاداته يضع الحدود فإن الشرقيين امتهنوا الشعر منذ القديم ذلك الفن الذي لا يقتصر على الرجال وحدهم بل شمل النساء أيضاً، وشابات هذا العصر امتهن الخاطرة كغيرها من فنون وأدب كما تضيف الشابة "نورا بيطار" وتقول: «أحّس في لحظة ما أن بركان عارماً بداخلي ينتظر الخروج والبوح بتلك الحمم لكنّني في ذات اللحظة لا أجرؤ على نشرها أمام أناس قد يضحكون عليّ أو قد ينظرون لي نظرة ليست بجيدة إذا ما بحت بها، لذلك أفضّل أن أكتبها بدفتري الخاص وأصبّ عليه فرحي وغضبي وآمالي ورغباتي، وأعتقد أن الخاطرة التّي أكتبها هي أقرب إلى تنفيس ما داخلي، ولم أفكر في يوم من الأيام أن أنميها لتصبح فناً أدبياً».

الشابة "نورا بيطار"

للشباب رأيه وللشعراء رأيهم أيضاًَ حيث يصف الشاعر "جورج النبكي" الخاطرة بالقول: «إذا كانت تلك الكتابات الّتي يصنعها المرء لمجرد الكتابة دون أي غاية، فهي عندئذ لا تسّمى بالخاطرة وإنّما تسّمى "ومضات" أما إذا كُتبت بموقف ما لتعبّر عن هذا الموقف وعن رأي الشخص في تلك اللحظة فهي تصبح بذلك خاطرة وهي جنس من أجناس الأدب وقد يتحول لشعر أو نثر إذا اكتملت حسب شروط معينة بأن تكون ثابتة صالحة لكل الأزمنة». ويعتبر الشاعر "جورج" الخاطرة هي تسمية تطلق على نوع من الأدب والتسميات هي من صنع المجتمع حيث أن أجناس الفنون والأدب كلها واحدة ولكن دون دخول الكم والكيف فخواطر الناس مختلفة حسب ميولهم أي بعبارة أخرى كما يقول خواطر جبران خليل جبران ليست كخواطر شخص عادي أو ليست حتى كخواطر طالب لغة عربية.

وعن الجانب النفسي لمثل هذه الخواطر يتحدث الدكتور"حاتم البصيص" أستاذ في كلية التربية "مناهج وطرائق التدريس" وحاصل على دكتوراه في "الفلسفة" و"الأدب العربي": «أميل بالقول أن الخواطر بشكل عام هي كتنفيس عن رغبة أو انفعالات فالتجربة سواء كانت شعرية أو نثرية هي بالأصل تجربة شعورية فالشخص الذي يكتب كان يشعر بشيء أو عاش موقف معين وصادف قضية ألهبت خياله، ولم يمتلك الأدوات الأدبية المناسبة ليعبّر عنها بأكثر من الخاطرة فإذا كان لديه القدرة نظم الشعر والنثر».

الشاعر "جورج النبكي"

وعن تاريخ الخاطرة فيضيف: «للأسف مهما كان نوع الخاطرة فهي قد تراجعت مع تقدم العصر، فقد استبدل الشباب أجندة المذكرات والخواطر بالهاتف المحمول والمسجلة الرقمية وغيرها ولم تعد الكتابة ملجأ للتعبير النفسي والعقلي والأخلاقي».

الدكتور "حاتم البصيص"