الشعر موجود بقوة وحضوره لا أخشى عليه... المشاركة في مسابقة أمير الشعراء كانت من حقي كشاعر يعيش في وسط ثقافي يحاصر التجربة الحقيقية بالإهمال والتهميش... كثيرا من دور النشر تعيش على حساب الشاعر بعكس ما يشاع... باختصار لا أبالغ في طقوس الكتابة".
eHoms التقت الشاعر محمد علاء الدين عبد المولى وكان لها معه الحوار التالي:
-أين هو الشعر في الأدب العربي المعاصر جدا؟
" ما زال له دور السحر وتقديم المتعة الأنيقة للمتلقي... مع اختلاف دور الشعر ووظائفه وشكل تلقيه ولكنه موجود بشكل يبشر بالخير رغم كل الشكوى من انحداره وتراجعه... لا أرى الصورة قاتمة".
-أنجبت حمص العديد من الشعراء في مختلف الأزمنة مثل نسيب عريضة ووصفي قرنفلي وكانت هذه المدينة مميزة دائما بوصفها مدينة المثقفين هل هناك سر معين؟
"هناك سمة التتابع في الأجيال الشعرية بحمص... هاجس يصيب الجميع بالعدوى... تتلاقى الأجيال وتتصارع وتتنافر وقد تتصافى قليلا... ربما يتيح موقع حمص المتوسط الذي يجمع أمزجة ومشارب مختلفة وتيارات فكرية طبعت ذهنية الناس هنا، ربما يتيح هذا للشعر أن يكون معبرا عن كل ذلك... هناك أيضاً أشباح لشعراء مروا بحمص مثل المتنبي وأبي فراس وأبي تمام والمعري وديك الجن... هؤلاء تركوا في الزوايا والشوارع والحارات والنهر أصواتهم وتأملاتهم وخبراتهم وخلفوا للأبناء عبر القرون مبررا ليرثوا الشعر ويرضعوا جمرته مع حليب الأمهات..".
"لا شك أنني استفدت من هذه التجربة شيئا لا يمكن نكرانه. فهي أمنت لي فرصة إعلامية نادرة جدا وأوصلت اسمي وتجربتي إلى متابعين لا يمكن حصرهم... وهذا من حقي كشاعر يعيش في وسط ثقافي يحاصر التجربة الحقيقية بالإهمال والتهميش، المسابقة عرفتني أيضا على الصورة الأخرى لمجتمع النفط، صحيح أن المجتمع هناك يعاني من غربة روحية ومأزق في العلاقة مع الآخر، ولكن هذا من ضرائب الحداثة والمعاصرة والمدنية المتقدمة... لا شيء يأتي مجاناً ..."
" كلمة حق أريد بها باطل لماذا يطبعون شعر أدونيس ومحمود درويش طبعات متتالية؟ولماذا تقوم الآن دور نشر مخادعة بالسطو على كتب نزار قباني وتطبعها طباعة رديئة غير أخلاقية؟ لا شك أن الشاعر العربي بشكل عام يعاني من عدم التفرغ للكتابة والنشر ويضطر غالبا للعمل في مجالات عدة لتأمين مصروفه وتأمين حاجات أسرته، ولكن هذا لا يعني أن نبرر لدور النشر الإساءة للشاعر إن كثيرا من دور النشر تعيش على حساب الشاعر بعكس ما يشاع هم يعيشون على محمود درويش ونزار قباني وأدونيس ومظفر النواب والجواهري و...الخ"
-علمت بأنك تكتب القصيدة ذات البيت الواحد وهي تجربة فريدة جدا من نوعها حدثني عنها؟
"البيت الواحد كان يسمى في تراثنا القديم (اليتيم) والذي يقال بصورة عفوية كتعبير عن موقف أو انفعال أو رؤية أو... الخ الآن وجدت من المجدي أن أعيد الاعتبار لهذا البيت اليتيم ولكن بصورة مدروسة. لذلك اعتمدت على البيت الواحد المصرّع أي الذي ينتهي شطراه الأول والثاني بقافية واحدة وهو بالنسبة لي تمرين أساسي وحساس على الاختزال وتكثيف لغة القصيدة، إن كتابة القصيدة المؤلفة من بيت واحد شكلت لدي تجربة ممتعة وشاقة نظرا لما يعانيه الشاعر من ألم الاختزال وقول الشيء الكثير في بيت واحد... أريد أن أقول أخيرا إن جماليات البيت العربي لم تنفد بعد وما زال بالإمكان إعادة الشغل على هذه الجماليات والأسلوبيات القديمة بروح ورؤية حديثة بالمطلق...
من هذه الأبيات أقدم للقارىء ما يلي ليطلع عليها... علما أنها المرة الأولى التي أنشر فيها مثل هذه الأبيات التي بلغت حتى الآن مائتي قصيدة من بيت واحد. أي مائتي بيت...
غصّ المغنى وكانت كأسه حجرا
وكم تمنّى بها أن يجرح القمرا
أرى وتري يسهو كثيراً إذا حنّا
غداً أكملُ المعنى إذا ظلّ لي معنى
"لا وقت خاص للكتابة ... المهم أن يتحول العالم كله عندما تهجم اللحظة الشعرية إلى كائن صامت بالمطلق...، أكره الدخان خلال الكتابة وأراه معيقا للكتابة. ونادرا ما أتعاطى مشروبا روحيا أيضا خلال الكتابة... أتعاطى الموسيقى فقط بحيث تكون خلفية القصيدة التي أكتبها موسيقى... كلاسيكية أو شرقية، يجب أن أكون نظيفا أنيقا بالحدود المطلوبة عندما أكتب.. باختصار لا أبالغ في طقوس الكتابة".
من الجدير بالذكر أن الشاعر ولد في 28/5/1965، في حي الصفصافة (مدينة حمص). أول قصيدة كتبها في صيف عام 1980 ومنذ تلك اللحظة ارتبط كيانه بالشعر فانشغل به عن التعليم ومتابعة التحـصيل العلمي فلم يدخل جامعة. بدأ النشر منذ عام 1982.ويذكر أن أول قصيدة نشرها كانت بعنوان (وردة الجرح).