مجموعةٌ من الفنانين السوريين الذين يحملون فكراً موسيقياً متميّزاً، إلى جانب شهاداتهم العلميّةِ العالية، يقّدِّمون الموسيقا على اختلافِ مشاربِها ضمنَ لوحةٍ واحدةٍ تشبه الفنَّ السوريَّ العتيقَ من خلال فرقةِ "موزاييك" التي حافظت على نسقٍ غنيٍّ وفريدٍ من الأصالةِ والتجديد.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتور "ماريو بطرس" قائد الفرقة ومؤسسها، ليعرّفنا على فكرة التأسيس وتفاصيلها، فقال: «أعودُ بالذاكرة إلى مرحلة الدراسة الثانوية، حيث كنت مشاركاً ضمن فرقة مدرسة "الأمل" الموسيقية، حينها أشرفَ علينا المدرِّسُ "سلام الوعري" صاحبُ الدورِ الأبرزِ في زرع فكرة إنشاءِ فرقةٍ موسيقيةٍ تقدِّم الموسيقا بأسلوبٍ جديد، نظراً لما لمسَهُ لدينا من رغبةٍ في ذلك، سبق تلك المرحلة وجودي وشقيقي "وسيم" مع معلمنا الموسيقي "عبدو طنوس" الذي تتلمذنا على يديه مُذ كنا في السابعة من العمر، حيث كنا نشاركه في بعض الأمسيات الموسيقية التي يقدَّمها على آلتي "البيانو"، و"الأورغ"، تشجيعه المستمر لنا بضرورة إيجاد منبرٍ خاصٍ بنا نقدَّم فيه ما نطمح إليه، منطلقاً من إيمانه بقدراتنا وبالفكر الذي نودُّ إيصاله، وبعد انتقالنا للعيش خارج مدينة "حمص" بفعل التهجير مع اندلاع الأحداث فيها، استمر حلم قيام الفرقة يراودني ليصبحَ حقيقةً مع وجود زملاء الدراسة إلى جانبي حينها، كان الأمر بدايةً في غاية الصعوبة مع عدم وجود رعاة وداعمين لفكرتنا، وللعمل الذي نريد تقديمه، لكن كان هناك من آمن بنا مثل الفنانة النحَّاتة "أوديت ديب" مديرة المركز الثقافي في "مرمريتا" التي آمنت بمواهبنا وبالإصرار الذي نملكه على تقديم الموسيقا بقالبٍ جديدٍ متميّز، حيث وفَّرت لنا مكاناً للتدرِّب ضمن المركز، وساعدتنا على إحياء أولى حفلاتنا على خشبة مسرح المركز كفرقةٍ مكتملة من أحد عشر عازفاً معلنين انطلاقتها بتاريخ 23 آب 2012».

كعازفٍ على آلة "الكمان" ومنسِّق للعلاقات العامة في الفرقة، يمكنني القول بأنَّ "موزاييك" هي عائلتي الثانية، فكمية الحبّ والاحترام والتفاهم الموجودين بين أفرادها يعطي ذلك الشعور لكلِّ منتمٍ لها، عدا عن الإحساس العالي بالمسؤولية تجاه الموسيقا التي تقدِّمها للجمهور من كلِّ فردٍ فيها، والطموح اللامحدود بتقديم الأفضل والأحدث دوماً، ما وصلت إليه الفرقة كان نتيجة جهودٍ مكثَّفة بذلها الجميع بكلِّ محبةٍ وإخلاص، وشخصياً اكتسبت الكثير من الخبرة الموسيقية والصداقات التي أعتز بها

ويضيف عن المرحلة اللاحقة، وأهم مشاركات الفرقة: «بعد إحيائنا عدة حفلات موسيقية من تنظيمنا الخاص وتأمين بعض الجهات الراعية لعملنا، أخذ اسم الفرقة في إثبات وجوده ضمن مدينة "حمص"، وجاءت مشاركتنا الرسمية الأولى ضمن فعاليات مهرجان "القلعة والوادي" في عام 2014، والتي توالت لثلاثة أعوامٍ لاحقة، حينها بدأ الجمهور يتلمس ذائقة الموسيقا التي نقدِّمها، والتي عكست رغبتنا في تقديم أنماطها المتنوعة ومن ثقافاتٍ مختلفة حول العالم بقالبٍ موسيقيٍ جديدٍ كلِّياً، وتوالت المشاركات لاحقاً في مناسباتٍ عدَّة أهمها احتفالية "يوم السلام العالمي" على مسرح "دار الأوبرا" في "دمشق" بالتعاون مع جوقة "مار أفرام السرياني" عام 2018، ومهرجان "الشام بتجمعنا" في العام نفسه، عدا عن وجودنا في المهرجانات الموسيقية والثقافية التي كانت تقام في مدينة "حمص" بدعوةٍ من نقابة الفنانين ومديرية الثقافة فيها، ومن بعض الكنائس والملتقيات الثقافية أيضاً، كما كان لنا مشاركة في أسبوع الموسيقا الثاني بمدينة "بانياس" عام 2014، أمَّا أهم مشاركاتنا الخارجية فكانت هذا العام ضمن مهرجان "التبادل الثقافي الدولي" في جمهورية "رومانيا" بدعوةٍ رسميةٍ من السفارة السورية هناك، حيث قدَّمنا حفلتين موسيقيتين فيها، وكانت من أجمل تجاربنا الفنِّية في ظلِّ وجودنا مع فرقٍ موسيقيةٍ يحمل كلٌّ منها تراثاً وفكراً موسيقياً خاصَّاً به، كلُّ ذلك أعده شخصياً مكسباً وخبرةً كبيرين للفرقة مجتمعة ما يدفعها لتقديم الأفضل موسيقياً».

الدكتور ماريو وشقيقه الدكتور وسيم

الدكتور "وسيم بطرس" من المؤسسين، ومايسترو الفرقة قال: «"موزاييك" بالنسبة لي مع شقيقي "ماريو" هي ذاك الحلم الذي يشبهنا، كبر رويداً رويداً حتى أصبح حقيقةً جميلةً يتحدث عنها الجميع بكلِّ محبّةٍ، لم يكن هدفنا فقط هو عزف الموسيقا للجمهور، بل أردنا من خلالها -وبوجود جميع أفرادها المتميزين من ناحية الفكر الموسيقي والتحصيل العلمي العالي-، إيصال رسالةٍ مفادها بأنَّ الشباب السوري هو سفير السلام والحياة بعكس ما صوِّر للعالم خلال السنوات الماضية، هذا بالذات لمسناه خلال مشاركة الفرقة في مهرجان "SIBIU" لموسيقى الجاز الذي أقيم في "رومانيا" عام 2017 حيث تزامنت حفلتنا فيه مع إعلان "حمص" مدينةً خاليةً من الإرهاب حينها، والأكثر فرحاً هو حديث الصحافة هناك عن تلك المصادفة بين وجود شبابٍ يقدِّمون الموسيقا بالتوقيت نفسه الذي يعلن خلاص مدينتهم من عذابها، أذكر ذلك لأنَّ هذه المشاركة للفرقة بالنسبة لي حفرت ذكراها عميقاً في وجداني، ما قدَّمته "موزاييك" من مزجٍ متناغم للثقافات الموسيقية بتوزيعٍ موسيقيٍ متطورٍ وغريب عن بقية الفرق الموسيقية أعطاها برأيي المكانة التي وصلت إليها والبصمة الخاصة بها».

"علي ونوس" طالبٌ في كلية الصيدلة، وأحد أعضائها يقول: «كعازفٍ على آلة "الكمان" ومنسِّق للعلاقات العامة في الفرقة، يمكنني القول بأنَّ "موزاييك" هي عائلتي الثانية، فكمية الحبّ والاحترام والتفاهم الموجودين بين أفرادها يعطي ذلك الشعور لكلِّ منتمٍ لها، عدا عن الإحساس العالي بالمسؤولية تجاه الموسيقا التي تقدِّمها للجمهور من كلِّ فردٍ فيها، والطموح اللامحدود بتقديم الأفضل والأحدث دوماً، ما وصلت إليه الفرقة كان نتيجة جهودٍ مكثَّفة بذلها الجميع بكلِّ محبةٍ وإخلاص، وشخصياً اكتسبت الكثير من الخبرة الموسيقية والصداقات التي أعتز بها».

مع الدكتور وليد عثمان السفير السوري في رومانيا

الدكتورة "هيا عبود" خريجة من كلية الصيدلة، ومن الجيل الأول للفرقة قالت: «كنت كمغنِّيةٍ هاوية مذ انطلقت فكرة التأسيس مع الدكتور "ماريو بطرس" قبل سبع سنوات، وما يميّز "موزاييك" أنها استطاعت جمع الأرواح الموسيقية لكلِّ عضوٍ من أعضائها في روحٍ موسيقيةٍ واحدة، عكست ذلك من خلال ذاك المزج الرائع بين النمط الشرقي والغربي للموسيقا، وإخراجها بقالبٍ محبَّبٍ وبصورةٍ بصريةٍ وسمعيةٍ مختلفة، وخاصة عند المتلقِّين، وأذكر مشاركتنا في مدينة "اللاذقية" ضمن مهرجان "عيش سورية" عام 2017 في الهواء الطلق، حيث شعرت بكمية الحبّ والإعجاب من الجمهور الكبير الذي كان حاضراً للموسيقا التي قدمناها، تعلَّمت الكثير معها إضافةً لتعلمي الذاتي لأصول الغناء والموسيقا، لكي أكون مجاريةً للرسالة التي عملت الفرقة على إيصالها عبر موسيقاها التي تشبه شخصيتي الفكرية والموسيقية».

أخيراً نذكر بأنّ فرقة "موزاييك" تضمُّ العديد من العازفين، منهم خريجو المعهد العالي للموسيقا، وطلبة في كليات الطب والهندسة والتربية الموسيقية.

الدكتورة هيا عبود